من مأثورات ابن القيم الرائعة
قال ابن القيم رحمه الله ومدار الصحة (أي صحة البدن) على حفظ القوة, والحمية عن المؤذى ,واستفراغ المواد الفاسدة ,ونظر الطبيب دائر على هذه الأصول الثلاثة, وقد تضمنها الكتاب العزيز, وأرشد إليها من أنزله شفاء ورحمة.
فأما حفظ القوة : فإنه- –سبحانه- أمر المسافر والمريض أن يفطرا في رمضان, ويقضي المسافر إذا
قدم, والمريض إذا برىء (1),حفظا لقوتهما عليهما ؛فإن الصوم يزيد المريض ضعفا .والمسافر
يحتاج إلى توفير قوته عليه لمشقة السفر, والصوم يضعفها.
وأما الحمية عن المؤذي : فإنه- –سبحانه- حمى المريض عن استعمال الماء البارد في الوضوء
والغسل -إذا كان يضره-, وأمره بالعدول إلى التيمم (2)؛حمية له عن ورود المؤذي عليه من ظاهر بدنه ,فكيف بالمؤذي له في باطنه؟!
وأما استفراغ المادة الفاسدة : فإنه- سبحانه -أباح للمحرم الذي به أذى من رأسه أن يحلقه (3) ,فيستفرغ بالحلق الأبخرة المؤذية له ,وهذا من أسهل أنواع الاستفراغ وأخفها, فنبه به على ما هو أحوج إليه منه.
وذاكرت مرة بعض رؤساء الطب بمصر بهذا ,فقال : والله لو سافرت إلى الغرب في معرفة هذه الفائدة ؛لكان سفرا قليلا أو كما قال.
((وإذا عرف هذا؛ فالقلب محتاج إلى ما يحفظ عليه قوته ,وهو الإيمان وأوراد الطاعات, وإلى حمية عن المؤذي الضار ,وذلك باجتناب الأثام والمعاصي وأنواع المخالفات ,وإلى استفراغه من كل مادة فاسدة تعرض له, وذلك بالتوبة النصوح, واستغفار غافر الخطيئات))
المصدر: اغاثة اللهفان لابن القيم(1/16)
(1)كما في الآيات (183-185)في سورة البقرة
(2)كما في الآية(6)في سورة المائدة
(3)كما في الآية(196)في سورة البقرة