*سعادة القلب في حسن الظن
راحة للقلب ليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة وﻻ أسعد لنفسه من حسن الظن، فبه يسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس، وتكدر البال، وتتعب الجسد
إن حسن الظن يؤدي إلى سﻼمة الصدر وتدعيم روابط اﻷلفة والمحبة بين أبناء المجتمع، فﻼ تحمل الصدور غﻼًّ وﻻ حقدًا ،
فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم*:"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، وﻻ تحسسوا وﻻ تجسسوا وﻻ تنافسوا وﻻ تحاسدوا وﻻ*تباغضوا"*رواه اﻹمام مالك والبخاري ومسلم واللفظ لمسلم
وإذا كان أبناء المجتمع بهذه الصورة المشرقة فإن أعداءهم ﻻ يطمعون فيهم أبدًا، ولن يستطيعوا أن يتبعوا معهم سياستهم المعروفة: ؛ ﻷن القلوب متآلفة، والنفوس صافية. من اﻷسباب المعينة على حُسن الظن:
هناك العديد من اﻷسباب التي تعين المسلم على إحسان الظن باﻵخرين، ومن هذه اﻷسباب:
الدعاء:
فإنه باب كل خير، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يرزقه قلبًا سليمًا
إنزال النفس منزلة الغير:
فلو أن كل واحد منا عند صدور فعل أو قول من أخيه وضع نفسه مكانه لحمله ذلك على إحسان الظن باﻵخرين، وقد وجه الله عباده لهذا المعنى حين قال سبحانه *لوْﻻ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً)النور:12
وأشعر الله عباده المؤمنين أنهم كيان واحد ، حتى إن الواحد حين يلقى أخاه ويسلم عليه فكأنما يسلم على نفسه: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} النور:61ـ
حمل الكﻼم على أحسن المحامل:
هكذا كان دأب السلف رضي الله عنهم. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:*"ﻻ تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محمﻼً"ـ
وانظر إلى اﻹمام الشافعي رحمه الله حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده، فقال للشافعي: قوى لله ضعفك، قال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني ، قال: والله ما أردت إﻻ الخير. فقال اﻹمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إﻻ الخير*
فهكذا تكون اﻷخوة الحقيقية إحسان الظن باﻹخوان حتى فيما يظهر أنه ﻻ يحتمل وجها من أوجه الخير
التماس اﻷعذار لﻶخرين:
فعند صدور قول أو فعل يسبب لك ضيقًا أو حزنًا حاول التماس اﻷعذار، واستحضر حال الصالحين الذين كانوا يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير حتى قالوا: التمس ﻷخيك سبعين عذراً
وقال ابن سيرين رحمه الله:*
إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا ، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا ﻻ أعرفه*
إنك حين تجتهد في التماس اﻷعذار ستريح نفسك من عناء الظن السيئ وستتجنب
عدم اﻹكثار من اللوم ﻹخوانك:
تأن وﻻ تعجل بلومك صاحبًا .. ... .. لعل له عذرًا وأنت تلوم
تجنب الحكم على النيات:
وهذا من أعظم أسباب حسن الظن؛ حيث يترك العبد السرائر إلى الذي يعلمها وحده سبحانه، والله لم يأمرنا بشق الصدور، ولنتجنب الظن السيئ
استحضار آفات سوء الظن:
فمن ساء ظنه بالناس كان في تعب وهم ﻻ ينقضي فضﻼً عن خسارته لكل من يخالطه حتى أقرب الناس إليه ؛ إذ من عادة الناس الخطأ ولو من غير قصد ، ثم إن من آفات سوء الظن أنه يحمل صاحبه على اتهام اﻵخرين ، مع إحسان الظن بنفسه، وهو نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في كتابه: {فَﻼ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}*[النجم:32].وأنكر سبحانه على اليهود: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَﻻ يُظْلَمُونَ*فَتِيﻼً} [النساء:49].إن إحسان الظن بالناس يحتاج إلى كثير من مجاهدة النفس لحملها على ذلك، خاصة وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وﻻ يكاد يفتر عن التفريق بين المؤمنين والتحريش بينهم، وأعظم أسباب قطع الطريق على الشيطان هو إحسان الظن بالمسلمين، رزقنا الله قلوبًا سليمة، وأعاننا على إحسان الظن بإخواننا، والحمد لله رب العالمين
وقفة تأمل*
نظرت في السخاء فما وجدت له أصﻼً وﻻفرعاً إﻻ حسن الظن بالله عزوجل – وأصل البخل وفرعه سوء الظن بالله عزوجل .
ـ (*الحسن البصري*)ـ*
(رَبنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً للذِينَ آمَنُوا رَبنَا إِنكَ رَؤُوفٌ رحِيمٌ )الحشر: 10