كلما لمع نجمك وأجدت لنفسك موقعاً طيباً في خريطة النجاح .. طمحت للمزيد ولفت انتباه من حولك وكلما اجتهدت وتميزت.. حدقت فيك العيون مرة للإعجاب ومرة للتشجيع والإشادة وأخرى للحسد وربما الحقد .. وهؤلاء من نسميهم أعداء النجاح الذين يمتهنون الإساءة لك بشكل أو بآخر .. من يركزون على نقاط ضعفك كمأخذٍ عليك ..
من يتمحور جهدهم لتدميرك بعيداً عن الاستفادة من تجربتك وعملك المتواصل ومشوارك الحافل بالإحباطات والانتصارات .. كمن يهمش نجاحاتك ويغض البصر عن مجهودك وتعبك ويكيل لك الانتقادات لأنك نجحت وبالتالي سلطت عليك الأضواء بينما هو في زاوية مظلمة تشبه إلى حد كبير نفسه المريضة ونلمس هذا الموضوع في كثير من المجالات العملية ، الاجتماعية والثقافية وغيرها وهذه طبيعة الحياة حيث لا فرح دائم ولا حزن دائم .. الحياة التي تتساوى فيها حصة الإنسان من الألم والأمل كل بمقدار ما كتب له في كتاب القدر ..
لكن أعداء النجاح يعتقدون أن الحظ مخصص لهذا الإنسان الناجح أو ذاك الساعي المجتهد دون الآخرين .. كأن يقولون : حظه يكسر الصخر .. متناسين أن الحظ لا يصنع النجاح .. وحده الإنسان وإرادته وإصراره يصنعان النجاح .. وحده الإنسان المثابر يصنع حظه بجده وعرق جبينه بعيداً عن المحاباة والمصالح والتوصيات .. لأن من يتكل على غيره ويصعد على أكتاف الآخرين لن يطول بقاؤه وكما أتى سريعاً سيذهب سريعاً .. على عكس الإنسان الناجح الذي يبدأ من الصفر ويسهر لينال مجداً راسخاً .. يبنيه لبنة .. لبنة .. ويخطو للنجاح خطوة .. خطوة ليترك بصمة لا تشبه أحد سواه
وهنا يكمن الاختلاف بين بناة المجد والنجاح والمتسلقين أعداء النجاح من تسول لهم نفوسهم المريضة بالتقليل من جهد أصحاب النجاح بدءاً بالطعن في الأمانة وانتهاءاً بالتشكيك في الأخلاق وما بين البدء والانتهاء فصول وطقوس عجيبة ومحاولات حثيثة لإنهاء الإنسان المجتهد .
وإن تساءلنا لماذا ؟ سنجد أسباباً كثيرة ولكنها تختلف من عدو نجاح لآخر فهناك من يحسدك ويتمنى زوال ما عندك ليكون له ؟ وآخر يكيد لك ويتحدث عنك بما يسيء لك ويطلق الشائعات المغرضة رغبة منه في إلغاء وجودك والإضرار بسمعتك فينتقص من أهميتك عند الآخرين ومن ثم يبني على أنقاض مجدك - إن هدمه - نجاحه المغتصب منك .. وهناك من يسد عنك منافذ الهواء ويتفانى ليغلق عنك كل الأبواب التي تمد لك يد العون إلى أن تصل إلى بابه وكأنه المنقذ فيجرعك من شروطه ويفعل بك الأفاعيل ليرضي نفسه المريضة ويشعرك بضعفك ويتباهى بقوته .. وآخر يهدمك لأنه يستمتع بذلك ليس لأجل سبب ما ولكن لأن متعته في تدمير كل صاحب تميز ونجاح وكان الله في العون .
يبقى علينا التوقف طويلاً عند صاحب التميز المراد مصادرته للأخذ بيده إن تعثرت خطواته .. لابد أن يعلم أن الحياة لا تخلو من العثرات والسقطات التي نشمل فيها حوادث الدهر وكذلك البشر .. البشر الذين سيجد بينهم ناصع الروح وسقيم النفس .. سيلتقي بمن يعثر له وآخر سيساعده على النهوض .. يبقى عليه ألا يلتفت لمن مات بداخله الضمير ويتأكد أن الشجرة المثمرة لها نصيب الأسد من الرمي والأذية أكثر من غيرها وهذه ضريبة النجاح وإن تزايد الرمي يكفي أن يعلم صاحبنا الناجح أنه عز وجل لا يضيع عمل أحد من عباده ..
كل يجزى على عمله .. يكفي أن يعلم أن نجاحه وتعبه وسهره واجتهاده سيبقى شاهداً للجميع برغم أنف الحاسدين لأن كما هناك من يسيء لك .. هناك من يفرح لفرحك ويشيد بإنجازاتك البسيطة والعظيمة .. هناك من يتمنى لك الخير لأنك متوكل على الله .. مخلص في عمله .
أخيراً :
اعمل .. أخلص في عملك .. ازرع ورداً وإن آذاك الشوك تصبر .. اعمل وليكن عملك مقرون بالإبداع .. لا تدع أحد يكسرك أو يحبطك بل حافظ على موقعك على خريطة النجاح وتأكد أن البقاء دائماً للأفضل .
يقول ألبرت أينشتين "لا تحاولوا أن تكونوا أصحاب نجاحات، بل حاولوا أن تكونوا أصحاب قيم" . وهناك مقولة للكاتب والفيلسوف مصطفى الرافعى "إذا لم تزد على الدنيا شىء فأنت زائد عليها"، إذن عليك أن ت*** إلى الدنيا شيئا، هناك كثيرون جاءوا إلى الحياة وخرجوا منها وكأنهم لم يأتوا ، وهناك من تركوا بصمات وأثروا فى الحياة ومن فيها، مليارات من البشر منذ بدء الخليقة حتى الآن واراهم الثرى ولكن القلائل منهم هم الذين نتذكرهم، لماذا ؟ لأنهم أثروا فينا ، غيروا حياتنا، وضعوا منهجا نسير عليه، أضافوا شيئا للبشرية....
اتمني لكم دوام النجاح.. والتقدم... والرقي .
وفي النهاية اخوتي لا يسعني الا ان اقول لكم ...
(عندما تزرعون في نفسكم الشعور بالنجاح فإنكم في الحقيقة تصنعون النجاح ، فما يشعر به المرء في نفسه سوف يصنعه في واقع الحياة .)
