من فجر الإسلام وهذا الدين محارب ، من قبل أعدائه ، فقد تآمر المشركون على قتل النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الدعوة ، ولكن الله نجاه منهم ، وهاجر إلى المدينة لينشئ الدولة الإسلامية ، ثم تآمر عليه الأعداء من اليهود وغيرهم ، وحزبوا الأحزاب حول المدينة ، ليستأصلوا الإسلام ويقضوا عليه ، فكان النصر من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين ، وفي طريق عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك ، لما بلغ عقبة شديدة ، اجتمع أربعة عشر رجلا من المنافقين ، وتآمروا على إلقاء النبي صلى الله وسلم من فوق هذه العقبة ، ليتدحرج من أعلى الجبل ، فاستقبلهم حذيفة رضي الله عنه بعصا يلطم بها رواحلهم ، فصرفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم كانت المصيبة العظمى ، بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ارتداد جميع قبائل العرب عن الإسلام عدا أهل المدينة ومكة ، فجهز أبو بكر الصديق " رضي الله عنه" لهم الجيوش ، فعاد الإسلام من جديد ، ثم مات أبو بكر الصديق متأثرا بأكلة يوم خيبر من الشاة المسمومة !
ومات عمر" رضي الله عنه " مقتولا ، ومات عثمان " رضي الله عنه "مقتولا مظلوما ، ثم حصلت الفتن العظام ، حيث اقتتل المسلمون في معركة الجمل وصفين ، ومات خلق كثير وقتل علي "رضي الله عنه " بعد ذلك ، ثم عاد الإسلام بعد عام الجماعة لحمة واحدة متماسكة ، ثم ظهرت بعد ذلك في الأمة الفرق والبدع المحدثة ، وبعد أن آلت الخلافة للدولة العباسية ، وتمكن المعتزلة من إقناع الخلفاء بمذهبهم ، فتن العلماء وسجنوا ، وبعضهم مات مسجونا ، وتعرض من تعرض منهم للتعذيب بسبب امتحان الناس في مسألة خلق القرآن ، ثم بعد ذلك أزاح الله هذه الفتنة وظهرت السنة ، وعاد الإسلام من جديد ، ثم جاءت الحروب الصليبية المتتابعة ، وسيطر الصليبيون النصارى على القدس أكثر من تسعين عاما ، ثم استطاع المسلمون إخراجهم ، وعاد الإسلام من جديد قوة ومنعة ، ثم جاء بعد ذلك التتار ، وذبحوا الخليفة ، وذبحوا نحو من مليوني مسلم في بغداد وحدها ، حتى جرى نهر دجلة بالدماء ، ثم انطلق هؤلاء إلى الشام ، واستباحوا حرمات المسلمين ، وفعلوا الأفاعيل ،
ثم كانت هزيمتهم على أيدي المسلمين ، وعودة الإسلام من جديد قويا منيعا ، وفي العصر الحديث ، جاء ما يسمى بالاستعمار ، من سيطرة اليهود والنصارى على بلاد المسلمين ، ونهب ثرواتها وسيطروا على أكثر الشعوب الإسلامية ، ثم خرج منها منكسرا مدحورا بجهاد المسلمين ، وظهرت أثناء ذلك الدعوات لأفكار منحرفة ، من الدعوة للاشتراكية الشيوعية ، والقومية العربية ، والناصرية ، والبعثية ، والعلمانية لتكون بديلا عن الإسلام ، فماذا كانت العاقبة؟ ذهبت أدراج الرياح ، وأصبحت خبرا من الأخبار يتسلى الناس بها ، وأصبح من ينتسب اليوم لها يشعر بالحرج والخجل ! وبقي دين الله الإسلام ، ليعود من جديد قوة ومنعة ، وظهرت الدعوة لنزع الحجاب والتفسخ الأخلاقي ، مع بداية الاستعمار في مصر ، حتى وصلت أوجها في نهاية السبعينات الميلادية ، ثم إذا بالمد ينحسر ، ويعود الناس للحجاب ، والتمسك بالدين ،وتعود مسألة الحجاب من جديد، لتفرض نفسها ليس داخل البلدان الإسلامية ، ! بل في فرنسا وكندا والدولة الغربية !! كتعبيرة عن عودة التدين والحشمة والفضيلة بين المسلمين ،
