خواص البَسْمَلَةُ الشَّرِيفَةُ وَهي :
"تِسْعَةَ عَشَرَ حَرَفاً" علَى عَدَدِ الملائِكَةِ الْمُوَكَّلِين بِالنَّارِ، وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِها رُزِقَ الْهَيْبَةَ عِنْدَ العَالَم العُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، وَهِيَ التي أَقَامَ اللهُ بِهَا مُلْكَ سُلَيْمَانَ عَلَيْه السَّلام، فَمَنْ كَتَبَها سِتّمِائَةِ مَرَّة وَحَمَلَها مَعَهُ رُزِقَ الهيبةَ فِي قُلُوبِ الْخَلائِقِ .
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِيْنَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ كَتَبَ الْبَسْمَلَةَ سِتَّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَحَمَلَها مَعَهُ كَسَاهُ اللهُ هَيْبَةً عَظِيمَةً، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَنَالَهُ بِسُوءٍ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى، وَقدْ جُرِّبَ ذَلِكَ وَصَحَّ .
وَمِنْ خَوَاصِّها : كَمَا قَالَ بَعْضُهُم أَنّ مَنْ كَتَبَها فِي وَرَقَةٍ أَوَّل يَومٍ مِنْ الْمُحَرَّمِ مِئَةً وَثَلاثَةَ عَشَرَ مَرَّةً، وَحَمَلَها لَمْ يَنَلْهُ مَكْرُوهٌ مُدّةَ عُمُرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْخَاصِيَّةُ فِيمَا يُفْعَلُ أَوَّل يَومٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ .
وَمِنْ خَوَاصِّها : مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِيْنَ أَنّهُ قَالَ: مَنْ قَرَأَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ اثْنَتَيْ عَشَرَ أَلْفَ مَرَّةٍ آخِرَ كُلَّ أَلْفٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي علَى النَّبِيِّ، وَيَسْأَلُ اللهَ حَاجَتَه ثُمَّ يَعُودُ إلى القِرَاءَةِ فَإِذَا بَلَغَ الألْفَ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ إلى انْقَضَاءِ العَدَدِ الْمَذْكُورِ مَنْ فَعْلَ ذَلِكَ قُضِيَتْ حَاجَتُه كَائِنَةً مَا كَانَتْ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى .
وَمِنْ خَوَاصِّها : إِذَا تَلا علَى الشَّخْصِ عدَدَ حُرُوفِهَا بِالْجُمَلِ الْكَبِيرَةِ سَبْعَمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَثَمانِينَ مَرَّةً، سَبْعَةَ أَيّامٍ مُتَوَالِيَة، علَى نِيَّةِ أَيِّ أَمْرٍ كَانَ تَمَّ لَهُ ذَلِكَ الأَمْرُ مِنْ جَلْبِ خَيْرٍ، أَوْ دَفْعِ شَرٍّ، وَترْوِيْجِ بِضَاعَةٍ فَإِنَّها تُرَوَّجُ بِإِذْنِ اللهِ، وَمعَنْى ترْوِيجُ البِضَاعَةِ نُفُوقُها- وَرَاجَتِ الدَّرَاهِمُ- تَعَامَلَ النَّاسُ بِهَا وَرَاجَ رَوَاجَاً: نَفَقَ .
وَمِنْ خَوَاصِّها: أنَّ مَنْ قَرَأَهَا بِعَدَدِ حُرُوفِها الْمَذْكُورة، وصَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بِثَلاثِ تَسْلِيمَاتٍ؛ يَقْرَأُ فِي كُلّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ ﴿أَلَمْ نَشْرَح﴾. خَمْسَةَ عَشَرَ مَرَّةً، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بفضل ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَأَسْألُكَ بِعَظَمَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَأَسْألُكَ بجلال وَثَنَاءِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَأَسْألُكَ بِهَيْبَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَبِحُرْمَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَبِجَبَرُوتِ وَمَلَكُوتِ وَكِبْرِيَاءِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَبِعِزَّةِ وَقُوَّةِ وَقُدْرَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، اِرْفَعْ قَدْرِي، وَيَسِّر أَمْرِي، وَاجْبُر كَسْرِي، وَأغْنِ فَقْرِي، وَأَطِلْ عُمُرِي، بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ، يَا مَنْ هُوَ ﴿كهيعص﴾. ﴿َحم عسق﴾. ﴿الم﴾. ﴿المر﴾. ﴿حم﴾. بِسِرِّ اسْمِ اللهِ الأَعْظَمِ ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الأَكْرَمُ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، أَسْألُكَ بِجَلالِ الْهَيْبَةِ، وَبِعِزِّ العِزَّةِ، وَأَسْألُكَ بِكِبْرِيَاءِ العَظَمَةِ وَبِجَبَرُوتِ القُدْرَةِ؛ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الذينَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، وَأَسْألُكَ بِدَوَامِ البَقَاءِ، وَضِيَاءِ النُّورِ؛ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الصَّالِحِيْنَ، وَأَسْألُكَ بِحُسْنِ البَهَاءِ، وَبِإِشْرَاقِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ؛ أَنْ تُدْخِلَنِي بِرَحْمَتِكَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وصَلَّى الله علَى سَيِّدنا مُحَمَّد وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَصَلَ لَهُ مَا طَلَبَهُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى .
وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: أَنْ مَنْ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ مِئَةً وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَرَّةً قُضِيَتْ حَاجَتُه كائنةً مَا كَانَت وَهو دعاء الْبَسْمَلَة وَهو هذا :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِفَضْلِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. وَبحق ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. وبهيبة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.، وبمنزلة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ، اِرْفَعْ قَدْرِي وَيَسِّرْ أَمْرِي، وَاشْرَحْ صَدْرِي يَا مَنْ هُوَ ﴿كهيعص﴾. ﴿َحم عسق﴾. ﴿ألم﴾. ﴿المر﴾. ﴿حم﴾. ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾. بِسِرِّ الْهَيْبَةِ وَالقُدْرَةِ، وَالْجَبَرُوتِ وَالعَظَمَةِ، اجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الْمُتَّقِينَ، وَأَهْلِ طَاعَتِكَ الْمُحِبِّينَ، وَافْعَلْ كَذا.. يَا رَبَّ العَالَمِينَ ، وصَلَّى الله علَى سَيِّدنا مُحَمَّد وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
ومِمّا يَدُلُّ علَى فَضْلِ الْبَسْمَلَة ، مَا ذَكَرَهُ العَلاَّمَةُ الْخطِيبُ فِي مُقَدِّمَتِهِ عَلَيها حَيْثُ قَالَ: رُوِيَ أَنَّهُ أَوَّل مَا نَزَلَ علَى آدَمَ عَلَيْه السلام (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، فَجَعَلَ يُكْثِرُ تِلاوَتَها فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِ وَغَفَرَ ذُنُوبَهُ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى نُوحٍ عَلَيْهِ السلامُ وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ فَاسْتَوَتْ علَى الْجُودِيِّ، ثُمَّ رُفِعَتْ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السلام فِي كَفَّةِ الْمِنْجَنِيقِ، فَجَعَلَ اللهُ تَعَالى عَلَيْه النَّارَ برْدَاً وَسَلامَاً ثُمَّ رُفِعَتْ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى مُوسَى عَلَيْه السَّلام، فَقُهِرَ فِرْعَونُ وَجُنُودُهُ بِها، وَبها فُلِقَ البَحرُ لَهُ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى سُلَيمانَ عَلَيْهِ السلامُ فَطَوَّعَ اللهُ تَعَالى لَهُ جَمِيعَ الإِنْسِ وَالجِنِّ وَالطَّيْرِ بِها فلا يَقَرؤُها علَى شَيءٍ إلاَّ طَوَّعَهُ اللهُ تَعَالى لَهُ فِي الوَقْتِ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى عِيسَى عَلَيْه السَّلامُ، فَكَانَ بِها يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ، وَكَانَ بِها يُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى نَبِيّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ تَعَالى عَلَيْه وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ لَهُ فَتْحَاً عَظِيمَاً، وَأَقْسَمَ اللهُ تَعَالى أنْ لا يُسَمِّي بِهَا مُؤْمِنٌ علَى شَيْءٍ إلاَّ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَلاَ يَقَرَؤُهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ r وَهُوَ يَطْلُبُ حَاجَةً إلاَّ قَضَى اللهُ حَاجَتَهُ كَائِنَةً مَا كَانَتْ.
وَمِنْ خَوَاصِّها : أنَّ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ النَّوْم إِحْدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً أَمَّنَهُ اللهُ تَعَالى في تِلْكَ اللَّيلَةِ مِنَ الشَّيْطانِ، وَمِنَ السَّرِقَةِ، وَمِنْ مَوْتِ الفُجَاءَةِ، وَيدْفَعُ عَنْه كُلّ بَلاءٍ.
وَإِذَا قُرِئَتْ فِي وَجْهِ الظَّالِمِ خَمْسِينَ مَرَّةً أَذَلَّهُ اللهُ. وَمَا قُرِئَتْ علَى أَيِّ وَجَعٍ كَانَ مِئَةَ مَرَّةٍ مُدَّةَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إلاَّ زَالَ ذَلِكَ الوَجَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى.
وَمِنْ خَوَاصِّها الْمحَبَّةُ وَالْمَوَدَّةُ: مَنْ تَلاهَا بِعَدَدِها الْمُتَقَدِّمِ سَبْعَمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَثمانِينَ مَرَّةً علَى قَدَحٍ مِنَ الْمَاءِ وَسَقَاهَا لِمَنْ شَاءَ أَحَبَّهُ حُبَّاً شَدِيدَاً.
وَإِذَا شَرِبَ بَلِيدَ الفَهْمِ مِنْ ذَلِكَ الماءِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُدَّةَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ زَالَتْ بَلادَتُهُ، وَحَفِظَ كُلَّ مَا سَمِعَهُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى..
وَمِنْ خَوَاصِّها لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالدُّخُولِ علَى الحُكَّامِ إذَا أرَدْتَ ذَلِكَ فَصُمْ يَومَ الْخَمِيسِ وَأَفْطِرْ علَى الزَّيْتِ، أَوِ التَّمْرِ، وَصَلِّ الْمَغْرِبَ وَاقَرَأْهَا مِئَةً وَإِحدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً، وَبعْدَ ذَلِكَ صَلِّ العِشَاءَ، ثُمَّ نَمْ وَاقَرَأْهَا مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ حَتَّى يَغلِبَ عَلَيْكَ النَّوْمُ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ يَومَ الْجُمُعَةِ فَصَلِّ الصُّبْحَ وَاتْلُها العَدَدَ الْمَذْكُورَ، وَاكْتُبْها وَاحْمِلْها فَوَاللهِ الذي لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ مَا فَعَلَها رَجُلٌ أَوِ امْرَأةٌ إلاَّ وَصَارَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ كالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَكَانَ عَزِيزَاً مُهَاباً وَجِيهَاً مُطَاعاً، وَكُلُّ مَنْ رَآهُ أَحَبَّهُ وَمَالَ إِلَيْهِ بِطَبْعِهِ، وَألقَى اللهُ حُبَّهُ فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَصِفَةُ كِتَابَتِهَا هَكَذا: [ب س م ا ل ل ه ا ل ر ح م ن ا ل ر ح ي م] وَتكُونُ الكِتابَةُ مِنْ غَيرِ طَمْسٍ وَكِتَابَةُ الأحرُفِ مُفَرَّقةً عَنْ بَعْضِهَا.
وَإذا كُتِبَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ مَرَّةً وَحَمَلَتْهَا مَنْ لا يَعِيشُ أَوْلادُها عَاشُوا ، وَقَد جُرِّبَ ذَلِكَ فَصَحَّ وَاللهُ علَى كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ.
وَإذا كُتِبَتْ فِي وَرَقَةٍ مِئَةَ مَرَّةٍ وَواحِدَةً وَدُفِنَتْ فِي الزَّرْعِ خَصِبَ ذَلِكَ الزَّرْعُ، وَحُفِظَ مِنْ جَمِيعِ الآفَاتِ وَحَصَلَتْ فِيهِ البَرَكَةُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى..
وَإذا كُتِبَتْ فِي لَوْحٍ مِنْ رَصَاصٍ وَوُضِعَتْ فِي شَبَكَةِ الصَّيَّادِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ السَّمَكُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ.
وَمَنْ كَتَبَ: (الرَّحْمَن الرَّحِيم) خَمْسَمِئَةِ مَرَّةٍ فِي وَرَقَةٍ وتَلَى عَلَيْهَا الْبَسْمَلَةَ مِئَةً وَخَمْسِينَ مَرَّةً وَحَمَلَها وَدَخَلَ علَى سُلْطَانٍ أَوْ جَبَّارٍ أَمِنَ مِنْ شَرِّهِ، وَلاَ ينالُه مَكْرُوهٌ.
وَمَنْ كَتَبَ: (الرَّحِيم) فِي وَرَقَةٍ مِئَةً وَتسعين مَرَّةً وَحَمَلَها وَدَخَلَ بِهَا مَعْرَكةَ الْحَرْبِ لاَ يَعمَلُ فِيهِ سِلاحٌ وَلاَ يَحْصُلُ لَهُ ضَرَرٌ.
وَمَنْ كَتَبَها فِي وَرَقَةٍ إحدى وَعشرين مَرَّةً وَعَلَّقَهَا علَى صَاحِبِ الصُّدَاعِ نَفَعَهُ، حُكِيَ عَنْ عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلى اللهِ فَلْيَصُمِ الأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ وَالْجُمُعَةَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اغْتَسَلَ وَذهب إلى الجامِعِ وَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، فَإِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ قَالَ بَعْدَهَا: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِاسْمِكَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾. [البقرة، 255] الذي عَنَتْ لَهُ الوُجُوه وَخَشَعَتْ لَهُ الأَصْوَاتُ وَوجِلَتِ القُلُوبُ مِنْ خَشْيَتِهِ، أَسْألُكَ أن تُصَلِّي وَتُسَلِّم علَى سَيِّدنا مُحَمَّد وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَأنْ تَقْضِيَ حَاجَتِي، وَيُسَمِّيَهَا، وَكَانَ يَقُولُ: "لا تُعَلِّمُوهَا سُفَهَاءَكُمْ فَيَدْعُو بَعضُهُم علَى بَعْضٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ فِي الوَقْت.
وَمَنْ أَرَادَ قَمْعَ كُلِّ جَبَّارٍ فَلْيَكْتُبْ جَدْوَلَ الْبَسْمَلَةِ فِي قِطْعَةِ رَصَاصٍ، وَيضَع اسْمَ مَنْ يُرِيد فِي الوِفْقِ، وَيُبَخِّرهُ بِالحِلْتِيتِ وَالثُّومِ الأَحْمَرِ، وَيدْفِنها قَرِيبَاً مِنْ نَارٍ دَائِمَةِ الوَقُودِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَلْحَقَ النَّارُ الرَّصَاصَ فَإِنَّ الْمَعْمُولَ لَهُ يَهْلِكُ وَأَنْتَ الْمُطَالَبُ بِهِ بَينَ يَدَيِ اللهِ وَهَذِهِ صِفَةُ الوِفْقِ.
وتقرأ هذا الدُّعَاءَ عَلَيْهِ تَقُولُ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الأَعْظَمِ وَهُوَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، الذي عَنَتْ لَهُ الوُجُوهُ وَخَشَعَتْ لَهُ الأَصْوَاتُ وَوَجِلَتْ مِنْ خَشَيَتِهِ القُلُوبُ؛ أَنْ تُصَلِّي وَتُسَلِّمَ علَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأنْ تَقْضِي حَاجَتِي فِي (فُلان) "اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعَلَمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَمَّا هُوَ فَيِهِ فَاهْدِهِ وَوَفِّقْهُ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِ بَلاءَكَ وَسَخَطَكَ وَغَضَبَكَ وَأَهْلِكْهُ يَا قَاهِرُ يَا قَهَّارُ، يَا قَادِرُ يَا مُقْتَدِرُ، يَا أللهُ". [سَبْعَ مَرَّاتٍ]، وَادْعُ بِذَلِكَ سَبْعَمِائَةِ مَرَّة، فَإِنَّ الظَّالِمَ إِمَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ظُلْمِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَهْلِكَ سَرِيعَاً فَاتَّقِ اللهَ فِي ذَلِكَ وَيُروَى أَنَّ مَنْ كَتَبَ هَذَا الْجَدْولَ فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنَ الْجُمُعَةِ وَقَرَّبَهُ مِنَ النَّارِ، فَإِنَّ الْمَعْمُولَ لَهُ يَهْلِكُ، وَلاَ يَحْتَاجُ إلى الدُّعَاءِ الْمُتَقَدِّم.
وقَالَ العلاَّمَةُ "زَرُّوقُ" فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى وَإِنْ أرَدْتَ تَدْمِيرَ الظَّالِمِ وَالفَاسِقِ فَاكْتُبْ جَدْوَلَ الْبَسْمَلَةِ فِي لَوْحِ رَصَاصٍ، وَضَع اِسْمَ الْمَذْكُورِ حَوْلَ الخَاتَمِ وَبَخِّرْهُ بِحلْتِيتٍ وَزرْنِيخٍ أَحْمَرَ، وَالْخَاتَمُ حَوْلَ النَّارِ. وَإيَّاكَ أنْ تَلْحَقَ النَّارُ الْخَاتَمَ فَيَهْلِكَ .. فَتُحَاسَبُ بَينَ يَدَيِّ اللهِ عزَّ وجَلَّ.
وَهَذا هُوَ الدُّعَاءُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِاسْمِكَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ﴿الذي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾. وَأَسْألُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾. الذي مَلأَتْ عَظَمَةُ كُرْسِيِّهِ السَّمَوَاتِ. وَأَسْألُكَ بِاسْمِكَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، الذي عَنَتْ لَهُ الوُجُوهُ وَخَشَعَتْ لَهُ الأَصْوَاتُ، وَوَجِلَتْ منه القُلُوبُ، أنْ تُصَلِّي وَتُسَلِّمَ علَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَأنْ تَقْضِي حَاجَتِي فِي هَلاكِ (فلان) ["يَا قَاهِرُ يَا قهَّارُ، يَا قَادِرُ يَا مُقْتَدِرُ، يَا مُنْتَقِمُ يَا أللهُ"، سَبْعَ مَرَّاتٍ] تَدْعُو بِالدُّعاءِ سَبْعَماِئَةِ مَرَّة فإنَّ الظَّالِمَ يَهْلِكُ لأَنَّهُ دُعَاءٌ مُسْتَجابٌ، وَهِذِهِ صِفَةُ الْخَاتَمِ الْمَذكُورِ وَهُوَ غَيْرُ الأوَّل.
قَالَ الدِّيْربي: وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ كُلَّ خَيْرٍ وَيُصْرَفَ عَنْهُ كُلَّ ضَيْرٍ، وَيَسْتَجِيبَ اللهُ دُعَاءَهُ، وَيَكْسُوهُ هَيْبَةً عَظِيمِةً فَلْيَدُمْ كُلَّ يَومٍ علَى سَبْعَةٍ وَثمانينَ وَسَبْعِمِئَةٍ مِنَ الْبَسْمَلَةِ، وَيُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ علَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَينِ وَثَلاثِينَ وَمِئَة.
وَيُرْوَى: أنَّ مَنِ اسْتَدامَ علَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِئَةً مِنَ الْبَسْمَلَةِ مَسَاءً وَصَبَاحَاً، وَإِنْ أَتَمَّ العَدَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِعَدَدِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ، وَعَدَدِ سُوَرِهِ، وَعَدَدِ آيَاتِهِ، ارْزُقْنِي مَحَبَّتَكَ، وَخَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَة" أَوْ "كذا وَكذا" رَزَقَهُ اللهُ مَا أَرَادَ وَقَيَّدَ عَلَيْه النِّعَمَ، وَقَيَّدَ عَنْه النِّقَمَ، وَهذا العَدَدُ يُتْلَى لِلضَّالَّةِ وَالآبِقِ وَنَحْوِهِ.
وَمَنْ دَوَامَ عَلَيْه قُضِيَتْ حَاجَتُهُ دُنْيَا وَآخِرَةً، وَإذا أرَدْتَ أَنْ تَفْضَحَ شَخْصَاً بِحَدِيثٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَاقْرَأ البَسْمَلَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَصِلِ الثَّانِيَةَ مِنْهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ مَرَّةً وَاقْرَأ الإِخْلاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً وَاقْرَأْ الْبَسْمَلَة مَرَّةً: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الذينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلَاً بِمَا كَانَوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الذينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾. [السجدة، 20] وَكَرِّرْ ﴿فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾. وَانْوِ مَا أرَدْتَ وَقُلْ: "يَا أَهْيَا شَرَاهْيَا" سَلِّطْ علَى (فُلانِ ابنِ فُلان) فَضِيْحَةً وَمَنْ ظَلَمَنِي أَوْ مَنْ أَرَادَ ظُلْمِي.
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يُرَدُّ دُعَاءٌ أَوَّلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَعَنْه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَجَوَّدَهَا تَعْظِيْمَاً للهِ تَعَالى غَفَرَ اللهُ لَهُ.
وعَنْ عَلِيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنه نَظَرَ إلى رَجُلٍ يَكْتُبُ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فقَالَ جَوِّدْهَا، فَإِنَّ رَجُلاً جَوَّدَهَا فَغُفِرَ لَهُ. [القرطبى فى التفسير، 1: 91].
وَرُوِيَ: أَنَّ قَيْصَرَ مَلِكَ الرُّومِ كَتَبَ إلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ بِي صُدَاعَاً لاَ يَسْكُنُ؛ فَأَنْفِذْ إِلَيَّ شَيْئَاً مِنَ الدَّوَاءِ! فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ قُلُنْسُوةً، فَكَانَ إِذَا وَضَعَهَا علَى رَأْسِهِ سَكَنَ مَا بِهِ، وَإِذَا رَفَعَهَا عَادَ إِلَيهِ الوَجَعُ، فَتَعَّجَبَ مِنْ ذَلِكَ، وَفَتَّشَ الْقُلُنْسُوةَ؛ فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لاَ سِوَاهَا. فقَالَ: "مَا أَكْرَمَ هَذَا الدِّينَ وَأَعَزَّهُ، شَفَانِي اللهُ بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُ". فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ.
وروى أهلُ الحديثِ والسِّيرةِ برِوَاياتٍ صَحِيحةٍ: أَنَّ خَالِدَ بن الْوَلِيدِ لَمَّا أَتَى الْحِيرَةَ، قالوا له: اِحْذَرِ السُّمَّ لا تُسْقِيكَهُ الأعَاجِمُ! فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى بَنِي الْمُرَازِبَةِ بَعَثُوا إِلَيْهِ عَبدَ الْمَسِيحِ وَمَعَهُ سُمُّ سَاعَةٍ، فقالَ لهُ خالدٌ: هاتِهِ! فَجَعَلَهُ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ فَاقْتَحَمَهُ فَلَمْ يَضُرّهُ بإذنِ اللهِ شَيْئٌ. فَانْصَرَفَ عبدُ المَسِيحِ إلى قَوْمِهِ فقَالَ: يَا قَومِ أَكَلَ سُمَّ سَاعَةٍ فَلَمْ يَضُرّهُ، صَالِحُوهُمْ فَهَذا أَمْرٌ مَصْنُوعٌ لَهُمْ.
وفِي رواية: قال: "بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، ربِّ الأرضِ والسَّماءِ، بِسْمِ اللَّهِ الذي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ.([1])
وعَنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ: أنَّ مَنْ رَفَعَ قِرْطَاسٍاً مِنَ الأَرْضِ فيهِ اسْمُ اللهِ تَعَالى إِجْلالاً لَهُ أَنْ يُدَاسَ اسْمُهُ؛ كُتِبَ عِنْدَ اللهِ مِنَ الصِّدِّيقِينَ.
وَعَن الشَّيْخِ بِشْرِ الْحَافِي نَفَعَنْا اللهُ بِهِ أَنَّهُ وَجَدَ رُقْعَةً فِي الأَرْضِ فيها: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فَأَخَذَهَا، وَكَانَ مَعَهُ دِرْهَمانِ، لاَ يَمْلِكُ غَيرَهُما فَاشْتَرى بِهِمَا غَالِيَةً، وَطيَّبَ بها الرُّقْعَة، فرأى فِي منامه الْحَقَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَهو يَقُولُ: "يا بِشْرُ طَيَّبْتَ اسْمِي لأُطَيِّبَنَّ اسْمَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة".
وَعَنْ منصورِ بنِ عمَّار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى: أنه وَجَدَ رُقْعَةً فِي الطَّرِيقِ مَكْتُوبٌ فِيهَا: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فَلَمْ يَجِدْ لَها مَوْضِعَاً يَجْعَلُها فِيهِ فَابْتَلَعَهَا، فَرَأَى فِي الْمَنَامِ هَاتِفَاً يَقُولُ: "قدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ بَابَ الْحِكْمَةِ بِاحْتِرَامِكَ لِتِلْكَ الرُّقْعَة، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَكَلَّمُ بِالحِكْمَةِ وَيُعَظَّمُ.
وَرُوِيَ: أنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السلامُ مَرَّ بِقَبْرٍ فَرَأى الْمَلائِكَةَ يُعَذِّبُونَ صَاحِبَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِهِ رَآهُمْ وَمَعَهُم أطبَاقٌ مِنْ نُورٍ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، فَأَوحَى اللهُ تَعَالى إِلَيهِ أَنَّ هَذَا كَانَ عَاصِيَاً وَقَدْ تَرَكَ وَلَدَاً صَغِيرَاً، فَسَلَّمَتْهُ أُمُّهُ إلى الْمَكَتَبِ فَلَقَّنَهُ الْمُعّلِّمُ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فاستَحْيَيْتُ أنْ أُعَذِّبَهُ وَولَدُهُ يَذْكُرُ اسْمِي.
وبالْجُمْلَة: فَفَوَائِدُ البَسْمَلَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، أَوْ فِي كِتَابٍ تُسْتَقْصَى، وَفِي هَذَا القَدْرِ كِفَايةٌ ظَاهِرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ إِصْلاحَ الدُّنْيَا وَالآخِرَة. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرَاتِ فعَلَيْهِ بِحِزْبِنَا عَلَيْهَا الْمُسَمَّى بحِزْبِ الْخَيْرَاتِ وَأَسْبَابِها ، الدَّافِعِ لِلْمَضَرَّاتِ وَأَرْبَابِها.
وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ فِي نَوْمِهِ فَتَأْوِيْلُهُ أَنَّ صَاحِبَ الرُّؤْيَا سَأَلَ اللهَ البرَكَةَ وَالزِّيَادَةَ وَالنَّجَاةَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَيَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللهُ الكَلامُ علَى الفَاتِحَةِ لِكَوْنِها لِكِتَابِ اللهِ فَاتِحَةً، وَلِكُلِّ نَفْسٍ شَارِحَةً، فَأَقُولُ وَبِاللهِ الْحَول:
[1]) مصنف ابن أبي شيبة، والديلمي وابن سعد وفضائل الصحابة لابن حنبل والبيهقي فِي الشعب، والطبراني فِي الكبير وغيرهم، وجاء فِي بعض الروايات: فقال ابن بقيلة: هو سمُّ السَّاعة. فقال: ولم استصحبته معك؟ فقال: حتى إذا رأيت مكروهاً فِي قومي أكلته، فالموت أحبُّ إليَّ من ذلك، فأخذه خالد فِي يده وقال: إنَّه لن تموت نفس حتى تأتي على أجلها، ثمَّ قال: بسم الله خير الأسماء، رب الأرض والسَّماء الذي ليس يضر مع اسمه داء، الرَّحمن= =الرَّحيم ، قال: وأهوى إليه الأمراء ليمنعوه منه فبادرهم فابتلعه، فلمَّا رأى ذلك ابن بقيلة قال: والله يا معشر العرب لتملكنَّ ما أردتم ما دام منكم أحد، ثمَّ التفت إلى أهل الحيرة فقال: لم أر كاليوم أوضح إقبالاً من هذا. تاريخ الرسل والملوك - (ج 2 / ص 191) والبداية والنهاية لابن كثير مدقق - (ج 7 / ص 474)
"تِسْعَةَ عَشَرَ حَرَفاً" علَى عَدَدِ الملائِكَةِ الْمُوَكَّلِين بِالنَّارِ، وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِها رُزِقَ الْهَيْبَةَ عِنْدَ العَالَم العُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، وَهِيَ التي أَقَامَ اللهُ بِهَا مُلْكَ سُلَيْمَانَ عَلَيْه السَّلام، فَمَنْ كَتَبَها سِتّمِائَةِ مَرَّة وَحَمَلَها مَعَهُ رُزِقَ الهيبةَ فِي قُلُوبِ الْخَلائِقِ .
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِيْنَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ كَتَبَ الْبَسْمَلَةَ سِتَّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَحَمَلَها مَعَهُ كَسَاهُ اللهُ هَيْبَةً عَظِيمَةً، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَنَالَهُ بِسُوءٍ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى، وَقدْ جُرِّبَ ذَلِكَ وَصَحَّ .
وَمِنْ خَوَاصِّها : كَمَا قَالَ بَعْضُهُم أَنّ مَنْ كَتَبَها فِي وَرَقَةٍ أَوَّل يَومٍ مِنْ الْمُحَرَّمِ مِئَةً وَثَلاثَةَ عَشَرَ مَرَّةً، وَحَمَلَها لَمْ يَنَلْهُ مَكْرُوهٌ مُدّةَ عُمُرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْخَاصِيَّةُ فِيمَا يُفْعَلُ أَوَّل يَومٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ .
وَمِنْ خَوَاصِّها : مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِيْنَ أَنّهُ قَالَ: مَنْ قَرَأَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ اثْنَتَيْ عَشَرَ أَلْفَ مَرَّةٍ آخِرَ كُلَّ أَلْفٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي علَى النَّبِيِّ، وَيَسْأَلُ اللهَ حَاجَتَه ثُمَّ يَعُودُ إلى القِرَاءَةِ فَإِذَا بَلَغَ الألْفَ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ إلى انْقَضَاءِ العَدَدِ الْمَذْكُورِ مَنْ فَعْلَ ذَلِكَ قُضِيَتْ حَاجَتُه كَائِنَةً مَا كَانَتْ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى .
وَمِنْ خَوَاصِّها : إِذَا تَلا علَى الشَّخْصِ عدَدَ حُرُوفِهَا بِالْجُمَلِ الْكَبِيرَةِ سَبْعَمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَثَمانِينَ مَرَّةً، سَبْعَةَ أَيّامٍ مُتَوَالِيَة، علَى نِيَّةِ أَيِّ أَمْرٍ كَانَ تَمَّ لَهُ ذَلِكَ الأَمْرُ مِنْ جَلْبِ خَيْرٍ، أَوْ دَفْعِ شَرٍّ، وَترْوِيْجِ بِضَاعَةٍ فَإِنَّها تُرَوَّجُ بِإِذْنِ اللهِ، وَمعَنْى ترْوِيجُ البِضَاعَةِ نُفُوقُها- وَرَاجَتِ الدَّرَاهِمُ- تَعَامَلَ النَّاسُ بِهَا وَرَاجَ رَوَاجَاً: نَفَقَ .
وَمِنْ خَوَاصِّها: أنَّ مَنْ قَرَأَهَا بِعَدَدِ حُرُوفِها الْمَذْكُورة، وصَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بِثَلاثِ تَسْلِيمَاتٍ؛ يَقْرَأُ فِي كُلّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ ﴿أَلَمْ نَشْرَح﴾. خَمْسَةَ عَشَرَ مَرَّةً، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بفضل ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَأَسْألُكَ بِعَظَمَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَأَسْألُكَ بجلال وَثَنَاءِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَأَسْألُكَ بِهَيْبَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَبِحُرْمَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَبِجَبَرُوتِ وَمَلَكُوتِ وَكِبْرِيَاءِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَبِعِزَّةِ وَقُوَّةِ وَقُدْرَةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، اِرْفَعْ قَدْرِي، وَيَسِّر أَمْرِي، وَاجْبُر كَسْرِي، وَأغْنِ فَقْرِي، وَأَطِلْ عُمُرِي، بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ، يَا مَنْ هُوَ ﴿كهيعص﴾. ﴿َحم عسق﴾. ﴿الم﴾. ﴿المر﴾. ﴿حم﴾. بِسِرِّ اسْمِ اللهِ الأَعْظَمِ ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الأَكْرَمُ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، أَسْألُكَ بِجَلالِ الْهَيْبَةِ، وَبِعِزِّ العِزَّةِ، وَأَسْألُكَ بِكِبْرِيَاءِ العَظَمَةِ وَبِجَبَرُوتِ القُدْرَةِ؛ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الذينَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، وَأَسْألُكَ بِدَوَامِ البَقَاءِ، وَضِيَاءِ النُّورِ؛ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الصَّالِحِيْنَ، وَأَسْألُكَ بِحُسْنِ البَهَاءِ، وَبِإِشْرَاقِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ؛ أَنْ تُدْخِلَنِي بِرَحْمَتِكَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وصَلَّى الله علَى سَيِّدنا مُحَمَّد وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَصَلَ لَهُ مَا طَلَبَهُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى .
وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: أَنْ مَنْ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ مِئَةً وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَرَّةً قُضِيَتْ حَاجَتُه كائنةً مَا كَانَت وَهو دعاء الْبَسْمَلَة وَهو هذا :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِفَضْلِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. وَبحق ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. وبهيبة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.، وبمنزلة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ، اِرْفَعْ قَدْرِي وَيَسِّرْ أَمْرِي، وَاشْرَحْ صَدْرِي يَا مَنْ هُوَ ﴿كهيعص﴾. ﴿َحم عسق﴾. ﴿ألم﴾. ﴿المر﴾. ﴿حم﴾. ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾. بِسِرِّ الْهَيْبَةِ وَالقُدْرَةِ، وَالْجَبَرُوتِ وَالعَظَمَةِ، اجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الْمُتَّقِينَ، وَأَهْلِ طَاعَتِكَ الْمُحِبِّينَ، وَافْعَلْ كَذا.. يَا رَبَّ العَالَمِينَ ، وصَلَّى الله علَى سَيِّدنا مُحَمَّد وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
ومِمّا يَدُلُّ علَى فَضْلِ الْبَسْمَلَة ، مَا ذَكَرَهُ العَلاَّمَةُ الْخطِيبُ فِي مُقَدِّمَتِهِ عَلَيها حَيْثُ قَالَ: رُوِيَ أَنَّهُ أَوَّل مَا نَزَلَ علَى آدَمَ عَلَيْه السلام (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، فَجَعَلَ يُكْثِرُ تِلاوَتَها فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِ وَغَفَرَ ذُنُوبَهُ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى نُوحٍ عَلَيْهِ السلامُ وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ فَاسْتَوَتْ علَى الْجُودِيِّ، ثُمَّ رُفِعَتْ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السلام فِي كَفَّةِ الْمِنْجَنِيقِ، فَجَعَلَ اللهُ تَعَالى عَلَيْه النَّارَ برْدَاً وَسَلامَاً ثُمَّ رُفِعَتْ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى مُوسَى عَلَيْه السَّلام، فَقُهِرَ فِرْعَونُ وَجُنُودُهُ بِها، وَبها فُلِقَ البَحرُ لَهُ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى سُلَيمانَ عَلَيْهِ السلامُ فَطَوَّعَ اللهُ تَعَالى لَهُ جَمِيعَ الإِنْسِ وَالجِنِّ وَالطَّيْرِ بِها فلا يَقَرؤُها علَى شَيءٍ إلاَّ طَوَّعَهُ اللهُ تَعَالى لَهُ فِي الوَقْتِ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى عِيسَى عَلَيْه السَّلامُ، فَكَانَ بِها يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ، وَكَانَ بِها يُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ، ثُمَّ رُفِعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ علَى نَبِيّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ تَعَالى عَلَيْه وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ لَهُ فَتْحَاً عَظِيمَاً، وَأَقْسَمَ اللهُ تَعَالى أنْ لا يُسَمِّي بِهَا مُؤْمِنٌ علَى شَيْءٍ إلاَّ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَلاَ يَقَرَؤُهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ r وَهُوَ يَطْلُبُ حَاجَةً إلاَّ قَضَى اللهُ حَاجَتَهُ كَائِنَةً مَا كَانَتْ.
وَمِنْ خَوَاصِّها : أنَّ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ النَّوْم إِحْدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً أَمَّنَهُ اللهُ تَعَالى في تِلْكَ اللَّيلَةِ مِنَ الشَّيْطانِ، وَمِنَ السَّرِقَةِ، وَمِنْ مَوْتِ الفُجَاءَةِ، وَيدْفَعُ عَنْه كُلّ بَلاءٍ.
وَإِذَا قُرِئَتْ فِي وَجْهِ الظَّالِمِ خَمْسِينَ مَرَّةً أَذَلَّهُ اللهُ. وَمَا قُرِئَتْ علَى أَيِّ وَجَعٍ كَانَ مِئَةَ مَرَّةٍ مُدَّةَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إلاَّ زَالَ ذَلِكَ الوَجَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى.
وَمِنْ خَوَاصِّها الْمحَبَّةُ وَالْمَوَدَّةُ: مَنْ تَلاهَا بِعَدَدِها الْمُتَقَدِّمِ سَبْعَمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَثمانِينَ مَرَّةً علَى قَدَحٍ مِنَ الْمَاءِ وَسَقَاهَا لِمَنْ شَاءَ أَحَبَّهُ حُبَّاً شَدِيدَاً.
وَإِذَا شَرِبَ بَلِيدَ الفَهْمِ مِنْ ذَلِكَ الماءِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُدَّةَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ زَالَتْ بَلادَتُهُ، وَحَفِظَ كُلَّ مَا سَمِعَهُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى..
وَمِنْ خَوَاصِّها لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالدُّخُولِ علَى الحُكَّامِ إذَا أرَدْتَ ذَلِكَ فَصُمْ يَومَ الْخَمِيسِ وَأَفْطِرْ علَى الزَّيْتِ، أَوِ التَّمْرِ، وَصَلِّ الْمَغْرِبَ وَاقَرَأْهَا مِئَةً وَإِحدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً، وَبعْدَ ذَلِكَ صَلِّ العِشَاءَ، ثُمَّ نَمْ وَاقَرَأْهَا مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ حَتَّى يَغلِبَ عَلَيْكَ النَّوْمُ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ يَومَ الْجُمُعَةِ فَصَلِّ الصُّبْحَ وَاتْلُها العَدَدَ الْمَذْكُورَ، وَاكْتُبْها وَاحْمِلْها فَوَاللهِ الذي لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ مَا فَعَلَها رَجُلٌ أَوِ امْرَأةٌ إلاَّ وَصَارَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ كالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَكَانَ عَزِيزَاً مُهَاباً وَجِيهَاً مُطَاعاً، وَكُلُّ مَنْ رَآهُ أَحَبَّهُ وَمَالَ إِلَيْهِ بِطَبْعِهِ، وَألقَى اللهُ حُبَّهُ فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَصِفَةُ كِتَابَتِهَا هَكَذا: [ب س م ا ل ل ه ا ل ر ح م ن ا ل ر ح ي م] وَتكُونُ الكِتابَةُ مِنْ غَيرِ طَمْسٍ وَكِتَابَةُ الأحرُفِ مُفَرَّقةً عَنْ بَعْضِهَا.
وَإذا كُتِبَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ مَرَّةً وَحَمَلَتْهَا مَنْ لا يَعِيشُ أَوْلادُها عَاشُوا ، وَقَد جُرِّبَ ذَلِكَ فَصَحَّ وَاللهُ علَى كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ.
وَإذا كُتِبَتْ فِي وَرَقَةٍ مِئَةَ مَرَّةٍ وَواحِدَةً وَدُفِنَتْ فِي الزَّرْعِ خَصِبَ ذَلِكَ الزَّرْعُ، وَحُفِظَ مِنْ جَمِيعِ الآفَاتِ وَحَصَلَتْ فِيهِ البَرَكَةُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى..
وَإذا كُتِبَتْ فِي لَوْحٍ مِنْ رَصَاصٍ وَوُضِعَتْ فِي شَبَكَةِ الصَّيَّادِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ السَّمَكُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ.
وَمَنْ كَتَبَ: (الرَّحْمَن الرَّحِيم) خَمْسَمِئَةِ مَرَّةٍ فِي وَرَقَةٍ وتَلَى عَلَيْهَا الْبَسْمَلَةَ مِئَةً وَخَمْسِينَ مَرَّةً وَحَمَلَها وَدَخَلَ علَى سُلْطَانٍ أَوْ جَبَّارٍ أَمِنَ مِنْ شَرِّهِ، وَلاَ ينالُه مَكْرُوهٌ.
وَمَنْ كَتَبَ: (الرَّحِيم) فِي وَرَقَةٍ مِئَةً وَتسعين مَرَّةً وَحَمَلَها وَدَخَلَ بِهَا مَعْرَكةَ الْحَرْبِ لاَ يَعمَلُ فِيهِ سِلاحٌ وَلاَ يَحْصُلُ لَهُ ضَرَرٌ.
وَمَنْ كَتَبَها فِي وَرَقَةٍ إحدى وَعشرين مَرَّةً وَعَلَّقَهَا علَى صَاحِبِ الصُّدَاعِ نَفَعَهُ، حُكِيَ عَنْ عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلى اللهِ فَلْيَصُمِ الأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ وَالْجُمُعَةَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اغْتَسَلَ وَذهب إلى الجامِعِ وَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، فَإِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ قَالَ بَعْدَهَا: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِاسْمِكَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾. [البقرة، 255] الذي عَنَتْ لَهُ الوُجُوه وَخَشَعَتْ لَهُ الأَصْوَاتُ وَوجِلَتِ القُلُوبُ مِنْ خَشْيَتِهِ، أَسْألُكَ أن تُصَلِّي وَتُسَلِّم علَى سَيِّدنا مُحَمَّد وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَأنْ تَقْضِيَ حَاجَتِي، وَيُسَمِّيَهَا، وَكَانَ يَقُولُ: "لا تُعَلِّمُوهَا سُفَهَاءَكُمْ فَيَدْعُو بَعضُهُم علَى بَعْضٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ فِي الوَقْت.
وَمَنْ أَرَادَ قَمْعَ كُلِّ جَبَّارٍ فَلْيَكْتُبْ جَدْوَلَ الْبَسْمَلَةِ فِي قِطْعَةِ رَصَاصٍ، وَيضَع اسْمَ مَنْ يُرِيد فِي الوِفْقِ، وَيُبَخِّرهُ بِالحِلْتِيتِ وَالثُّومِ الأَحْمَرِ، وَيدْفِنها قَرِيبَاً مِنْ نَارٍ دَائِمَةِ الوَقُودِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَلْحَقَ النَّارُ الرَّصَاصَ فَإِنَّ الْمَعْمُولَ لَهُ يَهْلِكُ وَأَنْتَ الْمُطَالَبُ بِهِ بَينَ يَدَيِ اللهِ وَهَذِهِ صِفَةُ الوِفْقِ.
وتقرأ هذا الدُّعَاءَ عَلَيْهِ تَقُولُ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الأَعْظَمِ وَهُوَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، الذي عَنَتْ لَهُ الوُجُوهُ وَخَشَعَتْ لَهُ الأَصْوَاتُ وَوَجِلَتْ مِنْ خَشَيَتِهِ القُلُوبُ؛ أَنْ تُصَلِّي وَتُسَلِّمَ علَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأنْ تَقْضِي حَاجَتِي فِي (فُلان) "اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعَلَمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَمَّا هُوَ فَيِهِ فَاهْدِهِ وَوَفِّقْهُ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِ بَلاءَكَ وَسَخَطَكَ وَغَضَبَكَ وَأَهْلِكْهُ يَا قَاهِرُ يَا قَهَّارُ، يَا قَادِرُ يَا مُقْتَدِرُ، يَا أللهُ". [سَبْعَ مَرَّاتٍ]، وَادْعُ بِذَلِكَ سَبْعَمِائَةِ مَرَّة، فَإِنَّ الظَّالِمَ إِمَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ظُلْمِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَهْلِكَ سَرِيعَاً فَاتَّقِ اللهَ فِي ذَلِكَ وَيُروَى أَنَّ مَنْ كَتَبَ هَذَا الْجَدْولَ فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنَ الْجُمُعَةِ وَقَرَّبَهُ مِنَ النَّارِ، فَإِنَّ الْمَعْمُولَ لَهُ يَهْلِكُ، وَلاَ يَحْتَاجُ إلى الدُّعَاءِ الْمُتَقَدِّم.
وقَالَ العلاَّمَةُ "زَرُّوقُ" فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى وَإِنْ أرَدْتَ تَدْمِيرَ الظَّالِمِ وَالفَاسِقِ فَاكْتُبْ جَدْوَلَ الْبَسْمَلَةِ فِي لَوْحِ رَصَاصٍ، وَضَع اِسْمَ الْمَذْكُورِ حَوْلَ الخَاتَمِ وَبَخِّرْهُ بِحلْتِيتٍ وَزرْنِيخٍ أَحْمَرَ، وَالْخَاتَمُ حَوْلَ النَّارِ. وَإيَّاكَ أنْ تَلْحَقَ النَّارُ الْخَاتَمَ فَيَهْلِكَ .. فَتُحَاسَبُ بَينَ يَدَيِّ اللهِ عزَّ وجَلَّ.
وَهَذا هُوَ الدُّعَاءُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِاسْمِكَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ﴿الذي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾. وَأَسْألُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾. الذي مَلأَتْ عَظَمَةُ كُرْسِيِّهِ السَّمَوَاتِ. وَأَسْألُكَ بِاسْمِكَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، الذي عَنَتْ لَهُ الوُجُوهُ وَخَشَعَتْ لَهُ الأَصْوَاتُ، وَوَجِلَتْ منه القُلُوبُ، أنْ تُصَلِّي وَتُسَلِّمَ علَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَأنْ تَقْضِي حَاجَتِي فِي هَلاكِ (فلان) ["يَا قَاهِرُ يَا قهَّارُ، يَا قَادِرُ يَا مُقْتَدِرُ، يَا مُنْتَقِمُ يَا أللهُ"، سَبْعَ مَرَّاتٍ] تَدْعُو بِالدُّعاءِ سَبْعَماِئَةِ مَرَّة فإنَّ الظَّالِمَ يَهْلِكُ لأَنَّهُ دُعَاءٌ مُسْتَجابٌ، وَهِذِهِ صِفَةُ الْخَاتَمِ الْمَذكُورِ وَهُوَ غَيْرُ الأوَّل.
قَالَ الدِّيْربي: وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ كُلَّ خَيْرٍ وَيُصْرَفَ عَنْهُ كُلَّ ضَيْرٍ، وَيَسْتَجِيبَ اللهُ دُعَاءَهُ، وَيَكْسُوهُ هَيْبَةً عَظِيمِةً فَلْيَدُمْ كُلَّ يَومٍ علَى سَبْعَةٍ وَثمانينَ وَسَبْعِمِئَةٍ مِنَ الْبَسْمَلَةِ، وَيُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ علَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَينِ وَثَلاثِينَ وَمِئَة.
وَيُرْوَى: أنَّ مَنِ اسْتَدامَ علَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِئَةً مِنَ الْبَسْمَلَةِ مَسَاءً وَصَبَاحَاً، وَإِنْ أَتَمَّ العَدَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِعَدَدِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ، وَعَدَدِ سُوَرِهِ، وَعَدَدِ آيَاتِهِ، ارْزُقْنِي مَحَبَّتَكَ، وَخَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَة" أَوْ "كذا وَكذا" رَزَقَهُ اللهُ مَا أَرَادَ وَقَيَّدَ عَلَيْه النِّعَمَ، وَقَيَّدَ عَنْه النِّقَمَ، وَهذا العَدَدُ يُتْلَى لِلضَّالَّةِ وَالآبِقِ وَنَحْوِهِ.
وَمَنْ دَوَامَ عَلَيْه قُضِيَتْ حَاجَتُهُ دُنْيَا وَآخِرَةً، وَإذا أرَدْتَ أَنْ تَفْضَحَ شَخْصَاً بِحَدِيثٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَاقْرَأ البَسْمَلَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَصِلِ الثَّانِيَةَ مِنْهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ مَرَّةً وَاقْرَأ الإِخْلاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً وَاقْرَأْ الْبَسْمَلَة مَرَّةً: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الذينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلَاً بِمَا كَانَوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الذينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾. [السجدة، 20] وَكَرِّرْ ﴿فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾. وَانْوِ مَا أرَدْتَ وَقُلْ: "يَا أَهْيَا شَرَاهْيَا" سَلِّطْ علَى (فُلانِ ابنِ فُلان) فَضِيْحَةً وَمَنْ ظَلَمَنِي أَوْ مَنْ أَرَادَ ظُلْمِي.
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يُرَدُّ دُعَاءٌ أَوَّلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَعَنْه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَجَوَّدَهَا تَعْظِيْمَاً للهِ تَعَالى غَفَرَ اللهُ لَهُ.
