الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

أجمل ماجاء في اسم الرب

السور والآيات والأسماء الحسنى

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بلقيــــس
    كاتب الموضوع
    أعضاء نشطين
    • Feb 2013
    • 463 
    • 21 


    الـرَّب

    قال تعالى (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا
    تزد الظالمين إلا تباراً)

    قال تعالى (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على
    العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا
    له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين)

    وقال تعالى (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي
    ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب)

    وقال سبحانه (قال رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني،
    يفقهوا قولي)

    ورد عن السيد السبزواري :
    "لهذا الاسم -الرب- منزلة عظيمة في الكتب السماوية، لاسيما القرآن المهيمن
    على جميعها، فهو من أمهات الأسماء المقدسة كالحي، والقيوم، بل هو الأم وحده،
    لأنَّه ينطوي فيه الخالق والعليم، والقدير، والمدبِّر، والحكيم وغيرها،
    فإنَّه غير الخلق كما يستفاد من قوله تعالى رب السماوات والأرض الذي
    فطرهن... أي خلقهنَّ.

    وقد ذكر بعض المفسرين- تبعاً لجمع من اللغويين - أنَّ الرب بمعنى المالك
    والمَلِك أو الصاحب.

    لكن التدبُّر في استعمالات هذا اللفظ يعطي أنَّ المَلِك شيء وربانيته شيء
    آخر، قال تعالى (ذلكم الله ربكم له الملك)، وقال تعالى (قل أعوذ برب
    الناس، ملك الناس، إله الناس)

    فإنَّ فيه خصوصية ليست في المالك والمَلِك والصاحب، وهي الربوبية الحقيقية،
    الناشئة عن الحكمة الكاملة التي لا يتصور النقص فيها بوجه، فالتكوين شيء
    وتنظيم عالم التكوين بتربيبه على النظام الأحسن شيء آخر، قال تعالى (وهو رب
    كل شئ).

    ويدل على ذلك مضافاً إلى ما ذكر عدم صحة استعمال كل واحد منها مقام الآخر في
    الاستعمالات الصحيحة إلا بالعناية.

    وعلى أي حال، فإنَّ الرب مَجْمَع جميع أسماء أفعال الله المقدسة، لأنَّ جميع
    أفعاله تبارك وتعالى متشعبة من جهة تدبيره تعالى، وتربيبه في كل موجود بحسبه،
    فالرب مظهر الرحمة والخلق والقدرة والتدبير والحكمة، فهو الشامل لما سواه
    تعالى، فإنِّهم المربوبون له تعالى على اختلاف مراتبهم.

    فكم فرق بين الربوبية المتعلقة بالرسول الأكرم صلى الله عليه واله أو سائر
    الأنبياء العظام، أو ملائكته المقربين، وما تعلق بسائر الناس؟!
    0
    فالربوبية لها مراتب تختلف باختلاف مراتب المربوب والمتعلق، قال تعالى( إقرأ
    وربك الأكرم)، وقال تعالى (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد
    ربه)، وقد ورد في الأثر عن أئمة الهدى عليهم السلام: " رب الملائكة
    والروح ".

    وقد قُرٍنَ هذا اللفظ في القرآن الكريم بما يفيد عظمته وجلالته، قال تعالى
    (سبحان ربك رب العزة)، قال تعالى (ورب العرش العظيم )وقال تعالى (والله
    ربكم ورب آبائكم الأوليين)، وقال تعالى (سلام قولاً من رب رحيم)،
    وقال تعالى (بلدة طيبة ورب غفور)، إلى غير ذلك من الآيات المباركة.

    ولجلال عظمته وقع مُقْسَماً به قال تعالى (فلا وربك لا يؤمنون)، قال
    تعالى (فوربك لنسئلنَّهم أجمعين). وقال تعالى (فورب السماء والأرض إنه
    لحق)

    ولأجل ما تقدم - من أنَّه أم الأسماء، وكونه مظهراً لجملة من أسمائه المقدسة-
    لم يرد في القرآن الكريم دعاء من عباده إلا مبدواً باسم الرب، قال تعالى
    (ربنا آتنا في الدنيا وفي الآخرة حسنة)، وقال تعالى (ربنا اغفر لنا
    ذنوبنا)، وقال تعالى رب اجعل هذا البلد آمناً)، وقال تعالى (رب ارني
    كيف تحي الموتى)،وغيرها من الآيات المباركة.

