الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

التربية الإسلامية

مملكة الاسلامية العامة

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جيهان عبد الظاهر
    كاتب الموضوع
    عضو نشيط
    • Jun 2013
    • 2989 
    • 19 

    آفة المجتمع هي التقليد الأعمى:
    التحذير أنواع كثيرة وننتقل اليوم لبعض أنواع التحذير، أولاً من أكبر الآفات الاجتماعية التي تسبب ضياع الأمة التقليد الأعمى للأقوياء والأغنياء، التقليد الأعمى قد ينسي الإنسان هويته كما ترون، نحن أمة خصها الله بوحي السماء، نحن أمة معنا منهج، وأمة قال الله عنا:

    ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ (110) ﴾

    (سورة آل عمران)
    أي أصبحتم خير أمة حينما اختص الله هذه الأمة ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك تجد الناس يلهثون وراء التقليد، مصمم أزياء رئيسي في غرب أوروبا هو الذي سيحدد ما ينبغي أن تبديه المرأة وما تخفيه من جسمها، أما منهج الله عز وجل وتوجيهات رسول الله هذه تأتي في المرتبة الثانية، آفة المجتمع هي التقليد الأعمى، لذلك التقليد الأعمى دليل انهيار القيم الدينية في المجتمع، ودليل ضعف العقيدة، وعدم وضوح الهدف، والجهل بالمنهج، فهذا التقليد الأعمى ربما ساق الإنسان فرداً وساق المجتمع إلى الويلات، أنا أؤكد لكم أنه كم من بيت تهدم من التقليد الأعمى، وكم من امرأة طلقت بسبب التقليد الأعمى، وكم من أولاد تربوا مشردين بسبب التقليد الأعمى، فلذلك المربي معلماً كان أو أباً أو مرشداً ينبغي أن يحذر.
    الآن بحياتنا المدنية يوجد تحذير يقال: تقاطع طرق، أكثر الحوادث المروعة بسبب تقاطع الطرق، انتبه تقاطع طرق أو انتبه منعطف خطر أو جليد، فبحياتنا اليومية باستعمال الطرق، والأدوية، ضع هذا الدواء بعيداً عن أيدي الأطفال سام، تيار كهربائي احذر خطر الموت، حياتنا اليومية بنظام السير أو الكهرباء أو الأدوية فيه آلاف التحذيرات، والتحذير دليل رقي.

    كل المنهيات في الدين تحذيرات:

    وجدت في مركبة حديثة مكتوب باللغة العربية على المرآة أن هذه المرآة لا تعطيك الأبعاد الحقيقية مقعرة ! فالذي يقود المركبة قد يظن أن المسافة كبيرة بينه وبين المركبة التي قبله يراها في المرآة، يأتي التحذير انتبه، هذه المسافة ليست صحيحة، حتى تأتي الصورة واضحة وواسعة قد لا تكون المرآة مستقيمة، قد تأتي مقعرة أو منحنية، هذا التقعر أو الانحناء يبعدها عن الحقيقة، لو أن حادثاً وقع ولم تكتب الشركة على المرآة هذا التحذير قد يقام عليها قضية، وقد تربح القضية.
    لاحظ حياتنا المدنية في الطرقات وفي المطارات وفي توزيع الأدوية وفي مجالات عديدة جداً هناك تحذيرات، من باب أولى الإنسان يتلقى تحذيرات من الله عز وجل، أساساً كل المنهيات في الدين تحذيرات، الأمر الإلهي نوعان أمر تكليفي وأمر تكويني، الأمر التكويني فعله، أما التكليفي أمره ونهيه، فالله عز وجل يأمر وينهى، والنهي تحذير، فإذا كان الله جل جلاله هو الذي يحذر، والنبي إياكم كذا وإياكم كذا، إياك وما يعتذر منه، ولا تقربوا مال اليتيم، ولا تقربوا الزنى، فكل منهيات القرآن والسنة تحذير، فالمربي من باب أولى أن يسلك أسلوب التحذير مع من يربيه، والحقيقة التحذير في معنى الرحمة والحكمة والعلم، الذي يحذر عالم.
    مثلاً الإنسان يشعر كأن معه بوادر مرض إنتاني يشتري دواء ليكافح الإنتان، هذا الدواء تسعة وتسعون بالمئة من الناس عندما يشعر أنه تحسن يوقف الدواء، هذا الدواء إذا أوقفه، الجرثوم الذي دخل لجسمه بكميات الدواء القليلة يصنع مضاداً، يصبح هذا الجرثوم ممتنعاً عن أن يعالج، يقول لك الطبيب استعمل هذه الحبوب حتى نهايتها ولو شعرت بالتحسن من الحبة الثانية، حتى يقضي الدواء على الجرثوم قضاء مبرماً، أما إذا أعطيته جرعة مخففة الجرثوم يبقى حياً، ويصنع مصلاً مضاداً فعندئذ لا تستطيع أن تصنع مصلاً مضاداً في المستقبل، باب التحذير باب رائع جداً، الإله، والنبي، وكل إنسان، عالم، وحكيم، ورحيم كل حياته تحذيرات لمن حوله، فلذلك أولى بالمربي وبالمدرس وبالمعلم وبالموجه وبالأب وبالأم أن يحذروا.
    التشبه بالغير تقليد أعمى وليس المُقلِّد كالمُقلَّد:

    الحقيقة موضوع الدرس أول شيء ينبغي أن نحذر من حولنا ممن نعلمهم التقليد الأعمى، الإنسان المقلد أحمق، وهناك أحاديث كثيرة تتحدث عن التقليد الأعمى:

    (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفِّ ))

    [الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ]
    عندنا قاعدة التشبه بالغير تقليد أعمى، ليس المُقلِّد كالمُقلَّد، لمجرد أنك سلكت سلوك التقليد العمى فأنت دون من تقلد، لماذا قنعت أن تكون دونه ؟ الطاقات التي أودعها الله في الإنسان طاقات مفتوحة وليست مغلقة، فالذي يقلد لمجرد أنه يقلد وضع سقفاً فوق رأسه وارتضى أن يكون محدوداً، ولن يستطيع مقلد أن يقلد تقليداً تاماً، وضع سقفاً وهو دون هذا السقف، لذلك الذين تفوقوا في الحياة ما قلدوا ولكنهم ابتدعوا، بالمعنى اللغوي لا بالمعنى الشرعي، بحثوا عن شيء جديد وأسلوب جديد في الحياة، بحثوا عن حرفة نادرة، لكن بلاء الناس حتى في التقليد في التجارة، أي حرفة تنجح تقلد تقليداً غير معقول إلى أن تصبح حرفة غير مربحة، من كثرة التقليد والمنافسة، لذلك ما من مشروع نجح نجاحاً كبيراً إلا لأنه كان رائداً، ولأن الذين قاموا عليه ما قلدوا ولكنهم بحثوا عن شيء جديد.
    لذلك من الزاوية الدينية والدنيوية الذي يفكر بأسلوب جديد يربح، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم.

    (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا ))

    [الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ]
    أنت لك هوية وتاريخ، مرة كنت بقارة، هذه قارة بجنوب شرق آسيا، قارة أستراليا، قالوا لي: هذه القارة ليس لها تاريخ ! قلت: كيف ؟ قالوا: هذه القارة أول من سكنها من غير سكانها الأصليين العتاة والمجرمون الذين أبعدوا من بريطانيا إلى أستراليا، فأجداد هذه الأمة مجرمون، أنت لك أجداد عظام وأبطال، أنت من أمة راقية واصطفاها الله لتكون بينه وبين الخلق، أنت لك تاريخ، هذا الإنسان له تاريخ، له منهج، معه هدف، لماذا يقلد ؟ أبسط شيء (باي) ! ما هذه ؟ السلام عليكم، هذا سلام المسلم، عوِّد نفسك أن تكون إسلامياً حتى في كلامك وفي عباراتك اليومية.

    التقليد الأعمى يلغي شخصية الإنسان وهويته وطموحه ويدل على ضعف فيه:

    أول بند في هذا اللقاء الطيب يجب أن تحذر من تربيه من طلابك أو من أبنائك أن تحذرهم من التقليد الأعمى الذي يلغي شخصية الإنسان وهويته وطموحه، ويدل على ضعف فيه، غير الإلغاء قد ينقله للفساد والهلاك.
    مثلاً تجد أسرة فيها تفاهم وود لأن المرأة تريد أن تقلد جارتها أو قريبتها أو أختها التي تزوجت من غني تصبح حياة الأسرة جحيماً، تريد أن تظهر بمظهر لا تملك ثمنه، مع أن زوجها جيد، والدخل يغطي المصاريف الأساسية، والأمور جيدة، لكن لمجرد أن تقلد هذه الأسرة دخلت في متاهة.

    (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا ))

    [الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ]

    (( لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ))

    [ البخاري عن أبي هريرة]
    أحياناً تحتار أن هذه الأزياء غير مقبولة، وغير معقولة، وغير منطقية، لأن الأقوياء الذين نعظمهم ارتدوا هذه الثياب ينبغي أن نفعل مثلهم.
    مرة اشتكى لي أحد أصحاب معامل الجوارب أن صرعة انتشرت بين الناس وهي عدم ارتداء الجوارب في الصيف، شكا لي همه ! أننا عبيد لما يأتينا من الغرب.
    حدثني أخ تاجر يعمل في الكلف النسائية قال: يكون عندنا بضاعة بالملايين، بعد شهر أو شهرين تأتي في مجلات الأزياء أنماط جديدة، كل هذه البضاعة لا تباع ولا بعشر قيمتها، المسلمون يلهثون وراء ما يستحدث في الغرب.
    طبعاً هذا يستهلك طاقات، الإنسان حينما يلهث وراء أحدث الصرعات في الحياة لا يعجبه شيء وهو بالمقابل لا يعجب أحداً ! الحديث الأول فيه تشديد كبير:

    (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا ))

    [الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ]
    الحديث الثاني فيه وعيد:

    (( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ))

    [أبي داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ]
    تحريم تقليد الأجانب إلا بما يفيد:

    قال النبي الكريم:

    (( لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا ))

    [الترمذي عَنْ حُذَيْفَةَ]
    الناس يقولون مثل هذا القول، أنت مع الناس ماذا يقولون ماذا أفعل بلوى عامة:

    (( لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا ))
    حينما أشعر أن إنساناً يقابل السيئة بالسيئة يسقط من عين المجتمع لماذا ؟ لك جار أساء لك إساءة بالغة، أنت إذا أسأت له إساءة بالغة من نوع إساءته أنت مثله وليس لك فضل عليه أبداً، لذلك قالوا:

    (( لَا ضرر وَلَا ضرار ))

    [رواه ابن ماجة عن عبادة بن الصامت]
    أي أن الضرر لا يزال بضرر مثله،إن فعلت كما فُعل بك، أنت مثل الذي فُعل بك، مرة ثانية:

    (( لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا ))
    معاذ الله، لكن يوجد استثناء من هذه القاعدة، لكن لو قلدت الأجانب بشيء من النظام مثلاً رائع، لو قلدتهم بدقة مواعيدهم أروع، لو قلدتهم بإتقان صنعتهم أروع وأروع، المؤمن منفتح يمكن أن يقتبس من كافر أسلوباً جيداً في التعامل أو في الصناعة ممكن.
    قال بعض الأدباء: ثقافة أية أمة ملك البشرية جمعاء لأنها بمثابة عسل استُخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال.

    ثقافة أية أمة ملك البشرية جمعاء:

    هل يعقل إذا لدغتنا جماعة من النحل أن نقاطع عسلها ؟ يوجد حديث كبير عن مقاطعة البضائع التي تأتينا من بلاد تدعم أعداءنا، نحن جميعاً مع المقاطعة، لكن مع مقاطعة ماذا ؟ مقاطعة البضائع الاستهلاكية أو الضارة كالدخان أو المركبات، لكن لسنا مع مقاطعة البرامج أو مقاطعة الأدوات الطبية العالية جداً، هذه تنفع المسلمين، لكنهم من لؤمهم يحظّرون علينا ما ينفعنا ويبذلون لنا ما يضرنا، فلذلك قضية تقليد الأجنبي بدقة المواعيد فرضاً، بإتقان الصنعة، وبالنظام، يوجد في النظام شيء رائع جداً، هذا شيء ينبغي أن نقلدهم فيه، ولأن هذه الثقافة ربما كانت من عندنا في الأساس !
    دخلت لمتحف في شيكاغو، متحف علمي كبير جداً، تقريباً ثلثه متعلق بالعالم الإسلامي، علماء المسلمين وعلماء الجغرافية وعلماء الفلك والرياضيات، إنتاجهم، أشكالهم وأشكال بحوثهم ومخترعاتهم كلها موجودة وباللغة العربية ! إذا أعجبك شيء من الأجانب قد يكون أصله من عندنا.
    أعيد وأكرر ثقافة أية أمة ملك البشرية جمعاء لأنها بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال، فكل شيء جيد من عند هؤلاء ينبغي أن نأخذه، أحد الأدباء سئل: ماذا نأخذ وماذا ندع من الغرب ؟ قال: نأخذ ما في رؤوسهم وندع ما في نفوسهم، بعضهم قال: أوروبا عقلها من ذهب وقلبها من حديد، قاسية قسوة الحديد، لكن إنتاجها ينم عن ذكاء وتفوق علمي كبير، فحينما نهاجم التقليد الأعمى لا نمنع أن تقلد ما هو جيد ووفق منهج المسلمين ومتوافق مع منهج القرآن والسنة لا مانع.
    مرة كنت في مصر، عندهم تقليد رائع، شاب مقدم على الزواج له أصحاب، نحن ماذا نفعل ؟ نأتي بقطعة للبيت قد يأتيه مثلها عشر قطع لا يحتاجها ! هو يضع عند صديق حاجاته، وكل واحد يريد أن يقدم هدية لهذا الشاب يسأل هذا الذي اعتمده والذي سيهدى عليه، فيتعاونوا على تأمين حاجاته التي رتبها وصممها، فتأتي الهدايا كلها متوافقة مع حاجاته، إذاً يوجد تنسيق، أنت ينبغي أن تدفع له ألف ليرة، ويلزمه شيء بخمسة آلاف وأنتم خمسة لو تعاونتم على شراء هذه الحاجة حلت مشكلته ! والله شيء جميل !
    الإنسان ينبغي عليه أن يعتز بدينه:

    من باب الأشياء اللطيفة دعيت مرة لإلقاء محاضرة في بلدة جنوب شيكاغو اسمها أنديانا مدينة كبيرة، فالذي دعاني طبيب متفوق، المسجد عندهم رائع جداً، أما الطابق الأرضي ثلاثة أبهاء متساوية، يقطع هذه الأبهاء أبواب أكورديون، فإذا أغلقت هذه الأبواب أصبح هناك ثلاثة أبهاء كاملة، فطبعاً الدعوة لإلقاء محاضرة، وكان هناك حفل عشاء، الطاولة في البهو الأوسط، وعليه من الطعام مالا يصدق، حوالي أربعين خمسين ستين نوع من الطعام وكله من الدرجة الأولى، من طبخ هذا الطعام ؟ من أي مطعم جاءوا به ؟ إكرام منقطع النظير، ثم جاء الرجال كل واحد معه صحن أخذ من هذا الطعام ما يكفيه، وجاء للبهو الأول، ثم جاءت النساء وأخذت من الطعام ما يكفي كل واحدة واتجهت للبهو الثالث، فالرجال والنساء أكلوا معاً، والطعام نفيس وبكميات كبيرة جداً، لفت نظري بعد الانتهاء من الطعام كل امرأة جمعت حاجتها لسيارتها، مع العلم أنه لم يشترِ أحد هذا الطعام، كل أسرة جاءت بنوع من أنواع الطعام ! سبعين أسرة سبعين طبخة، استهلك من الطبخة واحد بالعشرة جاءت ربة البيت أخذت هذه العبوة لمركبتها، لم يدفع أحد قرشاً وقدموا طعاماً نفيساً جداً وسيأكلونه بعد يومين من الوليمة، والصحون والأدوات كلها كرتون أو بلاستيك.
    وجدت وليمة فخمة جداً، الطعام طيب وثمين، والجميع أكل بوقت واحد، وفي النهاية لا يوجد جهد ولا دفع !
    حضرت درساً صباحياً بمنطقة اسمها ديترويت، عندهم تقليد أن الدرس الصباحي يوم الأحد، وعقب الدرس عندهم فطور، من أحضر الطعام ؟ كل واحد يحضر شيئاً، تجد مائدة بما لذّ وطاب، صار في درس وطعام محبب وشيء يجذب.
    يوجد أشياء تعجب بقضية الطعام والنظام، فإذا اطلع الإنسان على نماذج لطيفة في العلاقات العامة لا مانع من أن يقلدها، أنت لست ضد كل شيء، أنت ضد المعصية والانحراف، التقليد بكل شيء محرم فهو محرم، وكل شيء غير محرم لكنه يشير إلى الطرف الآخر، التقليد يعني محبة وولاء للطرف الآخر:

    (( فمن هوي الكفرة فهو مع الكفرة ولا ينفعه من عمله شيئاً.))

    [السيوطي عن جابر]
    الإنسان ينبغي أن يعتز بدينه لقد قال الله عز وجل:

    ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

    (سورة فصلت)

    الكثير من العادات والتقاليد ليست من الدين في شيء:

    في حياتنا تجد لكي تستطيع أن تحل مشكلة بعد الساعة الحادية عشرة، إن كان بمحل تجاري صاحب المحل لا يأتي حتى الحادية عشرة أو الثانية عشرة، وفي بعض الدوائر لا تحل قضية قبل الحادية عشرة، الساعة الثانية انصراف ! يأكلون وينامون ويعودون للعمل وينتهون في الساعة العاشرة من العمل، العالم الغربي كله وفي تركية الساعة الخامسة فجراً تجد الطرق مزدحمة، ينطلقون لأعمالهم باكراً، الساعة الثانية عشرة عندهم راحة نصف ساعة، ثم يتابعون للساعة السادسة، تجد الجميع في المنازل ! الغذاء الساعة السادسة، ويجلس الزوج مع زوجته وأولاده، لاحظ النمط الحالي السهرة بالمحل التجاري، الزوجة وأولادها بعيدون عن الزوج، ووقت الظهيرة مستهلك، وشيء ثان ٍ يوجد استهلاك مواصلات وازدحام، عندهم ذهاب وإياب، ذهاب للعمل وعمل جاد، ثماني ساعات من الثامنة حتى السادسة ويوجد نصف ساعة راحة الظهر، المسلم يصلي ويأكل شطيرة، أولاً لم نستهلك المواصلات، وثانياً كل إنسان جاء لبيته وجلس مع أولاده وزوجته، إذا قلدنا النظام هل هذا خطأ ؟ نحن مستهلكون بالمواصلات ذاهبون وعائدون وازدحام، ووقت الظهر عندهم الوجبة الأساسية مساء الساعة السادسة، بينها وبين النوم مرحلة كبيرة، نحن نأكل الساعة الثانية عشرة ونذهب للنوم فوراً !!
    إذا تكلمنا عن التقليد لا نقلد الشيء الحرام، ولا الشيء الذي فيه اعتزاز بالطرف الآخر، أما الشيء الجيد نقلده، هذا تعليق على موضوع التقليد.
    حتى بعلاقاتنا الاجتماعية يوجد عشرات العادات والتقاليد ليست من الدين في شيء مثلاً: يتوفى للمرأة أخوها لا تعرف سنة، سنتين، ثلاثة ترتدي الأسود، وكل أربعاء تأتي النساء لمواساتها، كما تأتي النساء لمواساتها بعد مرور أربعين يوماً على موته، وكذلك الحال عند مرور سنة، تجد هذا الحزن مشى وانتهى.