وبعد سقوط الشيوعية الاشتراكية ، ظهر بالتفرد الفكر الرأسمالي الغربي ، وبدأ بتطبيق أجندته بالدعوة للديمقراطية الغربية ، والحرية ، والمساواة ، التي بدأ بفرضها مستخدما القوة الإعلامية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والعسكرية ، ولكن بحمد لله تعالى بدأ ينحسر مده بعد الهزائم المتتالية ، والخسائر الاقتصادية الفادحة ، وأصبح مشغولا بنفسه ، وإن بقي له بقية تذود عنه ، وتتولى الدفاع عن مصالحه ، فهي سرعان ما تلوذ بالاختفاء ، إذا قطع الدعم عنها !. فأين المشركون الذين تصدوا لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟ وأين اليهود الذين حزّبوا الأحزاب مع قبائل العرب ؟ وأين المنافقون الذين تآمروا ؟ وأين المرتدون من قبائل العرب ؟ وأين الثوار الذين خرجوا على عثمان ؟ وأين المعتزلة الذين فتنوا الناس في دينهم ؟ وأين الصليبيون الذين شنوا الحروب المتتالية على المسلمين ؟ وأين من تآمر معهم ؟ وأين التتار الذين عاثوا في الأرض فسادا ؟ وأين أولياؤهم من الروافض الذين مكنوا لهم في بلاد المسلمين ؟ وما خبر الاستعمار ؟ وأين المتآمرون معه ؟ وأين أصحاب الدعوات المنحرفة ، من قومية ، وناصرية ، وبعثية ، واشتراكية ؟
وأين الذين دعوا لنبذ الحجاب ومحاربة الفضيلة ؟ هل كسبوا الرهان ؟ أم أنهم جميعا خسروا ! ؟ وهل ضروا الإسلام في شي ؟؟ لقد ذهبوا جميعا وبقي الإسلام قويا منيعا . لقد خسروا الرهان حقا !! فلا يذكرهم التاريخ إلا بالذم والشتيمة والإزدراء لأنهم حاربوا شريعة الله التي ارتضاها لعباده . فهل يعي المغفلون ، الذين ينساقون وراء شعارات براقة ،محببة للنفوس من الدعوة للحرية ، والمساواة ، والتنمية ، وحقيقتها العداوة المبطنة لشريعة الله المنزلة على محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟! وهل يعتبر الذين يصرحون صباح مساء برهان خاسر بأن قافلة التغريب وتغيير المجتمع قادمة لا محالة ؟ هل يتعظون بمن سبق !؟ أم يريدون أن يجربوا ويخوضوا رهانا خاسرا معلومة نهايته ؟ فإن لم يردعهم دين ؟ فأين عقولهم ؟وهم يرون سنن الله تعالى فيمن كانوا قبلهم.
فهذه نظرة سريعة ، عبر التاريخ ، لأخذ العبرة ، والعظة ، ممن ناصب دين الله العداء ، ودعا بدعوى التفرنج والتفتح ، وأن رهانه خاسر في النهاية ، فهو يحارب دين الله ، فهلا أعتبر بمن سلف !؟ إنه لا يمكن لأحد أن يقف أمام دين الله ، محاربا له ، صادا عنه ، داعما لأعداء الملة ، متهما أهله بالجمود ، والتطرف ، والتشدد ، والتخلف ؛ إلا من انسلخ عن دينه ، وتجرد عن وطنيته ، ومروءته ، واتخذ إلهه هواه مطية لتحقيق مآربه ومصالحه ، وإن ظن أنه من أهل الإصلاح ، فهو ينطبق عليه قوله تعالى ((قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ** الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ** أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقاءه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا )) فما أعظم الحسرة ! وما أشد الخسارة ! لمن كان هذا سعيه ،!! فالله ناصر دينه معل كلمته وهو الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .