1 ـ تارك الصلاة : ـ الصلاة عماد الدين ، وأهم مظهر لشخصية المسلم وهويته ،وهي أول ما يحاسب المرء عليها يوم القيامة . وفيها فوائد جسمية واجتماعية وروحية لا مجال لذكرها في هذا الكتاب ، ويعتقد بعض الناس بطلان صلاة الفاسق المنغمس في شهواته فذلك ليس صحيحا ، لأن الله تعالى لا يضيع عمل العاملين . ويستفيد المصلي من صلاته أيضاً أنها تنصحه وتهديه ، وتنهاه عما هو عليه من الفسق والعصيان (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فيصبح من الصالحين ولو بعد حين . قولى هذا كله يكون بعد نهى العاصي عن معصيته فإن لم ينته ولم يتب في أقرب فرصة ، فأحذره من ترك الصلاة وهجرها . . فإن تارك الصلاة قد قطع الصلة بينه وبين ربه بصورة جريئة ، لذلك فإنه يستحق العذاب الذي يتمثل ويبرز في قول الله تعالى : (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون ) ففي هذه الآية إنذار خطير لتارك الصلاة ، وذلك لأن كلمة (فويل) معناها العذاب الشديد في النار ، وهو للمصلين الساهين الذين يؤدون الصلاة ولكنهم يتهاونون في تصحيح الأداء كالقراءة والوضوء والطهارة وغيرها ، أو أنهم يتسامحون في الأوقات ، أو يؤدونها أوقاتاً ويتركونها أخرى (كما بحثت الآية والله أعلم) .
فكيف إذن يكون حال الذين لا يستقبلون القبلة مدى حياتهم ؟ فليرجع هؤلاء الفارون من ربهم إليه بالاستغفار وأداء الصلاة وقضاء ما فات منهم بالتدريج .
2 ـ تارك الصوم :الصوم فريضة فيها فوائد متعددة كالصلاة لا مجال لذكرها أيضاً . ولكن محور الهدف لأدائها هو الانقياد لأوامر الله تعالى والاستسلام لإرادته . وأحذركم أيها الإخوة أن تعرضوا عن تلبية نداء ربكم الذي يناديكم قائلا (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (البقرة / 183) فإن أعرضتم وتوليتم فسيكون جزاؤكم على أكلكم قوله تعالى :
(ليس لهم طعام إلا من ضريع) (الغاشية/ 6) إنه طعام في منتهى القذارة والنتونة. وأما جزاء شربكم قوله تعالى : (وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم) (محمد / 15) (نعوذ بالله) .
3 ـ تارك الحج : الحج فريضة سنها الله تعالى لينفع بها الناس منافع متعددة ، أهمها تزكية النفس وتهذيبها ، ويلي ذلك منفعة اجتماع المسلمين للتعارف فيما بينهم، وتبادل الآراء وحل المشاكل ، وذلك لتحقيق أهداف إنسانية سامية. وقد انذر محمد صلى الله عليه وآله وسلم تارك الحج بعذاب في النار تكون شدته كعذاب اليهود والنصارى ، كما روى عنه ( من استطاع الحج ولم يحج مات إن شاء يهودياً أو نصرانياً ) (نعوذ بالله). وهناك من يعتذر عن أداء الحج بعدم زواجه أو ملكيته لدار يسكنها. فلا يقبل منه هذا العذر إلا في بعض الظروف الخاصة تتبين عند المرجع الديني الأعلى ، وذلك عند عسر العزوبة فقط .
4 ـ مانع الزكاة : الزكاة حقوق مالية متعددة فرضها الله تعالى في أموال معينة ، تتعلق بالزاراعة والتجارة ومكاسب أخرى . وأمر أن تصرف لسد حاجات المساكين والفقراء ، وتحقيق مشاريع إنسانية قويمة ليضمن المجتمع بذلك رخاءه وهناءه . فليراجع كل ذي مال وكسب وإن كان قليلاً العلماء المتقين ليقرروا تكليفه الشرعي في الوجوب أو عدمه . وقد أنذر الله
تعالى الأغنياء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله بآيات عديدة ، وخلاصتها قوله تعالى : (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) .
