بريطانيا تدين للعالم الإسلامي بمعرفة الحمامات النظيفة، وأن تسمية "bath room" ترجع إلى الهندي المسلم "محمد باث" الذي دخل بريطانيا بين القرن السابع عشر والثامن عشر ونقل إبداع المسلمين في بناء الحمامات، وبهر البريطانيين بها، وتعرفوا على "الشامبو" في هذا الحمام.
وقال الشقيري في حلقة "خواطر 6" إن كلمة "شامبو" أصلها في اللغة هندي وتعني تدليك الرأس، وأن كلمة "مساج" هي أصلها إسلامي وأصلها من "المس" بمعنى مس الجسم لاسترخاء العضلات.
وأكد أن الفضل يرجع للمسلمين في اختراع الصابون وبعض المطهرات الأخرى التي تستخدم في عملية الاستحمام، فضلا عن براعتهم في صناعة العطور.
وأشار الشقيري إلى أن الشعب المسلم كان من أنظف الشعوب في العالم، وهذا متجسد في انتشار الحمامات في كل أنحاء العالم الإسلامي فكانت بالآلاف، ولم يكن هناك مدينة إسلامية إلا وكان فيها حمامات، وذلك من باب حرصهم الشديد على النظافة إلى حد الرفاهية.
وأضاف أن اهتمام المسلمين بالنظافة الشخصية ظهر من خلال انتشار العبارات والجمل التي تحض على النظافة وربطها بالإبداع العقلي، وكان من بينها "من نظف ثوبه زال همه، ومن طاب ريحه زاد عقله"، كما يدل على ذلك أيضا وجود مئات الحمامات في بلدان العالم الإسلامي منذ ألف عام، وفي بغداد وحدها كان هناك 1400 حماما.
وزار مقدم البرنامج أقدم حمام في اسطنبول، الذي بني على يد المهندس العثماني العظيم "بيبر سنان" عام 1584م على يد "بيبر سنان"، كما زار حمام "بيت السحيمي" في القاهرة والذي تم بنائه عام 1648م أيام العثمانيين.
النظافة للغني والفقير
واستعرض الشقيري أحدي الفقرات من كتاب "نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب" الذي كتب فيه المؤرخ أحمد بن محمد المقري التلمساني وتقول: "إن أهل الأندلس هم أشد أهل الله اعتناء بنظافة ما يلبسون، وكل ما يتعلق بنظافتهم الشخصية، بل قد يكون فيهم، من ليس له قوت يومه، ولكنه يشتري الصابون، ليغسل ثيابه، حتى يظهر للغير في أحسن حال".
وأكد أنه في الوقت الذي كان فيه الاهتمام محموما في العالم الإسلامي بالنظافة كانت أوروبا وقتها مزدحمة والرائحة النتنة منتشرة في كل مكان فيها، وكان الناس لا يغسلون ملابسهم خشية أن تتشقق، بينما كانوا لا يستحمون إلا مرة أو مرتين على الأكثر في السنة.
الاستحمام عادة إسلامية
وقال الشقيري إذا كان المسلمون اهتموا بالنظافة الشخصية من مبدأ إسلامي "النظافة من الإيمان" وهو الحديث النبوي الذي يحس على النظافة، فإن بناءهم للحمامات أخذ بعدا آخر من باب أنها "بيت الراحة".
واستشهد بما رواه كتاب "تراث العمارة الإسلامية من الصين إلى أسبانيا" وأنه كيف برع المسلمون في العمارة، وأن الحمامات كانت واحدة من المنشآت التي كان يوليها المسلمون عناية خاصة، حيث تشابهت أشكال الحمامات العامة في العالم الإسلامي من الناحية الجمالية، فأغلبها كانت مزودة برسومات جدارية مما يعطي الحمام بعدا جماليا خلابا.
ومن القصص الطريفة التي تروى في هذا السياق أن الاستحمام أصبح عادة لدى المسلمين حتى أنه بعد استيلاء الأسبان على الأندلس صاروا يعرفون بيوت المسلمين من خلال احتوائها على الحمامات، لذلك اعتبروا الاستحمام عادة إسلامية فمنعوه في بلادهم، حتى يكون الاستحمام تقليدا للمسلمين.