    (( قَالَتْ لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا بِصُفْرَةٍ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ))

    [البخاري عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ]
    هذه كلها عادات ليست من الدين، المتوفى وفاته فجيعة، وأهل البيت في مصاب كبير، وفوق مصابهم وحزنهم وألمهم يأتون بالطعام ليطعموا الذين شاركوهم في العزاء وفي تشييع الجنازة.

    بعض التقاليد والعادات المحرمة في الإسلام:

    سمعت عن شابة توفي زوجها في شبابه، فلما جاء الطعام للبيت كي يأكل من اشترك في العزاء والجنازة طردتهم من شدة ألمها. لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

    (( اصْنَعُوا لِأَهْلِ جَعْفَرٍ طَعَاماً فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ ))

    [الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَعْفَرٍ]
    في الإسلام ممنوع الأكل عند الميت، أنت مكلف أن تأتي له بالطعام، أما في تقاليدنا فوق المصيبة والفاجعة والموت يجب أن تأتي بطعام يليق بمقام البيت، وتأتي بالذين شاركوا بالجنازة كي يأكلوا، والله أعتذر دائماً عن تناول الطعام بمناسبة وفاة، هذا مخالف للسنة، هذه عادات، والأفراح أيضاً العادات لا بد من أن يجلس العريس والعروس على المنصة وأمامه النساء الكاسيات العاريات وهذا كله محرم في ديننا، فإذا امتنع شاب لأنه مؤمن هذا يعني أنه أعور عنده مشكلة، فوراً يتهم أن عنده عيباً خلقياً كبيراً، إذا امتنع أن يجلس جانب زوجته في العرس.
    من التقاليد التصوير، هذا فيلم ينطبع عليه مئات النسخ، والنساء كلهن كاسيات عاريات ! فإذا رأى زوج إحدى المدعوات هذا الشريط وسأل زوجته عن كل واحدة وهي في الطريق محجبة وضمن الحفلة متبذلة، وهذا الفيلم صورها، وهذا من أشد أنواع التحريم ومن تقاليد المجتمع.
    حدثني أخ قال: لا أقوى على منع التصوير، هو في آخر حياته، ومكانته في أسرته ضعيفة، وزوجته قوية جداً، وحفلة، جاء للمصورة وسألها: كم تأخذين على الفيلم ؟ قالت: ألفين، قال: خذي فوقهم ألفين لكن لا تضعي فيلماً بالآلة ! استطاع بهذه الطريقة أن يمنع التصوير، وعندما عرفوا بهذا الأمر أقاموا عليها النكير لكن لم يحصل التصوير !
    هذه من تقاليدنا وعاداتنا، التصوير، والعريس، ما أنزل الله بها من سلطان، وحزن على الميت بعد مرور أربعين يوماً، وبعد سنة، وكل أربعاء، حتى يمل الزوج منها بسبب حزنها الطويل على أخيها، الخنساء عندما مات أخوها ملأت الدنيا بكاء، لما أسلمت وماتوا أربعة أولاد لها ما زادت عن أن قالت: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم ! كلمة واحدة فقط !

    التحذير من رفقاء السوء:
    أخواننا الكرام الدرس حول التقليد الأعمى، ولاسيما تقليد الطرف الآخر في المعاصي والآثام، أو فيما يدل عن الولاء لهم ومحبتهم:

    (( فمن هوي الكفرة فهو مع الكفرة ولا ينفعه من عمله شيئاً.))