أي أنكم أيها البخلاء لن تحشروا مع الأبرار الذين قال الله في حقهم ( إن الأبرار لفي نعيم) (الانفطار/ 13) بل تحشرون مع الفجار الذين قال الله في حقهم (وإن الفجار لفي جحيم) (الانفطار/ 14) . وإنكم تخزنون أموالكم للوارثين فلهم الهناء ولكن الشقاء ، كما قال الشاعر :
أبقيت مالك ميراثــا لوارثــه * فليت شعري ما أبقى لك المــال؟
القوم بعــدك في حال يسرهـم * فكيف بعدهم حالــت بك الحال؟
ملوا البكاء فما يبكيك من أحـد * واستحكم القيل في الميراث والقال
5 ـ تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : من أهم أهداف الإسلام بناء مجتمع إنساني يتحلى بالخير والفضيلة ويتخلى عن الشر والرذيلة ، ولا يكون ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطرق تربوية صحيحة . ونحن جميعا مسؤولون عن هذه المهمة السامية ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) (كما جاء في الحديث المنقول) . وتتفرع هذه المسؤولية كما يأتي :
(أ) الزوج عن زوجته وأولاده وخدمه .
(ب) الأم عن أولادها .
(جـ) مدير المدرسة والمعلمين عن التلاميذ .
(د) علماء الدين عن الناس جميعاً .
(هـ) الخطباء عن المستمعين .
(و) الحكام والزعماء عن شعوبهم .
(ز) الموظفون الكبار عن الصغار منهم .
ويتجلي خطر المسؤولية فيما يأتي من قول الله تعالى :
(أ) بسم الله الرحمن الرحيم (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) (سورة العصر) .
أجل إن الإنسانية تخسر سعادتها في الدنيا والآخرة ، ولا تنتفع بالإيمان والأعمال الصالحة إذا تجردت عن التواصي بالحق ونشر تعاليمه . (فالساكت عن الحق شيطان أخرس) .
(ب) (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويعلنهم اللاعنون) (البقرة /159) .
ثم أكد الله تعالى جريمة كتمان الحق وعدم نشره بعد ذلك مباشرة ، بقوله ( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فاولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) (البقرة /160).
6 ـ ظالم الناس : وهو الذي يتعدى حدود الإنسانية والعدالة في معاملة الناس ، ويكون ذلك باللسان واليد. أما ظلم اللسان فيتجلى في السب والكلام البذيء والكذب والغيبة ، وهي أن يذكر المسلم أخاه المسلم الغائب عنه بعيوب هي فيه خلقا وخُلقا ، إلا إذا كان متجاهراً في أخلاقه السيئة فتجوز غيبته . والجدير بالذكر هو أن المستمع للغيبة مشترك في المعصية ، فيجب عليه النهي والمنع . كذلك التهمة والنميمة والسخرية . . . إلخ .
وأما الظلم باليج فيتجلى في الضرب والجرح والقتل ( بغير حق ) والسرقة ونقص الكيل وأكل الربى والغش والنميمة والسخرية.... إلخ .
إياك إياك أيها القارىء العزيز أن تظلم والديك وخصوصا أمك ، فلا يدخل الجنة من كان عاقا لوالديه . الله الله في الأقرباء فأحسن إليهم وإن أساءوا إليك ، وإياك أن تهجرهم فإن الله تعالى ينذرنا إنذارا خطيراً إذا قطعنا الأرحام (الأقارب) بقوله (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (محمد 22 ـ 23)
تدبروا هذه الآية بدقه وإمعان ، واحذروا لعنة الله وسخطه .
الله الله في الجيران ، ومع الأسف الشديد فإن أكثر الناس لم يؤدوا حق الجيران . وأحذرك أيها القارىء العزيز ظلم بقية الناس خصوصاً زوجتك ، فإنها من أهم مُقومات حياتك . فإياك أن تعتدي عليها بالسب والضرب والاستهزاء وغير ذلك من فروع الظلم ، فأحسن إليها بالمداعبة والملاطفة والنفقة. فقد جاء في الحديثين المرويين :
(أ) (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
(ب) (أكمل الناس إيمانا أحسنهم أخلاقاً مع أهله).