وعَنْ عَلِيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنه نَظَرَ إلى رَجُلٍ يَكْتُبُ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فقَالَ جَوِّدْهَا، فَإِنَّ رَجُلاً جَوَّدَهَا فَغُفِرَ لَهُ. [القرطبى فى التفسير، 1: 91].
وَرُوِيَ: أَنَّ قَيْصَرَ مَلِكَ الرُّومِ كَتَبَ إلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ بِي صُدَاعَاً لاَ يَسْكُنُ؛ فَأَنْفِذْ إِلَيَّ شَيْئَاً مِنَ الدَّوَاءِ! فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ قُلُنْسُوةً، فَكَانَ إِذَا وَضَعَهَا علَى رَأْسِهِ سَكَنَ مَا بِهِ، وَإِذَا رَفَعَهَا عَادَ إِلَيهِ الوَجَعُ، فَتَعَّجَبَ مِنْ ذَلِكَ، وَفَتَّشَ الْقُلُنْسُوةَ؛ فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لاَ سِوَاهَا. فقَالَ: "مَا أَكْرَمَ هَذَا الدِّينَ وَأَعَزَّهُ، شَفَانِي اللهُ بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُ". فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ.
وروى أهلُ الحديثِ والسِّيرةِ برِوَاياتٍ صَحِيحةٍ: أَنَّ خَالِدَ بن الْوَلِيدِ لَمَّا أَتَى الْحِيرَةَ، قالوا له: اِحْذَرِ السُّمَّ لا تُسْقِيكَهُ الأعَاجِمُ! فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى بَنِي الْمُرَازِبَةِ بَعَثُوا إِلَيْهِ عَبدَ الْمَسِيحِ وَمَعَهُ سُمُّ سَاعَةٍ، فقالَ لهُ خالدٌ: هاتِهِ! فَجَعَلَهُ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ فَاقْتَحَمَهُ فَلَمْ يَضُرّهُ بإذنِ اللهِ شَيْئٌ. فَانْصَرَفَ عبدُ المَسِيحِ إلى قَوْمِهِ فقَالَ: يَا قَومِ أَكَلَ سُمَّ سَاعَةٍ فَلَمْ يَضُرّهُ، صَالِحُوهُمْ فَهَذا أَمْرٌ مَصْنُوعٌ لَهُمْ.
وفِي رواية: قال: "بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، ربِّ الأرضِ والسَّماءِ، بِسْمِ اللَّهِ الذي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ.([1])
وعَنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ: أنَّ مَنْ رَفَعَ قِرْطَاسٍاً مِنَ الأَرْضِ فيهِ اسْمُ اللهِ تَعَالى إِجْلالاً لَهُ أَنْ يُدَاسَ اسْمُهُ؛ كُتِبَ عِنْدَ اللهِ مِنَ الصِّدِّيقِينَ.
وَعَن الشَّيْخِ بِشْرِ الْحَافِي نَفَعَنْا اللهُ بِهِ أَنَّهُ وَجَدَ رُقْعَةً فِي الأَرْضِ فيها: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فَأَخَذَهَا، وَكَانَ مَعَهُ دِرْهَمانِ، لاَ يَمْلِكُ غَيرَهُما فَاشْتَرى بِهِمَا غَالِيَةً، وَطيَّبَ بها الرُّقْعَة، فرأى فِي منامه الْحَقَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَهو يَقُولُ: "يا بِشْرُ طَيَّبْتَ اسْمِي لأُطَيِّبَنَّ اسْمَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة".
وَعَنْ منصورِ بنِ عمَّار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى: أنه وَجَدَ رُقْعَةً فِي الطَّرِيقِ مَكْتُوبٌ فِيهَا: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فَلَمْ يَجِدْ لَها مَوْضِعَاً يَجْعَلُها فِيهِ فَابْتَلَعَهَا، فَرَأَى فِي الْمَنَامِ هَاتِفَاً يَقُولُ: "قدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ بَابَ الْحِكْمَةِ بِاحْتِرَامِكَ لِتِلْكَ الرُّقْعَة، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَكَلَّمُ بِالحِكْمَةِ وَيُعَظَّمُ.
وَرُوِيَ: أنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السلامُ مَرَّ بِقَبْرٍ فَرَأى الْمَلائِكَةَ يُعَذِّبُونَ صَاحِبَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِهِ رَآهُمْ وَمَعَهُم أطبَاقٌ مِنْ نُورٍ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، فَأَوحَى اللهُ تَعَالى إِلَيهِ أَنَّ هَذَا كَانَ عَاصِيَاً وَقَدْ تَرَكَ وَلَدَاً صَغِيرَاً، فَسَلَّمَتْهُ أُمُّهُ إلى الْمَكَتَبِ فَلَقَّنَهُ الْمُعّلِّمُ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. فاستَحْيَيْتُ أنْ أُعَذِّبَهُ وَولَدُهُ يَذْكُرُ اسْمِي.
وبالْجُمْلَة: فَفَوَائِدُ البَسْمَلَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، أَوْ فِي كِتَابٍ تُسْتَقْصَى، وَفِي هَذَا القَدْرِ كِفَايةٌ ظَاهِرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ إِصْلاحَ الدُّنْيَا وَالآخِرَة. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرَاتِ فعَلَيْهِ بِحِزْبِنَا عَلَيْهَا الْمُسَمَّى بحِزْبِ الْخَيْرَاتِ وَأَسْبَابِها ، الدَّافِعِ لِلْمَضَرَّاتِ وَأَرْبَابِها.
وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ فِي نَوْمِهِ فَتَأْوِيْلُهُ أَنَّ صَاحِبَ الرُّؤْيَا سَأَلَ اللهَ البرَكَةَ وَالزِّيَادَةَ وَالنَّجَاةَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَيَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللهُ الكَلامُ علَى الفَاتِحَةِ لِكَوْنِها لِكِتَابِ اللهِ فَاتِحَةً، وَلِكُلِّ نَفْسٍ شَارِحَةً، فَأَقُولُ وَبِاللهِ الْحَول:
[1]) مصنف ابن أبي شيبة، والديلمي وابن سعد وفضائل الصحابة لابن حنبل والبيهقي فِي الشعب، والطبراني فِي الكبير وغيرهم، وجاء فِي بعض الروايات: فقال ابن بقيلة: هو سمُّ السَّاعة. فقال: ولم استصحبته معك؟ فقال: حتى إذا رأيت مكروهاً فِي قومي أكلته، فالموت أحبُّ إليَّ من ذلك، فأخذه خالد فِي يده وقال: إنَّه لن تموت نفس حتى تأتي على أجلها، ثمَّ قال: بسم الله خير الأسماء، رب الأرض والسَّماء الذي ليس يضر مع اسمه داء، الرَّحمن= =الرَّحيم ، قال: وأهوى إليه الأمراء ليمنعوه منه فبادرهم فابتلعه، فلمَّا رأى ذلك ابن بقيلة قال: والله يا معشر العرب لتملكنَّ ما أردتم ما دام منكم أحد، ثمَّ التفت إلى أهل الحيرة فقال: لم أر كاليوم أوضح إقبالاً من هذا. تاريخ الرسل والملوك - (ج 2 / ص 191) والبداية والنهاية لابن كثير مدقق - (ج 7 / ص 474)