    ولعلَّ السِّر في ذلك هو إفادة هذا اللفظ حالة الإنقطاع إلى الله تعالى أكثر
    من غيره، ولذا وقع من أنبياءه العظام في تلك الحالة، قال تعالى عن لسان نبينا
    الأعظم صلى الله عليه وآله، رب أن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)،
    وقال تعالى عن لسان نوح عليه السلام (رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً)،
    فليس في أسمائه المقدسة أعم نفعاً وأكمل عناية ً ولطفاً من اسم - الرب -
    بالمعنى الذي ذكرناه.

    ولعلَّ المراد بقوله تعالى (قل من بيده ملكوت كل شيء)، وقوله تعالى(او
    لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض)، وقوله تعالى (فسبحان الذي بيده
    ملكوت كل شيء)، هو الربوبية العظمى الإلهية، فإنَّ التغيرات والتبدلات
    اللازمة لعالم الكون والفساد والإفاضات الحاصلة منه تعالى على العوالم هي
    عبارة عن الملكوت المضافة إليه تعالى.

    ومع أنَّ الثابت في علم الفلسفة أنَّ ما سواه تبارك وتعالى يحتاج إليه تعالى
    في البقاء كما يحتاج إليه في أصل الحدوث، ففي كل لحظة - بل أقل منها - له
    رحمة خالقية وربوبية بالنسبة إلى ما سواه من الموجودات، وهذا هو معنى
    القيمومية المطلقة التي لا يمكن إحاطة الإنسان بها والربوبية العظمى، كعدم
    إمكان الإحاطة بذاته تعالى وتقدَّس شأنه ".


    ويمكن تلخيص أهم نقاط ما تقدم من معنى الربوبية في نقاط منها:

    أ- إنَّ الرب تعني تنظيم عالم التكوين بتربيبه على النظام الأحسن، وهو غير
    معنى الخلق والإيجاد كما يستفاد من قوله تعالى(رب السماوات والأرض الذي
    فطرهن)

    ب- لهذا الاسم - الرب- منزلة عظيمة في الكتب السماوية، لاسيما القرآن المهيمن
    على جميعها، فهو من أمهات الأسماء المقدسة كالحي، والقيوم، بل هو الأم وحده،
    لأنه ينطوي فيه الخالق والعليم، والقدير، والمدبر، والحكيم وغيرها.

    ج- إن َّ ما سوى الله تبارك وتعالى يحتاج إليه تعالى في البقاء كما يحتاج
    إليه في أصل الإيجاد والحدوث، ففي كل لحظة – بل أقل منها - له رحمة خالقية
    وربوبية بالنسبة إلى ما سواه من الموجودات.

    د- لعلَّ منشأ عدم ورود دعاء في القرآن إلا بهذا الاسم هو إفادة هذا اللفظ
    حالة الإنقطاع إلى الله تعالى أكثر من غيره من الأسماء الحسنى.


    مِن تجليات الربوبية
    إنَّ كل صفحة من عالم الوجود من دون استثناء يُبْهِر هذا الإنسان المتفكِّر
    والمتدبِّر في عالم الخِلقة، لما يرى من النظم وحسن التدبير الذي يسود كل جزء
    من أجزائه، سواء نظرنا إليه على نحو الانفراد والاستقلال أو بما هو مندكٌ
    وجزء من أجزاء صفحة عالم الوجود، فهو الله الواحد الأحد الذي هدى وربَّى
    ونظَّم كل هذه الأجزاء ترتيباً في منتهى الدقة والكمال، ولنيله كماله المطلوب
    بأتمِّ وجه، بحيث لا يمكن أنْ يتصور هناك نحو تنظيمٍ أحسن أو أدق منه، وهذا
    ما برهن عليه التقدُّم العلمي، بل أنَّ أكثر العلوم ما هي إلا اكتشافات، وهو
    نحو إزالة الستار والحجاب عن تلك الحقائق والقوانين التي كانت تسود عالم
    الطبيعة، فكان دور الإنسان الالتفات أو العلم بها بعد أنْ كان غافلاً عنها أو
    جاهلاً بها.




    الإمام الصادق عليه السلام في رواية مفضل بن عمر يكشف الستار عن الكثير من
    القوانين والنظم التي تسود العالم الذي لطالما غفل عنها الإنسان أو كان
    جاهلاً بها، يكشف عليه الستار الستار ابتداءً بالإنسان وانتهاء بالمجرَّة
    والأفلاك، ويبيِّن مدى دقَّة التنظيم والتدبير والترتيب لهذا العالم، وقد
    ذكرنا جملة منها في الاوراق السابقة بما يناسبها، والآن نشير إلى جانبٍ يسير
    من تلك الرواية بما يناسب التنظيم والترتيب في الخلق، وبحث الربوبية.

    قال الإمام عليه السلام كما في الرواية:

    " فكِّر يا مفضَّل في الطواحن التي جعلت للإنسان فبعضها حداد لقطع
    الطعام وقرضه وبعضها عراض لمضغه ورضه، فلم ينقص واحد الصفتين إذ كان
    محتاجاً إليهما جميعاً.

    تأمل واعتبر بحسن التدبير في خلق الشعر والأظفار، فإنَّهما لما كانا مما يطول
    ويكثر حتى يحتاج إلى تخفيفه أولاً فأولاً، جعلا عديما الحس لئلا يؤلم الإنسان
    الأخذ منهما، وكان قصِّ الشعر وتقليم الأظفار مما يوجد له ألم وقع من ذلك بين
    مكروهين أما أنْ يدع كل واحد منهما حتى يطول فيثقل عليه، وأما أنْ يخففه بوجع
    وألم يتألم منه.

    قال المفضَّل، فقلتُ: فَلِـمَ لم يجعل خلقه لا تزيد فيحتاج الإنسان إلى
    النقصان منه؟
    فقال عليه السلام: إنَّ لله تبارك إسمه في ذلك على العبد نعماً لا يعرفها
    فيحمده عليها.

    إعلم: إنَّ آلام البدن وأدواءه تخرج بخروج الشعر في مسامه ، وبخروج
    الأظفار من أناملها، ولذلك أمر الإنسان بالنورة، وحلق الرأس، وقص الأظفار في
    كل أسبوع، ليسرع الشعر والأظفار في النبات فتخرج الآلام والأدواء
    بخروجهما وإذا طالا تحيرا وقلَّ خروجهما فاحتبست الآلام والأدواء في
    البدن فأحدثت عللاً وأوجاعاً، ومنع مع ذلك الشعر من المواضع تضر بالإنسان
    وتحدث عليه الفساد والضر، لو نبت الشعر في العين ألم يكن سيعمي البصر ؟ ولو
    نبت في الفم ألم يكن سينغص على الإنسان طعامه وشرابه ؟ ولو نبت في باطن الكف
    ألم يكن سيعوقه عن صحة اللمس وبعض الأعمال ؟.. فانظر كيف تنكب الشعر عن
    هذه المواضع لما في ذلك من المصلحة، ثم ليس هذا في الإنسان فقط بل تجده في
    البهائم والسباع وسائر المتناسلات فإنَّك ترى أجسامها مجللة بالشعر، وترى هذه
    المواضع خالية منه لهذا السبب بعينه فتأمل الخلقة كيف تتحرز وجوه الخطأ
    والمضرة، وتأتي بالصواب والمنفعة



    إعطاء الربوبية حقها
    حينما ننظر إلى البشر نجد أنَّهم إنَّما يسعون ويتحركون إلى الأمام لوجود
    محرك وداعٍ إلى تلك الحركة، إلا أنَّ هذا الداعي ومنشأ الحركة مختلف فيه
    البشر بحسب سعة مداركهم واطلاعهم وثقافتهم وديانتهم وغير ذلك من الأسباب فعلى
    سبيل المثال:

    - الطفل قد تجده يسعى ويثابر بالتعليم والدراسة، من أجل الجائزة التي وعَدَهُ
    بها أبوه إنْ نجح في الامتحان، كإعطائه دراجة هوائية مثلاً.

    - ولكن حينما يكبر هذا الطفل ويصبح بالغاً ومراهقاً ويعيش نضوجه الفكري
    المناسب لمرحلته، يرى أنَّ الدراجة وأمثالها من الأمور التافه، و لا تولِّد
    فيه ذرة من الحركة للدراسة والتعليم، وإنَّما يحركه في هذه المرحلة ما يناسب
    كماله الفكري ووعيه المراهقي لا الطفولي، فتحركه السيارة وأمثالها لأنَّه
    يراها من الكمالات التي توجب السعادة والافتخار والبهجة له فيسعى لتحصيلها.

    - وبعد تخطِّي مرحلة المراهقة نرى الكثير من قناعاته تتبدل شيئاً فشيئاً، فلا
    تكون السيارة هدفاً حصريَّاً أو علة تامة لتحريكه نحو التحصيل ومواصلة
    التعليم، بل ذات العلم بما يملك من شرافة وقيمة وقدسيِّة لدى العقلاء، فيسعى
    للتعلم ونيل أعلى الرتب العلمية كالدكتوراه مثلاً، لينال إعجاب الناس
    واحترامهم وتقديرهم له، وهي لذَّة تفوق لذَّة شراء سيارة أو بيت وغيرهما.

    - وأما العلماء فإنَّهم يرون الدنيا وما فيها من زخارف وممتلكات وعناوين كلها
    تافهة لا يستحق بذل جهدٍ من أجلها، ولا يأنس بها إلا من كان ضعيف العقل وبسيط
    الذهن كالطفلة البسيطة التي تغمرها الفرحة والسرور وكأنَّها ملكت الدنيا وما
    فيها حينما تمتلك دمية صغيرة، وما ذلك إلا لبساطة عقلها، وعدم وإدراكها لما
    هو أرفع وأجل من ذلك بكثير.

    فلا تحركهم - مثقال ذرة - تلك الأمور، لعلمهم بسلبياتها المتعددة الجوانب، من
    قبيل أنَّها فانية ودار الآخرة باقية، والباقي خير من الفاني، وإنَّ نعيمها
    محدود لا تتأتى إلا بالتعب يسبقه ويتوسطه ويلحقه، بخلاف نعيم الآخرة فلا
    يعتريها التعب والمشقة بوجه من الوجوه، بل هي متعة ولذَّة في جميع الجهات،
    وإنَّ من عظمة نعيمها لا يمكن أنْ يدركها العقل البشري في هذه النشأة مهما
    حاول، وأضف إلى ذلك أنَّ الدنيا رأس كل خطيئة، ولو لم تكن إلا هذا لكفى
    في بغضهم لها وتركها وبغضها.

    واعلم أنَّ العلماء أيضاً على مراتب مختلفة في منشأ تحركهم وعبادتهم لله
    تعالى، ويعود ذلك إلى ما يملكون من معارف كماً وكيفاً، وبمقدار ما ينجذبون
    للحق تعالى، وأُنسهم به:

    فمنهم مَنْ هيمَنَ عليهم خوف النار بعد أنْ علموا أنَّها أعظم وأدهى من نار
    الدنيا، بل لا يقاس بها، فهم لم يستطيعوا تحمل نار الدنيا التي تطفيها الحجار
    والرمل، فكيف يمكنهم أنْْ يتحملوا ناراً وقودها الناس والحجارة، أي سبباً
    في زيادة نارها واشتعالها، فعرفوا أنَّ هذه النار أعظم وأدهى، وليست من سنخ
    نار الدنيا، فزجرهم هذا العلم من ارتكاب المعاصي والذنوب وحثهم على الطاعة
    والانقياد مخافة النار وبئس القرار.

    وقد ورد ت الروايات الدالة عظمة هذه النار منها ما روي عن أبي بصير، عن أبي
    عبد الله عليه السلام قال: قلت له: يا بن رسول الله خوفني فإنَّ قلبي قد قسا.
    فقال: يا أبا محمد استعد للحياة الطويلة، فإن جبرئيل جاء إلى النبي صلى الله
    عليه وآله وهو قاطب وقد كان قبل ذلك يجئ وهو متبسم، فقال رسول الله صلى الله
    عليه وآله: يا جبرئيل جئتني اليوم قاطباً ؟
    فقال: يا محمد قد وضعت منافخ النار.
    فقال: وما منافخ النار يا جبرئيل ؟
    فقال: يا محمد إنَّ الله عزَّ وجلَّ أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتى
    ابيضت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت فهي
    سوداء مظلمة، لو أنَّ قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من
    نتنها، ولو أنَّ حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً وضعت على
    الدنيا لذابت الدنيا من حرها، ولو أنَّ سربالاً من سرابيل أهل النار علق بين
    السماء والأرض لمات أهل الدنيا من ريحه.
    قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى جبرئيل، فبعث الله إليهما ملكاً.
    فقال لهما: إن ربكما يقرؤكما السلام ويقول: قد أمنتكما أنْ تذنبا ذنباً
    أعذبكما عليه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: فما رأى رسول الله صلى الله
    عليه وآله جبرئيل متبسماً بعد ذلك، ثم قال: إنَّ أهل النار يعظمون النار،
    وإنَّ أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم، وإنَّ جهنم إذا دخلوها هووا فيها
    مسيرة سبعين عاماً، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد وأعيدوا في دركها
    فهذه حالهم، وهو قول الله عزَّ وجلَّ كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم
    أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق
    ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت
    عليهم)

    ومنهم من استحوذ عليهم نعيم الجنان، وما فيها من الخيرات، يعجز اللسان عن
    البيان، والعقل من الإدراك، قال تعالى (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
    جزاء بما كانوا يعملون)، وقد ورد في تقريب جهة من نعيمها، في نهج
    البلاغة:

    " فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لعزفت نفسك عن بدائع ما أخرج إلى
    الدنيا من شهواتها ولذاتها وزخارف مناظرها، ولذهلت بالفكر في اصطفاق
    أشجار غيبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها، وفي تعليق كبائس
    اللؤلؤ الرطب في عساليجها وأفنانها، وطلوع تلك الثمار مختلفة في غلف
    أكمامها. تحنى من غير تكلف فتأتي على منية مجتنيها، ويطاف على نزالها
    في أفنية قصورها بالاعسال المصفقة والخمور المروقة.

    قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتى حلوا دار القرار, وأمنوا نقلة
    الأسفار. فلو شغلت قبلك أيها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك
    المناظر المونقة لزهقت نفسك شوقاً إليها، ولتحملت من مجلسي هذا إلى
    مجاورة أهل القبور استعجالا بها. جعلنا الله وإياكم ممن سعى بقلبه إلى منازل
    الأبرار برحمته ".

    ومنهم وهم الأقلون النادرون في كل الأزمان والعصور اللذين انجذبوا لله تعالى
    وحدة، وغفلوا أو تغافلوا عن نعيم الجنة وعذاب النار، إذ كان حب الحق تعالى
    بالغ الأثر عليهم، مما أدى إلى نسيان ذواتهم، فكيف لا ينسون النار، ونعيم
    الجنان.

    وقد زاد الشوق شوفاً، والحب حبَّاً حينما رأوا الباري تعالى يرغِّبهم ويدعوهم
    لهذا النحو من العبادة ويزهدهم بالمرتبتين السابقتين، وبعبارة أخرى دعاهم
    لإعطاء الربوبية حقها:

    روي أنَّ الله تعالى أوحى إلى داود: يا داود، إنَّ أحب الأحباء إليَّ من
    عبدني بغير نوال، ولكن عبدني ليعطي الربوبية حقها، ومن أظلم ممن عبدني لجنة
    أو نار، ألم أكن أهلاً أنْ أطاع وأعبد خالصة ؟.

    ولذا تفردوا في الدنيا و كانت منشأ حركتهم هو الله تعالى دون غيره، فميَّزهم
    الله تعالى في الدنيا والآخرة لتميزهم في عبادتهم لله تعالى، وقد مُيِّزوا
    بأمور عظيمة وجليلة عن سواهم فهم أفضل الناس على الإطلاق بعد النبيين، ولهم
    أفضل شيء في الجنة، كما أشارت إلى ذلك مجموعة من الروايات، منها:

    عن رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل الناس بعد النبيين في الدنيا
    والآخرة المحبون لله المتحابون فيه، وكل حب معلول يورث بعداً فيه عداوة إلا
    هذين، وهما من عين واحدة يزيدان أبداً ولا ينقصان قال الله عزوجل الإخلاء
    يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) لأنَّ أصل الحب التبري عن سوى
    المحبوب.

