قال عمرو السراج لذي النون المصري : كيف كان خلاصك من المتوكل وقد أمر بقتلك ؟ فقال له : لما أوصلني الغلام إلى الستر رفعه ، ثم قال لي أدخل ، فنظرت فإذا المتوكل مكشوف الرأس ، وعبد له قائم على رأسه متكئ على السيف ، وعرفت في وجوه القوم الشر ، ففتح لي باب فقلت :
يا من ليس في السموات دورات ولا في البحار قطرات ولا في ديلج الرياح دلجات ، ولا في الأرضيين خبيئات، ولا في قلوب الخلائق خطرات ، ولا في أعصابهم حركات ، ولا في عيونهم لحظات ، ألا وهي لك شاهدات ، وعليك دالات ، وبربوبيتك معترفات وفي قدرتك متحيرات .فبالقدرة التي تحير بها من في الأراضيين ، ومن في السموات .. إلا صليت على محمد وعلى آل محمد ، وأخلت قلب من أرادني بسوء عني .
فقام إلى المتوكل حتى أعتقني ثم قال لي : ( أتعبناك يا ذا النون فإن شئت أن تقيم عندنا فأقم ، وإن شئت أن تنصرف فانصرف ) فاخترت الانصراف .