الاعجاز في ضائق (وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (12) هود)
وضاق (وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا (33) العنكبوت)
وضيق (وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) النحل)
ويضيق (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) الحجر)
و ضيّق (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) الفرقان)
ما هي اللمسة البيانية في هذه الصيغ المختلفة؟ (د. فاضل السامرائي)
ضائق إسم فاعل . الجذر الاشتقاقي للكلمة ضاق يضيق. ضائق إسم فاعل قال تعالى (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (12) هود) إسم الفاعل لا يدل على الثبوت. مع أنه إسم لكن لا يدل على الدوام، هناك فرق بين الدوام والثبوت.
فلان واقف ليس دائماً واقفاً هل هي مثل طويل؟ واقف ليس مثل وقوف. ولا في الصفة المشبهة مثل نائم هل هي مثل قصير وطويل؟ النائم يقعد، تتغير حالته ولذلك إسم الفاعل قالوا هو ما دل على الحدث والحدوث وذات الفاعل.
* الحدث فهمناه فما هو الحدوث؟
التغيّر يعني لا يبقى على حاله.
* إذن ضائق إسم فاعل يدل على التغير.
ولذلك لما يقول تعالى للرسول (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) دلالة على أنه ضيق عارض لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أفسح الناس صدراً، ضيق عارض وليس ضيقاً، لا يصح أن يقول ضيّق الصدر.
* ولو قال ضيّق؟
لا يصح لأنه سيكون معناه أنه صلى الله عليه وسلك ضيّق الصدرلا يقبل شيئاً. هذه حالة معينة قال (وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) الرسول أفسح الناس صدراً لا يصح أن يقال عنه ضيق الصدر، لا يجوز.
* لأن ضيّق فيها تحقق وثبوت واستمرارية؟
ضيّق صفة دالة على الثبوت. (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) الفرقان)
هذا لا يتسع، مكان ضيق، هذا دال على الثبوت والدوام. أما ضائق فهي تدل على حدثٍ حدث له. ضيّق صفة مشبهة دالة على الثبوت، لما نقول فلان ضيق الصدر يعني خِلقته هكذا.
إذن (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا) ضيّق هذا مصدر (الياء الساكنة) مثل بيع.
الضيْق هو المصدر يعني الحدث المجرّد (وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) النحل) إذن هو المصدر.
* هل هناك ضِيق؟ أم فيها لحن؟
قد يكون فيها احتمال لكن ضيْق هو المصدر. ويضيق فعل مضارع يدل على الحدوث (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) الحجر) حادث يحدث.
* طارئ، ليس ثابتاً وإنما عارِض؟
(وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) الشعراء) هذا للحدوث.
* ورتل القرآن ترتيلاً :
(وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)) تأمل هذا الوصف المهين لأولئك المساقين إلى النار فقد عبّر عن إدخالهم النار بالإلقاء. فلم يقل تعالى "إذا أُدخلوا منها" لأن الدخول فيه شيء من التكريم. بل قال (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا) لأن الإلقاء ليس فيه إلا المهانة.
فالإلقاء هو الرمي. وهل يرمي الإنسان ما فيه نفاسة أو قيمة؟ وكذلك لا قيمة للكافرين فهم لا يستحقون إلا الرمي والإلقاء.