    وعن أمير المؤمنين عليه السلام: إنَّ أطيب شئ في الجنة وألذَّه حب الله،
    والحب - في الله - لله والحمد لله، قال الله عزّ وجلّ (وآخر دعواهم أن الحمد
    لله رب العالمين) وذلك أنَّهم إذا عاينوا ما في الجنة من النعيم هاجت
    المحبة في قلوبهم، فينادون عند ذلك: أنْ الحمد لله رب العالمين


    العبد والربوبية
    إنَّ من أهم خصوصيات العبد الرباني وحظوظه من هذا الاسم الشريف والمقدَّس أنْ
    يكون شديد التعلق بالله تعالى والارتباط به، وهذا لا يتحقق إلا من خلال العلم
    والعمل، ولذا تجد أنَّ أكثر العلماء يفسرون - الربّاني- إلى ما
    يعود إلى أحد هذين الأمرين أو إلى كليهما، وهذه بعض تلك الآراء:
    - الرباني: شديد الاختصاص بالرب وكثير الاشتغال بعبوديته وعبادته.
    وواضح أنَّ مقام العبودية مقام العمل. وإنَّ العبودية منوطة بمقام العلم
    والمعرفة، ولولا العلم لما كان هناك عمل.
    الربَّاني: الذي يعبد الرب سبحانه، الكامل بالعلم والعمل.
    قال ابن عباس: ربَّانيُّون. حكماء، علماء، حلماء.
    وعن الحسن: أهل عبادة، وأهل تقوى.
    وقال ابن الأعرابي: لا يقال للعالم ربَّاني حتى يكون عالماً معلماً
    عاملاً.
    قال الأزهري: هم أرباب العلم الذين يعملون بما يعلمون، وبهما يتحقق كمال
    الدين وتمامه.

    فالعبد الربَّاني هو الكامل من حيث العلم والعمل، فلا العلم يراه تمام الكمال
    والمطلوب، ولا العمل من دون علم هدفه، كما لا يتفرَّد بالعلم أو العمل، بل
    يسعى لتعليم الغير ورفع الجهل والنقص من نظرائه قدر المستطاع، كما يسوقهم
    لتهذيب أخلاقهم وأفعالهم من الرذائل والمعاصي ليصلوا إلى ساحل البر والأمان.
    .


    علينا إسدال هذه المعارف والعلوم إلى الخلق ليهتدوا
    بنور العلم والمعرفة ونخرجهم من ظلمة الجهل والحيرة إلى نور العلم واليقين.

    وبذلك نحقق المقتضي لنيل مجموعة واسعة من الفيوضات الإلهية التي لم تخطر على
    فكر بشر من العطاء الإلهي الوافر، كما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
    مخاطباً أمير المؤمنين عليه السلام: لإنْ يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك
    مما طلعت عليه الشمس

    إلا أنَّ سَوق البشر إلى الباري سبحانه وتعالى ينبغي أنْ يكون الداعي إليه
    شعاره وسلوكه هو الرفق والإحسان ممزوجاً بحسن التدبير والتنظيم، بعيدًا تمام
    البعد مِن الخشونة والعصبية والهمجية في التبليغ كي لا تكون النتيجة عكسية لا
    سمح الله تعالى، ونكون قطَّاع الطريق الله تعالى - لا قدَّر الله -.

    فالله سبحانه وتعالى لمْ يبدأ آيات كتابه التدويني إلا ببسم الله الرحمن
    الرحيم، ليقول للبشرية جمعاء أنَّ جميع أحكامه وفعاله تجليات للرحمة والعطف
    والحنان والمودة، وهكذا ينبغي أنْ يكون العبد.

    ولا يخفى عليك أنَّ هذا- هداية البشر- مِن أشرف أعمال البشر حيث أنَّك تتصف
    بأبرز صفات الأنبياء وتَمْتَهِن مهنتهم عليهم السلام بذلك.

    وهذا تجسيد معنى الرب في واقعك وسلوكك العملي، "فالرب في الأصل، مصدرٌ بمعنى
    التربية وهي تبليغ الشيء مِن حد النقص إلى حد الكمال على سبيل التدريج".


    الحذر مِن ربوبية النفس
    من المخاطر والمفاسد الكبيرة التي تمنع الإنسان من نيل كماله المطلوب، هو
    دعواه الربوبية لنفسه، وتقف هذه الربوبية مانعاً أمام نجاته، وهدايته،
    وكماله، وسعادته.

    والبشر في دعوى الربوبية للذات على نحوين:
    الأول: مَنْ يُظهِر ويجاهر أمام الملأ بدعواه الربوبيِّة، وهم قليلون جداً،
    مِنْ قبيل فرعون القائل)، ونمرود الذي حاج إبراهيم
    الخليل عليه السلام وادعى إنَّه الرب بزعم أنَّه يحي ويميت، قال تعالى ;ألم
    تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي
    يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق
    فآت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين
    " فإنَّه لما ألقى نمرود إبراهيم عليه السلام في النار وجعلها الله عليه
    بردًا وسلامًا، قال نمرود: يا إبراهيم مَنْ ربك ؟
    قال عليه السلام: ربي الذي يحيى ويميت.
    قال نمرود: أنا أحيي وأميت.
    فقال له إبراهيم عليه السلام: كيف تحيي وتميت ؟
    قال إليّ برجلين ممن قد وجب عليهما القتل فأطلق عن واحد، واقتل واحداً فأكون
    قد أحييت وأمت.
    فقال إبراهيم عليه السلام: إنْ كنت صادقاً فأحي الذي قتلته، ثم قال دع، هذا
    فإنَّ ربِّي يأتيني بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب، فكان كما قال الله
    عزَّ وجلَّ ;فبهت الذي كفر,,, أيْ انقطع وذلك أنَّه علم إنَّ الشمس أقدم منه

    هذا وقد "ورأى نمرود في المنام أنَّ إبراهيم عليه السلام خرج من النار سالماً
    غانماً.. فعلا منظراً عالياً ليرى حاله، فرآه في منزل مبارك مزين لم يرَ مثله
    قط ورأى رجلاً ماثلاً بين يديه فتحيَّر ونادى بصوت عال:
    يا إبراهيم كيف نجوت من النار الشديدة ومَنْ هو معك ؟
    قال: نجوت من فضل ربِّي، وهذا ملك أرسله ربِّي ليؤنسني ويخدمني.
    فقال نمرود: لقد اخترت ربَّاً عظيماً له هذه القدرة فهل تقدر أنْ تخرج من
    النار؟! فقام عليه السلام ومشى على النار إلى نمرود، فقام نمرود تعظيماً له
    لما شاهد منه من الكرامة.
    فقال: يا إبراهيم إنِّي أريد أنْ أتقرب من ربك بقربان.؟
    فقال عليه السلام: إنَّ ربِّي لا يقبل منك حتى تؤمن به وتقرَّ بوحدانيته.
    فقال: إنِّي لا أومن بذلك، ولكن أتقرب بقربان فقتل أربعة آلاف بقر، وأربع
    آلاف أغنام وأباعير.
    وقيل: إنَّه أراد أنْ يؤمن فمنعه وزيره هارون عمه عليه السلام.
    وقال له: إيمانك برب السماء بعد أن ْ كنتَ رب أهل الأرض وتنزلك من الربوبية
    إلى العبودية مذلَّة لك فأخذته العزَّة ورجع عن إرادته.

    أرأيت أيها العزيز: كيف تحجب دعوة الربوبيِّة الإنسان من الوصول إلى الكمال
    والسعادة الأبديِّة، مع كل التأيدات الإلهية له، من مشاهدته للمعجزات
    الباهرة، ومقارعته بالحجج الدامغة، وإرائته الرؤى الصادقة في المنام..

    لذا ينكشف لنا أهمية استشعار العبودية في النفس والانقياد إلى رب الأرباب
    سبحانه وتعالى، وعدم الغفلة عن النفس التي تسعى جاهدة لإظهار ربوبيتها على
    خلق الله.

    ورد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إنَّ الله تبارك وتعالى أهبط ملكاً
    إلى الأرض فلبث فيها دهراً طويلاً ثم عرج إلى السماء، فقيل له: ما رأيت ؟
    قال: رأيت عجايب كثيرة، وأعجب ما رأيت أنَّي رأيت عبداً متقلباً في نعمتك،
    يأكل رزقك، ويدعي الربوبيِّة، فعجبتُ من جرأته عليك ومن حلمك عنه.
    فقال الله جل جلاله: فمن حلمي عجبت ؟
    قال: نعم.
    قال: قد أمهلته أربعمائة سنة لا يضرب عليه عرق، ولا يريد من الدنيا شيئاً إلا
    ناله، ولا يتغير عليه فيها مطعم ولا مشرب.

    ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم
    الكافرين

    ذكر يا ربّ
    عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنَّه قال: مَنْ رفع يديه إلى الله تعالى،
    ويقول متضرِّعاً: يا رب ثلاث مرات، ملأ لله تعالى يديه من الرحمة.

    وعنه صلى الله عليه وآله: إذا قال العبد: يا رب، يقول الله تعالى: لبيك، وإذا
    قالها ثانيا وثالثا، قال الله تعالى: لبيك عبدي، سل تعط.

    وعن الصادق عليه السلام، إنَّ رجلاً أتاه، فقال: يا ابن رسول الله، أخبرني عن
    أعظم أسماء الله تعالى، وكان بين يديه حوض، وكان يوماً بارداً.
    فقال عليه السلام للرجل: ادخل في هذا الحوض، واغتسل حتى أخبرك به، فدخل الرجل
    في الحوض، واغتسل فبقي فيه ساعة، فلما أراد الخروج، أمر عليه السلام غلمانه
    أنْ يمنعوه من الخروج، فبقي فيه ساعة، فتألَّم من البرد.
    فقال: رب أغثني.
    فقال الصادق عليه السلام: هذا ما سألت عنه، فإنَّ العبد إذا اضطر، يدعو الله
    بهذا الاسم، فيغيثه الله تعالى.

    وفي المصباح للكفعمي، الرب: من أكثر ذكره حفظه الله في ولده.
    مواضيع ذات صلة
  • اسحا
    أعضاء نشطين
    • Dec 2020
    • 11 

    #2
    ماشاء الله
    تعليق
    • عيسى السويدي
      أعضاء نشطين
      • Jul 2020
      • 116 
      • 54 
      • 260 

      #3
      فالرب هو المالك الذي يدبر أمر مملوكه، ففيه معنى الملك، ومعنى الملك (الذي عندنا في ظرف الاجتماع) هو نوع خاص من الاختصاص وهو نوع قيام شئ بشئ يوجب صحة التصرفات فيه، فقولنا العين الفلانية ملكنا معناه: ان لها نوعا من القيام والاختصاص بنا يصح معه تصرفاتنا فيها ولولا ذلك لم تصح تلك التصرفات وهذا في الاجتماع معنى وضعي اعتباري غير حقيقي وهو مأخوذ من معنى آخر حقيقي نسميه أيضا ملكا، وهو نحو قيام اجزاء وجودنا وقوانا بنا فان لنا بصرا وسمعا ويدا ورجلا، ومعنى هذا الملك انها في وجودها قائمة بوجودنا غير مستقلة دوننا بل مستقلة باستقلالنا ولنا ان نتصرف فيها كيف شئنا وهذا هو الملك الحقيقي. والذي يمكن انتسابه إليه تعالى بحسب الحقيقة هو حقيقة الملك دون الملك الاعتباري الذي يبطل ببطلان الاعتبار والوضع، ومن المعلوم ان الملك الحقيقي لا ينفك عن التدبير فان الشئ إذا افتقر في وجوده إلى شئ فلم يستقل عنه في وجوده لم يستقل عنه في آثار وجوده، فهو تعالى رب لما سواه لان الرب هو المالك المدبر وهو تعالى كذلك منقول من تفسير الميزان

      تعليق
      يتصفح هذا الموضوع الآن
      تقليص

      المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

      يعمل...
      X