    [السيوطي عن جابر]
    أما أن تقلد ما هو جيد ونافع، وما هو وفق منهج الله لا مانع، حينما تقف مركبة المدرسة في بلاد الغرب ويرفع السائق إشارة ممنوع السير قبل ثلاثين متراً يقف، طفل ينطلق بالاتجاه الآخر نزل من الباب الأيمن بيته بالجهة اليسرى حتى ينتقل من الجهة اليسرى مطمئن لا تستطيع مركبة أن تمشي ولا متر، ثلاثين متراً قبل الباص وثلاثين متراً بعده، نحن كم طفلاً يموت ؟ يكون مندفعاً للطرف الآخر تمشي سيارة تدهسه ؟! هذا جيد أن تعتني بسلامة الصغار، أمور كثيرة ينبغي أن نأخذها، وأمور كثيرة ندعها، لكن المصيبة نأخذ ما يفسدنا وندع ما ينفعنا، فلما سئل هذا الأديب: ماذا نأخذ وماذا ندع ؟ قال: نأخذ ما في رؤوسهم وندع ما في نفوسهم.
    أخواننا الكرام: يجب أن نحذر من رفقاء السوء، لا أرى خطراً يهدد أولادك كرفيق السوء، ولا أرى رجلاً أعقل ممن اختار هو لأولاده رفقاء صالحين، الطفل يحتاج لرفيق شئت أم أبيت، فإما أن يختار هو رفيقاً صدفة سيئاً، وإما أن تختار له أنت الرفيق، وهذا الرفيق ينبغي أن يكون رفيقاً ويأتي للبيت ويجلس مع ابنك، لا ترفض ما هو كائن حقيقة ولا ترفض ما لا بد أن يكون، وإذا قبلت أنه لا بد من رفيق اختر أنت لأبنائك رفقاء صالحين فالكذب قد يتعلمه الطفل من الرفيق السوء، والسرقة يتعلمها الطفل من الرفيق السوء، وبذاءة اللسان والانحلال والتدخين والعادات السيئة جداً حينما تثور شهوته، حتى الانحراف الخطير كله من رفيق السوء، الطفل يتعلم من رفيقه ستين بالمئة، وأبوه وأمه وإخوته وأساتذته أربعين بالمئة، يعني تأثير رفيق السوء كبير جداً، والآباء والأمهات العاقلون والعاقلات يتخذون أبناءهم أصدقاء وصديقات حتى يشعر أن الأب مع ابنه، والأب يستشار ويباح له ببعض الأسرار والأم كذلك، فكلما اقتربت من ابنك وكنت قريباً منه ويمكن أن يتكلم لك عن أسراره ويأخذ رأيك ويستنصحك تكون أقدر على توجيهه، بينما الحاجز الكبير بين الأب وابنه والعنف الشديد، هناك أمراض كثيرة حتى في النطق يوجد حبسة لسان وتأتأة وفأفأة هذه أمراض اللسان سببها قسوة الأب فيجب أن يكون الأب وديعاً ولطيفاً.
    قاعدة: علامة نجاح أبوتك أنك إذا دخلت للبيت كان عندهم عيد، وعلامة إخفاقك في تربية أولادك إذا دخلت للبيت كان البلاء الأعظم، يتمنون ألا تكون بينهم، أما الأب الصالح يتمنى الأولاد أن يكون أبوهم معهم ليأنسوا به، فعلامة نجاح أبوتك أن يفرح أهلك بدخولك عليهم،
    مواضيع ذات صلة
  • حان الوقت
    أعضاء نشطين
    • Jul 2011
    • 574 

    #2
    بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
    تعليق
    • روزكنزي
      أعضاء نشطين
      • Oct 2010
      • 12874 
      • 508 

      #3
      موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
      تعليق
      • جيهان عبد الظاهر
        كاتب الموضوع
        عضو نشيط
        • Jun 2013
        • 2989 
        • 19 

        #4
        شكرا على كل من قرا موضوعى موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
        تعليق
        • روزكنزي
          أعضاء نشطين
          • Oct 2010
          • 12874 
          • 508 

          #5
          الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
          تعليق
          • برلمان
            أعضاء مسجلين
            • Apr 2012
            • 9305 
            • 44 

            #6
            شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
            تعليق
            • نور الرحمن
              أعضاء نشطين
              • Jun 2012
              • 709 
              • 12 

              #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
              شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
              تعليق
              يتصفح هذا الموضوع الآن
              تقليص

              المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

              يعمل...
              X