أخرج البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا و تنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان: رب اغفر لي و هب لي ملك لا ينبغي لأحد من بعدي . فرده خاسئا , أي العفريت ) .
فنستوضح من هذا الحديث الشريف أن كيد الجن و أذاهم يصل حتى للأنبياء فما بالك ببقية الناس و لذلك دعت الضرورة الملحة إلى وجود سلاح ينجينا من حوادثهم فنجد أن خالد بن الوليد رضي الله عنه على الرغم من شجاعته و بأسه يأتي الى الرسول صلى الله عليه و سلم فيقول له : يا رسول الله إن كائدا من الجن يكيدني فقال له : ( قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما ذرأ في الأرض و من شر ما يخرج منها و من شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ) . قال ففعلت فأذهبه الله تبارك و تعالى عني .
طبعا نعم السلاح آيات الله عزوجل و كلماته و أسماؤه و أدعية رسوله لردع كيد الجن و ذهاب مكرهم , و قد جاء عن الحسن أن النبي صلى الله عله و سلم قال : ( إن جبريل أتاني فقال : إن عفريتا من الجن يكيدك فإذا آويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ).
و للجن قدرة على التشكيل و التشكل و لذلك نبه الرسول صلى الله عليه و سلم أهل المدينة على ضرورة تمييز الصالح منهم من الطالح بقوله : ( إن بالمدينة جنا قد اسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فأذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان ) .
و اعلموا أن من أسباب أذى الجن ترك الأطفال يلعبون و يعبثون و يصرخون و يتراجمون بالحجارة و غيرها عند غروب الشمس حيث أنه و قت تنتشر فيه الجن و فسقتهم من الشياطين , يقول النبي صلى الله عليه و سلم في أحاديثه الصحيحة :
- ( إذا غربت الشمس فكفوا صبيانكم فإنها ساعة تنتشر فيها الشياطين ).
- ( إذا جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهبت ساعة من العشاء فخلوهم ) .
- ( كفوا صبيانكم حتى تذهب فحمة أو فورة العشاء ساعة تهب الشياطين ) .
- ( لا ترسلوا مواشيكم و صبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تعبث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ) .
- ( خمروا الآنية و أوكئوا الأسقية و أجيفوا الأبواب و أكفتوا صبيانكم عند المساء فإن للجن انتشارا و خطفة و أطفئوا المصابيح عند الرقاد فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت ) و المقصود بالفويسقة هنا الفأرة .
و قد و كل الباري جل و علا حفظة من الملائكة عل كل إنسان قال تعالى : ( له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من أمر الله ).
قال كعب : لولا أن الله و كل بكم ملائكة يذبون عنكم مطعمكم و مشربكم و عوراتكم , لتخطفكم الجن .
و لكن ذلك لا يمنع من الإحتراس منهم و من فعل أمر يخترقون بسببه ذلك الحفظ الملائكي الموكل من المولى عزوجل , و يجب التعوذ من أذيتهم بالأذكار و الأوراد و الأدعية الواردة في سنن المصطفى صلى الله عليه و سلم و الصالحين من أمته .
