الحمد لله وكفى وصلاةًوسلاماً على عباده الذين إصطفى. أولاً / في القرآن الكريم : وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم ، ومنها قوله تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) .
حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله : ( عن ابن عباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات أيام العشر )
كما جاء قول الحق تبارك وتعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 – 2 ) . وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية قوله : " وقوله : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " ، هي ليالي عشر ذي الحجة ، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه ".
وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله : ( والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف ) .
وهنا يُمكن القول : إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.
ثانياً / في السنة النبوية :
ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي منها :
الحديث : عن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن العشرَ عشرُ الأضحى ، والوترُ يوم عرفة ، والشفع يوم النحر )( رواه أحمد).
الحديث : عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة ).
قال : فقال رجلٌ : يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله ؟ قال : ( هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله ) .
الحديث: أخرج البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام- يعني أيام العشر- قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء .
وقد دلَّ هذا الحديث على أن العمل في أيامه، أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله، فهو أفضل عنده وقد ورد هذا الحديث بلفظ: ( ما من أيام العمل فيها أفضل من أيام العشر).
وروي بالشك في لفظة: ( أحب أو أفضل )، وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيام السنة كلها، صار العمل فيه وإن كان مفضولا أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلا ولهذا قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ( ولا الجهاد ).
ثم استثنى جهادًا واحدًا هو أفضل الجهاد؛ فإنه صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الجهاد أفضل، قال: ( من عقر جواده وأهريق دمه وصاحبه أفضل الناس درجة عند الله ).
سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو يقول: اللهم أعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين، فقال له: ( إذن يعقر جوادك وتستشهد)، فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر وأما بقية أنواع الجهاد.
فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله عز وجل منها، وكذلك سائر الأعمال، وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره.
بعض خصائص الأيام العشر :
للأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُبعضاً منها:
أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم فقال عز وجل : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 -2 ). ولاشك أن قسمُ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها .