عذراً أيها النمام:
راقب ربك واحذر سخط الجبار -جل وعلا-، واعلم أن النميمة لا تُحصى شرورُها، ولا تستقصى مفاسدُها،
قال يحيى بن أكثم -رحمه الله-: "النمام شرٌّ من الساحر"،
ويعمل النمام في ساعة ما لا يعمل الساحر في سنة،
ويقال: عمل النمام أضرُّ من عمل الشيطان؛
لأن الشيطان بالخيال والوسوسة، وعمل النمام بالمواجهة والمعاينة.
أخي المسلم، إذا حُمِلَت إليك النميمة،
وقيل لك: إن فلانًا قال فيك كذا وكذا،
أو فعل في حقك كذا وكذا؛ فالواجب عليك بدلالات الوحيين أمورٌ هي:
أولها: ألا تصدقَ النمام؛ لأنه يفسق بنميمته فيرد خبره،
والواجب أيضا أن يُنهَى النمامُ عن ذلك وينصح له ويقبح فعله،
زار بعضَ السلف أخٌ له فنَمَّ له عن صديقه، فقال: يا أخي أطلت الغيبة عني، وجئتني بثلاث جنايات: بغضت إليَّ أخي، وشغلت
قلبي بسببه، واتهمت نفسك الأمينة.
وقيل لأحد العلماء: إن فلانًا يذكرك في قصصه بشرٍّ، فقال: يا هذا ما راعيت حق مجالسة الرجل؛ حيث نقلت إلينا حديثه،
ولا أديت حقي حيث أعلمتني عن أخي ما أكره،
ولكن أعلمه أن الموت يعمُّنا والقبر يضمنا والقيامة تجمعنا، والله -جل وعلا- يحكم بيننا وهو خير الحاكمين.
وعليك -أيها المسلم- حين تنقل إليك النميمة ألا تظن بأخيك الغائبِ السوءَ،
وألَّا يحملك ذلك على التجسس والبحث والتحقق؛ فربنا -جل وعلا-
يقول الحق تعالى : {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12].