يقول الامام الحسن البصري مادحا احد تلاميذه العالم المثالي ( عمرو بن عبيد ) ..
عمرو ما عمرو , رجل كأن الملائكة أدبته وكأنه الانبياء ربتــه , ان قام بأمر قعد به وان قعد لأمـــر قام به ..
وان أمر بشيء كان ألــــزم الناس له , وان نهى عن شيء كان اترك له . ما رأيت ظاهـــرا اشبه بباطن منه , ولا باطنا
اشبه بظاهر منه .
هذا الحكم المشرف من إمام له مكانة رفيعة وثقافة عالية في عصره على عالم مثالي وفقيه نزيه , ولكـــن النفوس
المريضة الحاقدة اخذت تمس من شخصية هذا العالم المثالي وتهاجمه في رأيه , واندفعوا يسبونه سبابا جارحا يوحي من حسدهم
وغيرتهم .
وأقبل عليه أحد تلاميذه ذات صباح فقال له :
- يا أبا عثمان اني لأرحمك ما يقول الناس فيك .
اجابـــــــــه بهدوء واطمئنان :-
- يا ابن اخي اسمعتني اقول فيهم شيئا .
قال : لا
قال العالم : فاياهــــم فارحم
هذا الرد البليغ الوجيز يعبر عن شخصية مؤمنة كشفت النقاب عن مشاعرها واحاسيسها فظهر منها
التسامح والعفة والنقـــــاء .
ما أحوجنا ان نتخذ من هذا الموقف الثابت درسا لنا ..وما اكثر القيل والقال في مجتمعنا ...وما اكثر ما نتكلم به عن بعضنا بعضا
وعلى أثره تفرقت كلمتنا وانتشرت الكراهية بيننا , ولم نعد نطيق مجالس الغير لما فيها من غيبة ونميمة فكان العداء والجفاء ..
فلماذا لا نردد مقالة عمرو بن عبيد ( فاياهم فارحم ) .
ليسود التفاهم والوئام بيننا , ولا نقابل الاساءة بالاساءة بل بالاحسان والصفح .