مراتب الحروف
اعلم وفقنا الله وإياكم أن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون وفيهم رسل من جنسهم ولهم أسماء من حيث هم ولا يعرف هذا الأ أهل الكشف من طريقنا وعالم الحروف أفصح العالم لسانا وأوضحه بيانا وهم علي اقسام كأقسام العالم المعروف في العرف فمنهم عالم الجبروت عند أبي طالب المكي ونسميه نحن عالم العظمة وهو الهاء والهمزة ومنهم العالم الأعلى وهو عالم الملكوت وهو الحاء والخاء والعين والغين ومنهم العالم الوسط وهو عالم الجبروت عندنا وعند أكثر أصحابنا وهو التاء والثاء والجيم والدال والذال والراء والزاي والظاء والكاف واللام والنون والصاد والضاد والقاف والسين والشين والياء الصحيحة ومنهم العالم الأسفل وهو عالم الملك والشهادة وهو الباء والميم والواو الصحيحة ومنهم العالم الممتزج بين عالم الشهادة والعالم الوسط وهو الفاء ومنهم عالم الامتزاج بين عالم الجبروت الوسط وبين عالم الملكوت وهو الكاف والقاف وهو امتزاج المرتبة ويمازجهم في الصفة الروحانية الطاء والظاء والصاد والضاد ومنهم عالم الامتزاج بين عالم الجبروت الأعظم وبين الملكوت وهو الحاء المهملة ومنهم العالم الذي يشبه العالم منا الذين لا يتصفون بالدخول فينا ولا بالخروج عنا وهو الألف والياء والواو المعتلتان فهؤلاء عوالم ولكل عالم رسول من جنسهم ولهم شريعة تعبدوا بها ولهم لطائف وكثائف وعليهم من الخطاب الأمر ليس عندهم نهي
وفيهم عامة وخاصة وخاصة الخاصة وصفا خلاصة خاصة الخاصة فالعامة منهم الجيم والضاد والخاء والدال والغين والشين ومنهم خاصة الخاصة وهو الألف والياء والباء والسين والكاف والطاء والقاف والتاء والواو والصاد والحاء والنون واللام والغين ومنهم خلاصة خاصة الخاصة وهو الباء ومنهم الخاصة التي فوق العامة بدرجة وهو حروف أوائل السور مثل الم والمص وهي أربعة عشر حرفا الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون ومنهم حروف صفاء خلاصة خاصة الخاصة وهو النون والميم والراء والباء والدال والزاي والألف والطاء والياء والواو والهاء والظاء والثاء واللام والفاء والسين ومنهم العالم المرسل وهو الجيم والحاء والخاء والكاف ومنهم العالم الذي تعلق به الخلق بالله وتعلق وهو الألف والدال والذال والراء والزاي والواو وهو عالم التقديس من الحروف الكروبيين ومنهم العالم الذي غلب عليه والتخلق بأوصاف الحق وهو التاء والثاء والحاء والذال والزاي والظاء المعجمة والنون والضاد المعجمة والغين المعجمة والقاف والشين المعجمة عند أهل الأنوار والفاء ومنهم العالم الذي قد غلب عليهم التحقق وهو الباء والفاء عند أهل الأسرار والجيم ومنهم العالم الذي قد تحقق بمقام الاتحاد وهو الألف والحاء والدال والراء والطاء اليابسة والكاف واللام والميم والصاد اليابسة والعين والسين اليابستان والهاء والواو إلا أني أقول إنهم على مقامين في الاتحاد عال وأعلى فالعالي الألف والكاف والميم والعين والسين والأعلى ما بقي.
ومنهم العالم الممتزج الطبائع وهو الجيم والهاء والياء واللام والفاء والقاف والخاء والظاء خاصه وأجناس عوالم الحروف أربعة جنس مفرد وهو الألف والكاف واللام والميم والهاء والنون والواو وجنس ثنائي مثل الدال والذال وجنس ثلاثي مثل الجيم والحاء والخاء وجنس رباعي شركة وهو الباء والتاء والثاء والياء في وسط الكلمة والنون كذلك فهو خماسي بهذا الاعتبار وإن لم تعتبرهما فتكون الباء والتاء والثاء من الجنس الثلاثي ويسقط الجنس الرباعي فبهذا قد قصصنا عليك من عالم الحروف ما إن استعملت نفسك في الامور الموصلة آلي كشف والاطلاع علي العالم حقائقه وتحقق قوله تعالى "وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم "فلو كان تسبيح حال كما يزعم بعض علماء النظر لم تكن فائدة في قوله ولكن لا تفقهون وصلت إليها ووقفت عليها وكنت قد ذكرت أنه ربما أتكلم على بعضها فنظرت في هؤلاء العالم ما يمكن فيه بسط الكلام أكثر من غيره فوجدناه العالم المختص وهو عالم أوائل السور المجهولة مثل الم البقرة والمص والر يونس وأخواتها فلنتكلم على الم البقرة التي هي أول سورة مبهمة في القرآن كلاما مختصرا من طريق الأسرار
وربما الحق بذلك الآيات التي تليها وإن كان ذلك ليس من الباب ولكن فعلته عن أمر ربي الذي عهدته فلا أتكلم إلا على طريق الأذن كما أني سأقف عندما يحد لي فإن تأليفنا هذا وغيره لا يجري مجرى التواليف ولا نجري نحن فيه مجرى المؤلفين فإن كل مؤلف إنما هو تحت اختياره وإن كان مجبورا في اختياره أو تحت العلم الذي يبثه خاصة فيلقى ما يشاء ويمسك ما يشاء أو يلقي ما يعطيه العلم وتحكم عليه المسئلة التي هو بصددها حتى تبرز حقيقتها ونحن في تواليفنا لسنا كذلك إنما هي قلوب عاكفة على باب الحضرة الإلهية مراقبة لما ينفتح له الباب فقيرة خالية من كل علم لو سئلت في ذلك المقام عن شيء ما سمعت لفقدها إحساسها فمهما برز لها من وراء ذلك الستر أمر ما بادرت لامتثاله وألفته على حسب ما يحد لها في الأمر فقد يلقى الشيء إلى ما ليس من جنسه في العادة والنظر الفكري وما يعطيه العلم الظاهر والمناسبة الظاهرة للعلماء لمناسبة خفية لا يشعر بها إلا أهل الكشف بل ثم ما هو أغرب عندنا إنه يلقى إلى هذا القلب أشياء يؤمر بإيصالها وهو لا يعلمها في ذلك الوقت لحكمة إلهية غابت عن الخلق فلهذا لا يتقيد كل شخص يؤلف عن الإلقاء بعلم ذلك الباب الذي يتكلم عليه ولكن يدرج فيه غيره في علم السامع العادي على حسب ما يلقي إليه ولكنه عندنا قطعا من نفس ذلك الباب بعينه لكن بوجه لا يعرفه غيرنا
مثل الحمامة والغراب اللذين اجتمعا لعرج قام بأرجلهما وقد أذن لي في تقييد ما ألقيه بعد هذا فلا بد منه "وصل" الكلام علي هذه الحروف المجهولة المختصة علي عدد حروفها بالتكرار وعلى عدد حروفها بغير تكرار وعلى جملتها في السور وعلى إفرادها في ص وق ون وتثنيتها في طس وطه وأخواتها وجمعها من ثلاثة فصاعدا حتى بلغت خمسه حروف متصلة ومنفصلة ولم تبلغ أكثر ولم وصل بعضها ولم كانت السور بالسين ولم تكن بالصاد ولم جهل معنى هذه الحروف عند علماء أهل الظاهر وعند كشف الأحوال غير آلي ذلك مما ذكرناه في كتاب الجمع والتفصيل في معرفة معاني التنزيل فلنقل على بركة الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل "اعلم" أن مبادي السور المجهولة لا يعرف حقيقتها إلا أهل الصور المعقولة ثم جعل سور القرآن بالسين وهو التعبد الشرعي وهو ظاهر السور الذي فيه العذاب وفيه يقع الجهل بها وباطنه بالصاد وهو مقام الرحمة وليس إلا العلم بحقائقها وهو التوحيد فجعلها تبارك وتعالى تسعا وعشرين سورة وهو كمال الصورة والقمر قدرناه منازل والتاسع والعشرون القطب الذي به قوام الفلك وهو علة وجوده وهو سورة آل عمران الم الله ولولا ذلك ما ثبتت الثمانية والعشرون وجملتها على تكرار الحروف ثمانية وسبعون حرفا فالثمانية حقيقة البضع قال عليه والسلام الايمان بضع وسبعون
وهذه الحروف حرفا ثمانية وسبعون فلا يكمل عبد أسرار الايمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها "فإن قلت" إن البضع مجهول في اللسان فإنه من واحد إلى تسعة فمن أين قطعت بالثمانية عليه فإن شئت قلت لك من طريق الكشف وصلت إليه فهو الطريق الذي عليه أسلك والركن الذي إليه استند في علومي كلها وإن شئت أبديت لك منه طرفا من باب العدد وإن كان أبو الحكم عبد السلام بن برجان لم يذكره في كتابه من هذا الباب الذي نذكره وإنما ذكره رحمه الله من جهة علم الفلك وجعله سترا على كشفه حين قطع بفتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فكذلك إن شئنا نحن كشفنا وإن شئنا جعلنا العدد على ذلك حجابا فنقول إن البضع الذي في سورة الروم ثمانية وخذ عدد حروف الم بالجزم الصغير فتكون ثمانية فتجمعها إلى ثمانية البضع فتكون ستة عشر فتزيل الواحد الذي للألف للاس فيبقى خمسة عشر فتمسكها عندك ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير وهو الجزم فتضرب ثمانية البضع في أحد وسبعين واجعل ذلك كله سنين يخرج لك في الضرب خمسمائة وثمانية وستون فتضيف إليها الخمسة عشر التي أمرتك أن ترفعها فتصير ثلاثة وثمانين وخمسمائة سنة وهو زمان فتح بيت المقدس على قراءة من قرأ غلبت الروم بفتح الغين واللام سيغلبون بضم الياء وفتح اللام وفي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة كان ظهور المسلمين في أخذ حج الكفار وهو فتح بيت المقدس
ولنا في علم العدد من طريق الكشف أسرار عجيبة من طريق ما يقتضيه طبعه ومن طريق ما لة من الحقائق الإلهية وإن طال بنا العمر فسأفرد لمعرفة العدد كتابا إن شاء الله ما كنا فلنرجع آلي بسبيله فنقول فلا يكمل عبد الاسرار التي تتضمنها شعب الايمان، if الأ علم حقائق هذه الحروف علي تكرارها في السور، pursuant كما إنه من علمها، if غير تكرار علم تنبيه الله فيها على حقيقة الإيجاد وتفرد القديم سبحانه بصفاته الأزلية فأرسلها في قرآنه أربعة عشر حرفا مفردة مبهمة فجعل الثمانية لمعرفة الذات والسبع الصفات منا وجعل الأربعة للطبائع المؤلفة التي هي الدم والسوداء والصفراء والبلغم فجاءت اثنتي عشرة موجودة وهذا هو الإنسان من هذا الفلك ومن فلك آخر يتركب من أحد عشر ومن عشرة ومن تسعة ومن ثمانية حتى إلى فلك الاثنين ولا يتحلل إلى الأحدية أبدا فإنها مما انفرد بها الحق فلا تكون لموجود الإله ثم إنه سبحانه جعل أولها الألف في الخط والهمزة في اللفظ وآخرها النون فالألف لوجود الذات على كمالها لأنها غير مفتقرة إلى حركة والنون لوجود الشطر من العالم وهو عالم التركيب وذلك نصف الدائرة الظاهرة لنا من الفلك والنصف الآخر النون المعقولة عليها التي لو ظهرت للحس وانتقلت من عالم الروح لكانت دائرة محيطة ولكن أخفى هذه النون الروحانية الذي بها كمال الوجود وجعلت نقطة النون المحسوسة دالة عليها فالألف كاملة من جميع وجوهها والنون ناقصة فالشمس كاملة والقمر ناقص لأنه محو فصفة ضوئه معارة وهي الأمانة التي حملها وعلى قدر محوه وسراره إثباته وظهوره ثلاثة لثلاثة فثلاثة غروب القمر القلبي الإلهي في الحضرة الأحدية وثلاثة طلوع قمر القلب الإلهي في الحضرة الربانية وما بينهما في الخروج والرجوع قدما بقدم لأ أبدا يختل
ثم جعل سبحانه هذه الحروف علي مراتب منها موصول ومنها مقطوع ومنها مفرد ومثنى ومجموع ثم نبه أن في كل وصل قطعا وليس في كل قطع وصل فكل وصل يدل علي فصل كل فصل وليس يدل علي وصل فالوصل والفصل في الجمع وغير الجمع والفصل حده في عين الفرق فما أفرده من هذه فإشارة إلى فناء رسم العبد أزلا وما ثناه فإشارة إلى وجود رسم العبودية حالا وما جمعه فإشارة إلى الأبد بالموارد التي لا تناهى فالأفراد للبحر الأزلي والجمع للبحر الأبدي والمثنى للبرزخ المحمدي الإنسان مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان هل بالبحر الذي أوصله به فأفناه عن الأعيان أو بالبحر الذي فصله عنه وسماه بالأكوان أو بلبرزخ الذي استوى عليه الرحمن فبأي آلاء ربكما تكذبان يخرج من بحر الأزل اللؤلؤ ومن بحر الأبد المرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان وله الجواري الروحانية المنشآت من الحقائق الأسمائية في البحر الذاتي الأقدسي كالأعلام فبأي آلاء ربكما تكذبان يسأله العالم العلوي علي علوه وقدسه والعالم السفلي علي نزوله
قال تعالى "خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين" و نزول الألف إلى السطر مثل قوله ينزل ربنا إلى السماء الدنيا وهو أول عالم التركيب لأنه سماء آدم عليه السلام ويليه فلك النار فلذلك نزل إلى أول السطر فإنه نزل من مقام الأحدية إلى مقام إيجاد الخليقة نزول تقديس وتنزيه لا نزول تمثيل وتشبيه وكانت اللام واسطة وهي نائبة مناب المكون والكون فهي القدرة التي عنها وجد العالم فأشبهت الألف في النزول إلى أول السطر ولما كانت ممتزجة من المكون والكون فإنه لا يتصف بالقدرة على نفسه وإنما هو قادر على خلقه فكان وجه القدرة مصروفا إلى الخلق ولهذا لا يثبت للخالق إلا بالخلق فلابد من تعلقها بهم علوا وسفلا ولما كانت حقيقتها لا تتم بالوصول إلى السطر فتكون والألف على مرتبة واحدة طلبت بحقيقتها النزول تحت السطر أو على السطر كما نزل الميم فنزلت إلى إيجاد الميم ولم يتمكن أن تنزل على صورة الميم
فكان لا يوجد عنها أبدا إلا الميم فنزلت نصف دائرة حتى بلغت إلى السطر من غير الجهة التي نزلت منها فصارت نصف فلك محسوس يطلب نصف فلك معقول فكان منهما فلك دائر فتكون العالم كله من أوله إلى آخره في ستة أيام أجناسا من أول يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة وبقي يوم السبت للانتقالات من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام والاستحالات من كون إلى كون ثابت على ذلك لا يزول ولا يتغير ولذلك كان الوالي على هذا اليوم البرد واليبس وهو من الكواكب زحل فصار الم وحده فلكا محيطا من دار به علم الذات والصفات والأفعال والمفعولات فمن قرأ الم بهذه الحقيقة والكشف حضر بالكل للكل مع الكل فلا يبقى شيء في ذلك الوقت إلا يشهده لكن منه ما يعلم ومنه ما لا يعلم فتنزه الألف عن قيام الحركات بها يدل أن الصفات لا تعقل إلا بالأفعال كما قال عليه السلام كان الله ولا شيء معه وهو على ما عليه كان فلهذا صرفنا الأمر إلى ما يعقل لا إلى ذاته المنزهة فإن الإضافة لا تعقل أبدا إلا بالمتضايفين فإن الأبوة لا تعقل إلا بالأب والابن وجودا وتقديرا وكذلك المالك والخالق والبارئ والمصور وجميع الأسماء التي تطلب العالم بحقائقها وموضع التنبيه من حروف الم عليها في اتصال اللام الذي هو الصفة بالميم الذي هو أثرها وفعلها فالألف ذات واحدة لأ يصح فيها شيء أنظمة اتصال من الحروف ، if وقعت اولا في الخط المستقيم الصراط الذي فهي سألته النفس في قولها اهدنا الصراط المستقيم صراط التنزيه والتوحيد فلما أمن على دعائها ربها الذي هو الكلمة الذي أمرت بالرجوع إليه في سورة الفجر قبل تعالى تأمينه على دعائها فأظهر الألف من الم عقيب ولا الضالين وأخفى آمين لأنه غيب من عالم الملكوت من وافق تأمينه تأمين الملائكة في الغيب المتحقق الذي يسمونه العامة من الفقهاء الإخلاص وتسميه الصوفية الحضور وتسميه المحققون الهمة ونسميه أنا وأمثالنا العناية لوما كانت الألف متحدة في عالم الملكوت والشهادة ظهرت فوقع الفرق بين القديم والمحدث فانظر فيما سطرناه تر عجبا ومما يؤيد ما ذكرناه من وجود الصفة المد الموجود في اللام والميم دون الألف فإن قال صوفي وجدنا الألف مخطوطة والنطق بالهمزة دون فلم ينطق الألف لأ بالألف فنقول أيضا مما يعضد وهذا ما قلناه فإن بياناتك الألف لأ تقبل الحركة فإن بياناتك الحرف مجهول ما لم يحرك فإذا حرك ميز بالحركة التي تتعلق به من رفع ونصب وخفض والذات لأ تعلم أبدا ما هي عليه وعلي فالألف الدال عليها الذي هو في عالم الحروف خليفة كالإنسان في العالم مجهول أيضا كالذات لا تقبل الحركة فلما لم تقبلها لم يبق إلا أن تعرف من جهة سلب الأوصاف عنها ولما لم يمكن النطق بساكن نطقنا باسم الألف بالألف فنطقنا بالهمزة بحركة الفتحة فقامت الهمزة مقام المبدع الأول وحركتها صفته العلمية ومحل إيجاده في اتصال الكاف بالنون فإن قيل وجدنا الألف التي في اللام منطوقا بها ولم نجدها في الألف قلنا صدقت لا يقع النطق بها إلا بمتحرك مشبع التحرك قبلها موصولة به وإنما كلامنا في الألف المقطوعة التي لا يشبع الحرف الذي قبلها حركته فلا يظهر في النطق وإن رقمت مثل ألف إنما المؤمنون فهذان ألفان بين ميم لام المؤمنين إنما وبين موجودتان خطا غير ملفوظ بهما نطقا وإنما الألف الموصولة التي تقع بعد الحرف مثل لام هاء حاء وشبهها فإنه لولا ما كان المد وجودها لواحد من هذه الحروف فمدها هو سر الاستمداد الذي وقع به إيجاد الصفات في محل الحروف ولهذا لأ يكون المد إلا بالوصل فإذا وصل الحرف بالألف من اسمه الآخر امتد الألف بوجود الحرف الموصول به ولما وجد الحرف الموصول به افتقر إلى الصفة الرحمانية فأعطى حركة الفتح التي هي الفتحة فلما أعطيها طلب منه الشكر عليها فقال وكيف يكون الشكر عليها قيل له أن تعلم السامعين بأن وجودك ووجود صفاتك لم يكن بنفسك وإنما كان من ذات القديم تعالى فاذكره عند ذكرك نفسك فقد جعلك بصفة الرحمة خاصة دليلا عليه ولهذا قال إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فنطقت بالثناء على موجدها فقالت لام ياء هاء حاء طاء فأظهرت نطقا ما خفي خطا لأن الألف التي في طه وحم وطس موجودة نطقا خفيت خطا لدلالة الصفة عليها وهي الفتحة صفة افتتاح الوجود فإن قال وكذلك نجد المد في الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها فهي أيضا ثلاث ذوات
فكيف يكون هذا وما ثم الا ذات واحدة فنقول نعم أما المد الموجود في الواو المضموم ما قبلها في مثل ن والقلم والياء المكسور ما قبلها مثل الياء من طس وياء الميم من حم فمن حيث أن الله تعالى جعلهما حرفي علة وكل علة تستدعي معلولها بحقيقتها وإذا استدعت ذلك فلابد من سر بينهما يقع به الاستمداد والإمداد فلهذا أعطيت المد وذلك لما أودع الرسول الملكي الوحي لو لم يكن بينه وبين الملقى إليه نسبة ما ما قبل شيأ لكنه خفي عنه ذلك فلما حصل له الوحي ومقامه الواو لأنه روحاني علوي والرفع يعطي العلو وهو باب الواو المعتلة فعبرنا عنه بالرسول الملكي الروحاني جبريل كان أو غيره من الملائكة ولما أودع الرسول البشري ما أودع من أسرار التوحيد والشرائع أعطى من الاستمداد والإمداد الذي يمد به عالم التركيب وخفي عنه سر الاستمداد ولذلك قال ما أدري ما يفعل بي ولا بكم وقال إنما أنا بشر مثلكم ولما كان موجودا في العالم السفلي عالم الجسم والتركيب أعطيناه الياء المكسور ما قبلها المعتلة وهي من حروف الخفض فلما كانا علتين لوجود الأسرار الإلهية من توحيد وشرع وهبا سر الاستمداد فلذلك مدتا وأما الفرق الذي بينهما وبين الألف فإن الواو والياء قد يسلبان عن هذا المقام فيحركان بجميع الحركات كقوله ووجدك وتؤوي وولوا الأدبار ينأون يغنيه إنك ميت
وقد يسكنان بالسكون الحي كقوله وما هو بميت وينأون وشبههما والألف لا تحرك أبدا ولا يوجد ما قبلها أبدا إلا مفتوحا فإذن فلا نسبة بين الألف وبين الواو والياء فمهما حركت الواو والياء فإن ذلك مقامها ومن صفاتها ومهما ألحقتا بالألف في العلية فذلك ليس من ذاتها وإنما ذلك من جانب القديم سبحانه لا يحتمل الحركة ولا يقبلها ولكن ذلك من صفة المقام وحقيقته الذي نزلت به الواو والياء فمدلول الألف قديم والواو والياء محركتان كانتا أولا محركتان فهما حادثان فإذا ثبت هذا فكل ألف أو واو أو ياء ارتقمت أو حصل النطق بها فإنما هي دليل وكل دليل محدث يستدعي محدثا والمحدث لا يحصره الرقم ولا النطق إنما هو غيب ظاهر وكذلك يس ون فنجده نطقا وهو ظهوره ولا نجده رقما وهو غيبه وهذا سبب حصول العلم بوجود الخالق لا بذاته وبوجود ليس كمثله شيء لا بذاته واعلم أيها المتلقي أنه كل ما دخل تحت الحصر فهو مبدع أو مخلوق وهو محلك فلا تطلب الحق لا من داخل ولا من خارج إذ الدخول من صفات الحدوث والخروج فانظر الكل في الكل تجد الكل فالعرش مجموع والكرسي مفروق
علي ما كان عليه وفاندرج في الحديث ما لم يقله صلى الله عليه ووسلم ومقصودهم اى الصفة التي وجبت لة قبل وجود العالم هو موجود عليها والعالم وهكذا هي الحقائق عند من أراد أن يقف عليها فالتذكير في الأصل وهو آدم قوله ذلك والتأنيث في الفرع وهو حواء قوله تلك وقد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتاب الجمع والتفصيل الذي صنفناه في معرفة أسرار التنزيل فآدم لجميع الصفات وحواء لتفريق الذوات أذهى محل الفعل والبذر وكذلك الآيات محل الأحكام والقضايا وقد جمع الله تعالى معنى ذلك وتلك في قوله تعالى "وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب" فحروف الم رقما ثلاثة وهو جماع عالمها فإن فيها الهمزة وهي من العالم الأعلى واللام وهي من العالم الوسط والميم وهي من العالم الأسفل فقد جمع الم البرزخ والدارين والرابط والحقيقتين وهي على النصف من حروف لفظه من غير تكرار وعلى الثلاث بغير تكرار وكل واحد منهما ثلث كل ثلاث وهذه كلها أسرار تتبعناها في كتاب المبادي والغايات وفي كتاب الجمع والتفصيل فليكف هذا القدر من الكلام على الم البقرة في هذا الباب بعد ما رغبنا في ترك تقييد ما تجلى لنا في الكتاب والكاتب فلقد تجلت لنا فيه امور جسام مهولة رمينا الكراسة من أيدينا عند تجليها وفررنا آلي العالم حتى خف عنا ذلك وحينئذ رجعنا آلي التقييد في محافظات عدد اليوم الثانى من ذلك التجلي وقبلت الرغبة فيه وأمسك علينا ورجعنا آلي الكلام علي الحروف حرفا حرفا كما شرطناه في هذا الباب اولا رغبة في الإيجاز والله والاختصار يقول الحق وهو يهدي السبيل
اعلم وفقنا الله وإياكم أن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون وفيهم رسل من جنسهم ولهم أسماء من حيث هم ولا يعرف هذا الأ أهل الكشف من طريقنا وعالم الحروف أفصح العالم لسانا وأوضحه بيانا وهم علي اقسام كأقسام العالم المعروف في العرف فمنهم عالم الجبروت عند أبي طالب المكي ونسميه نحن عالم العظمة وهو الهاء والهمزة ومنهم العالم الأعلى وهو عالم الملكوت وهو الحاء والخاء والعين والغين ومنهم العالم الوسط وهو عالم الجبروت عندنا وعند أكثر أصحابنا وهو التاء والثاء والجيم والدال والذال والراء والزاي والظاء والكاف واللام والنون والصاد والضاد والقاف والسين والشين والياء الصحيحة ومنهم العالم الأسفل وهو عالم الملك والشهادة وهو الباء والميم والواو الصحيحة ومنهم العالم الممتزج بين عالم الشهادة والعالم الوسط وهو الفاء ومنهم عالم الامتزاج بين عالم الجبروت الوسط وبين عالم الملكوت وهو الكاف والقاف وهو امتزاج المرتبة ويمازجهم في الصفة الروحانية الطاء والظاء والصاد والضاد ومنهم عالم الامتزاج بين عالم الجبروت الأعظم وبين الملكوت وهو الحاء المهملة ومنهم العالم الذي يشبه العالم منا الذين لا يتصفون بالدخول فينا ولا بالخروج عنا وهو الألف والياء والواو المعتلتان فهؤلاء عوالم ولكل عالم رسول من جنسهم ولهم شريعة تعبدوا بها ولهم لطائف وكثائف وعليهم من الخطاب الأمر ليس عندهم نهي
وفيهم عامة وخاصة وخاصة الخاصة وصفا خلاصة خاصة الخاصة فالعامة منهم الجيم والضاد والخاء والدال والغين والشين ومنهم خاصة الخاصة وهو الألف والياء والباء والسين والكاف والطاء والقاف والتاء والواو والصاد والحاء والنون واللام والغين ومنهم خلاصة خاصة الخاصة وهو الباء ومنهم الخاصة التي فوق العامة بدرجة وهو حروف أوائل السور مثل الم والمص وهي أربعة عشر حرفا الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون ومنهم حروف صفاء خلاصة خاصة الخاصة وهو النون والميم والراء والباء والدال والزاي والألف والطاء والياء والواو والهاء والظاء والثاء واللام والفاء والسين ومنهم العالم المرسل وهو الجيم والحاء والخاء والكاف ومنهم العالم الذي تعلق به الخلق بالله وتعلق وهو الألف والدال والذال والراء والزاي والواو وهو عالم التقديس من الحروف الكروبيين ومنهم العالم الذي غلب عليه والتخلق بأوصاف الحق وهو التاء والثاء والحاء والذال والزاي والظاء المعجمة والنون والضاد المعجمة والغين المعجمة والقاف والشين المعجمة عند أهل الأنوار والفاء ومنهم العالم الذي قد غلب عليهم التحقق وهو الباء والفاء عند أهل الأسرار والجيم ومنهم العالم الذي قد تحقق بمقام الاتحاد وهو الألف والحاء والدال والراء والطاء اليابسة والكاف واللام والميم والصاد اليابسة والعين والسين اليابستان والهاء والواو إلا أني أقول إنهم على مقامين في الاتحاد عال وأعلى فالعالي الألف والكاف والميم والعين والسين والأعلى ما بقي.
ومنهم العالم الممتزج الطبائع وهو الجيم والهاء والياء واللام والفاء والقاف والخاء والظاء خاصه وأجناس عوالم الحروف أربعة جنس مفرد وهو الألف والكاف واللام والميم والهاء والنون والواو وجنس ثنائي مثل الدال والذال وجنس ثلاثي مثل الجيم والحاء والخاء وجنس رباعي شركة وهو الباء والتاء والثاء والياء في وسط الكلمة والنون كذلك فهو خماسي بهذا الاعتبار وإن لم تعتبرهما فتكون الباء والتاء والثاء من الجنس الثلاثي ويسقط الجنس الرباعي فبهذا قد قصصنا عليك من عالم الحروف ما إن استعملت نفسك في الامور الموصلة آلي كشف والاطلاع علي العالم حقائقه وتحقق قوله تعالى "وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم "فلو كان تسبيح حال كما يزعم بعض علماء النظر لم تكن فائدة في قوله ولكن لا تفقهون وصلت إليها ووقفت عليها وكنت قد ذكرت أنه ربما أتكلم على بعضها فنظرت في هؤلاء العالم ما يمكن فيه بسط الكلام أكثر من غيره فوجدناه العالم المختص وهو عالم أوائل السور المجهولة مثل الم البقرة والمص والر يونس وأخواتها فلنتكلم على الم البقرة التي هي أول سورة مبهمة في القرآن كلاما مختصرا من طريق الأسرار
وربما الحق بذلك الآيات التي تليها وإن كان ذلك ليس من الباب ولكن فعلته عن أمر ربي الذي عهدته فلا أتكلم إلا على طريق الأذن كما أني سأقف عندما يحد لي فإن تأليفنا هذا وغيره لا يجري مجرى التواليف ولا نجري نحن فيه مجرى المؤلفين فإن كل مؤلف إنما هو تحت اختياره وإن كان مجبورا في اختياره أو تحت العلم الذي يبثه خاصة فيلقى ما يشاء ويمسك ما يشاء أو يلقي ما يعطيه العلم وتحكم عليه المسئلة التي هو بصددها حتى تبرز حقيقتها ونحن في تواليفنا لسنا كذلك إنما هي قلوب عاكفة على باب الحضرة الإلهية مراقبة لما ينفتح له الباب فقيرة خالية من كل علم لو سئلت في ذلك المقام عن شيء ما سمعت لفقدها إحساسها فمهما برز لها من وراء ذلك الستر أمر ما بادرت لامتثاله وألفته على حسب ما يحد لها في الأمر فقد يلقى الشيء إلى ما ليس من جنسه في العادة والنظر الفكري وما يعطيه العلم الظاهر والمناسبة الظاهرة للعلماء لمناسبة خفية لا يشعر بها إلا أهل الكشف بل ثم ما هو أغرب عندنا إنه يلقى إلى هذا القلب أشياء يؤمر بإيصالها وهو لا يعلمها في ذلك الوقت لحكمة إلهية غابت عن الخلق فلهذا لا يتقيد كل شخص يؤلف عن الإلقاء بعلم ذلك الباب الذي يتكلم عليه ولكن يدرج فيه غيره في علم السامع العادي على حسب ما يلقي إليه ولكنه عندنا قطعا من نفس ذلك الباب بعينه لكن بوجه لا يعرفه غيرنا
مثل الحمامة والغراب اللذين اجتمعا لعرج قام بأرجلهما وقد أذن لي في تقييد ما ألقيه بعد هذا فلا بد منه "وصل" الكلام علي هذه الحروف المجهولة المختصة علي عدد حروفها بالتكرار وعلى عدد حروفها بغير تكرار وعلى جملتها في السور وعلى إفرادها في ص وق ون وتثنيتها في طس وطه وأخواتها وجمعها من ثلاثة فصاعدا حتى بلغت خمسه حروف متصلة ومنفصلة ولم تبلغ أكثر ولم وصل بعضها ولم كانت السور بالسين ولم تكن بالصاد ولم جهل معنى هذه الحروف عند علماء أهل الظاهر وعند كشف الأحوال غير آلي ذلك مما ذكرناه في كتاب الجمع والتفصيل في معرفة معاني التنزيل فلنقل على بركة الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل "اعلم" أن مبادي السور المجهولة لا يعرف حقيقتها إلا أهل الصور المعقولة ثم جعل سور القرآن بالسين وهو التعبد الشرعي وهو ظاهر السور الذي فيه العذاب وفيه يقع الجهل بها وباطنه بالصاد وهو مقام الرحمة وليس إلا العلم بحقائقها وهو التوحيد فجعلها تبارك وتعالى تسعا وعشرين سورة وهو كمال الصورة والقمر قدرناه منازل والتاسع والعشرون القطب الذي به قوام الفلك وهو علة وجوده وهو سورة آل عمران الم الله ولولا ذلك ما ثبتت الثمانية والعشرون وجملتها على تكرار الحروف ثمانية وسبعون حرفا فالثمانية حقيقة البضع قال عليه والسلام الايمان بضع وسبعون
وهذه الحروف حرفا ثمانية وسبعون فلا يكمل عبد أسرار الايمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها "فإن قلت" إن البضع مجهول في اللسان فإنه من واحد إلى تسعة فمن أين قطعت بالثمانية عليه فإن شئت قلت لك من طريق الكشف وصلت إليه فهو الطريق الذي عليه أسلك والركن الذي إليه استند في علومي كلها وإن شئت أبديت لك منه طرفا من باب العدد وإن كان أبو الحكم عبد السلام بن برجان لم يذكره في كتابه من هذا الباب الذي نذكره وإنما ذكره رحمه الله من جهة علم الفلك وجعله سترا على كشفه حين قطع بفتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فكذلك إن شئنا نحن كشفنا وإن شئنا جعلنا العدد على ذلك حجابا فنقول إن البضع الذي في سورة الروم ثمانية وخذ عدد حروف الم بالجزم الصغير فتكون ثمانية فتجمعها إلى ثمانية البضع فتكون ستة عشر فتزيل الواحد الذي للألف للاس فيبقى خمسة عشر فتمسكها عندك ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير وهو الجزم فتضرب ثمانية البضع في أحد وسبعين واجعل ذلك كله سنين يخرج لك في الضرب خمسمائة وثمانية وستون فتضيف إليها الخمسة عشر التي أمرتك أن ترفعها فتصير ثلاثة وثمانين وخمسمائة سنة وهو زمان فتح بيت المقدس على قراءة من قرأ غلبت الروم بفتح الغين واللام سيغلبون بضم الياء وفتح اللام وفي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة كان ظهور المسلمين في أخذ حج الكفار وهو فتح بيت المقدس
ولنا في علم العدد من طريق الكشف أسرار عجيبة من طريق ما يقتضيه طبعه ومن طريق ما لة من الحقائق الإلهية وإن طال بنا العمر فسأفرد لمعرفة العدد كتابا إن شاء الله ما كنا فلنرجع آلي بسبيله فنقول فلا يكمل عبد الاسرار التي تتضمنها شعب الايمان، if الأ علم حقائق هذه الحروف علي تكرارها في السور، pursuant كما إنه من علمها، if غير تكرار علم تنبيه الله فيها على حقيقة الإيجاد وتفرد القديم سبحانه بصفاته الأزلية فأرسلها في قرآنه أربعة عشر حرفا مفردة مبهمة فجعل الثمانية لمعرفة الذات والسبع الصفات منا وجعل الأربعة للطبائع المؤلفة التي هي الدم والسوداء والصفراء والبلغم فجاءت اثنتي عشرة موجودة وهذا هو الإنسان من هذا الفلك ومن فلك آخر يتركب من أحد عشر ومن عشرة ومن تسعة ومن ثمانية حتى إلى فلك الاثنين ولا يتحلل إلى الأحدية أبدا فإنها مما انفرد بها الحق فلا تكون لموجود الإله ثم إنه سبحانه جعل أولها الألف في الخط والهمزة في اللفظ وآخرها النون فالألف لوجود الذات على كمالها لأنها غير مفتقرة إلى حركة والنون لوجود الشطر من العالم وهو عالم التركيب وذلك نصف الدائرة الظاهرة لنا من الفلك والنصف الآخر النون المعقولة عليها التي لو ظهرت للحس وانتقلت من عالم الروح لكانت دائرة محيطة ولكن أخفى هذه النون الروحانية الذي بها كمال الوجود وجعلت نقطة النون المحسوسة دالة عليها فالألف كاملة من جميع وجوهها والنون ناقصة فالشمس كاملة والقمر ناقص لأنه محو فصفة ضوئه معارة وهي الأمانة التي حملها وعلى قدر محوه وسراره إثباته وظهوره ثلاثة لثلاثة فثلاثة غروب القمر القلبي الإلهي في الحضرة الأحدية وثلاثة طلوع قمر القلب الإلهي في الحضرة الربانية وما بينهما في الخروج والرجوع قدما بقدم لأ أبدا يختل
ثم جعل سبحانه هذه الحروف علي مراتب منها موصول ومنها مقطوع ومنها مفرد ومثنى ومجموع ثم نبه أن في كل وصل قطعا وليس في كل قطع وصل فكل وصل يدل علي فصل كل فصل وليس يدل علي وصل فالوصل والفصل في الجمع وغير الجمع والفصل حده في عين الفرق فما أفرده من هذه فإشارة إلى فناء رسم العبد أزلا وما ثناه فإشارة إلى وجود رسم العبودية حالا وما جمعه فإشارة إلى الأبد بالموارد التي لا تناهى فالأفراد للبحر الأزلي والجمع للبحر الأبدي والمثنى للبرزخ المحمدي الإنسان مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان هل بالبحر الذي أوصله به فأفناه عن الأعيان أو بالبحر الذي فصله عنه وسماه بالأكوان أو بلبرزخ الذي استوى عليه الرحمن فبأي آلاء ربكما تكذبان يخرج من بحر الأزل اللؤلؤ ومن بحر الأبد المرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان وله الجواري الروحانية المنشآت من الحقائق الأسمائية في البحر الذاتي الأقدسي كالأعلام فبأي آلاء ربكما تكذبان يسأله العالم العلوي علي علوه وقدسه والعالم السفلي علي نزوله
قال تعالى "خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين" و نزول الألف إلى السطر مثل قوله ينزل ربنا إلى السماء الدنيا وهو أول عالم التركيب لأنه سماء آدم عليه السلام ويليه فلك النار فلذلك نزل إلى أول السطر فإنه نزل من مقام الأحدية إلى مقام إيجاد الخليقة نزول تقديس وتنزيه لا نزول تمثيل وتشبيه وكانت اللام واسطة وهي نائبة مناب المكون والكون فهي القدرة التي عنها وجد العالم فأشبهت الألف في النزول إلى أول السطر ولما كانت ممتزجة من المكون والكون فإنه لا يتصف بالقدرة على نفسه وإنما هو قادر على خلقه فكان وجه القدرة مصروفا إلى الخلق ولهذا لا يثبت للخالق إلا بالخلق فلابد من تعلقها بهم علوا وسفلا ولما كانت حقيقتها لا تتم بالوصول إلى السطر فتكون والألف على مرتبة واحدة طلبت بحقيقتها النزول تحت السطر أو على السطر كما نزل الميم فنزلت إلى إيجاد الميم ولم يتمكن أن تنزل على صورة الميم
فكان لا يوجد عنها أبدا إلا الميم فنزلت نصف دائرة حتى بلغت إلى السطر من غير الجهة التي نزلت منها فصارت نصف فلك محسوس يطلب نصف فلك معقول فكان منهما فلك دائر فتكون العالم كله من أوله إلى آخره في ستة أيام أجناسا من أول يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة وبقي يوم السبت للانتقالات من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام والاستحالات من كون إلى كون ثابت على ذلك لا يزول ولا يتغير ولذلك كان الوالي على هذا اليوم البرد واليبس وهو من الكواكب زحل فصار الم وحده فلكا محيطا من دار به علم الذات والصفات والأفعال والمفعولات فمن قرأ الم بهذه الحقيقة والكشف حضر بالكل للكل مع الكل فلا يبقى شيء في ذلك الوقت إلا يشهده لكن منه ما يعلم ومنه ما لا يعلم فتنزه الألف عن قيام الحركات بها يدل أن الصفات لا تعقل إلا بالأفعال كما قال عليه السلام كان الله ولا شيء معه وهو على ما عليه كان فلهذا صرفنا الأمر إلى ما يعقل لا إلى ذاته المنزهة فإن الإضافة لا تعقل أبدا إلا بالمتضايفين فإن الأبوة لا تعقل إلا بالأب والابن وجودا وتقديرا وكذلك المالك والخالق والبارئ والمصور وجميع الأسماء التي تطلب العالم بحقائقها وموضع التنبيه من حروف الم عليها في اتصال اللام الذي هو الصفة بالميم الذي هو أثرها وفعلها فالألف ذات واحدة لأ يصح فيها شيء أنظمة اتصال من الحروف ، if وقعت اولا في الخط المستقيم الصراط الذي فهي سألته النفس في قولها اهدنا الصراط المستقيم صراط التنزيه والتوحيد فلما أمن على دعائها ربها الذي هو الكلمة الذي أمرت بالرجوع إليه في سورة الفجر قبل تعالى تأمينه على دعائها فأظهر الألف من الم عقيب ولا الضالين وأخفى آمين لأنه غيب من عالم الملكوت من وافق تأمينه تأمين الملائكة في الغيب المتحقق الذي يسمونه العامة من الفقهاء الإخلاص وتسميه الصوفية الحضور وتسميه المحققون الهمة ونسميه أنا وأمثالنا العناية لوما كانت الألف متحدة في عالم الملكوت والشهادة ظهرت فوقع الفرق بين القديم والمحدث فانظر فيما سطرناه تر عجبا ومما يؤيد ما ذكرناه من وجود الصفة المد الموجود في اللام والميم دون الألف فإن قال صوفي وجدنا الألف مخطوطة والنطق بالهمزة دون فلم ينطق الألف لأ بالألف فنقول أيضا مما يعضد وهذا ما قلناه فإن بياناتك الألف لأ تقبل الحركة فإن بياناتك الحرف مجهول ما لم يحرك فإذا حرك ميز بالحركة التي تتعلق به من رفع ونصب وخفض والذات لأ تعلم أبدا ما هي عليه وعلي فالألف الدال عليها الذي هو في عالم الحروف خليفة كالإنسان في العالم مجهول أيضا كالذات لا تقبل الحركة فلما لم تقبلها لم يبق إلا أن تعرف من جهة سلب الأوصاف عنها ولما لم يمكن النطق بساكن نطقنا باسم الألف بالألف فنطقنا بالهمزة بحركة الفتحة فقامت الهمزة مقام المبدع الأول وحركتها صفته العلمية ومحل إيجاده في اتصال الكاف بالنون فإن قيل وجدنا الألف التي في اللام منطوقا بها ولم نجدها في الألف قلنا صدقت لا يقع النطق بها إلا بمتحرك مشبع التحرك قبلها موصولة به وإنما كلامنا في الألف المقطوعة التي لا يشبع الحرف الذي قبلها حركته فلا يظهر في النطق وإن رقمت مثل ألف إنما المؤمنون فهذان ألفان بين ميم لام المؤمنين إنما وبين موجودتان خطا غير ملفوظ بهما نطقا وإنما الألف الموصولة التي تقع بعد الحرف مثل لام هاء حاء وشبهها فإنه لولا ما كان المد وجودها لواحد من هذه الحروف فمدها هو سر الاستمداد الذي وقع به إيجاد الصفات في محل الحروف ولهذا لأ يكون المد إلا بالوصل فإذا وصل الحرف بالألف من اسمه الآخر امتد الألف بوجود الحرف الموصول به ولما وجد الحرف الموصول به افتقر إلى الصفة الرحمانية فأعطى حركة الفتح التي هي الفتحة فلما أعطيها طلب منه الشكر عليها فقال وكيف يكون الشكر عليها قيل له أن تعلم السامعين بأن وجودك ووجود صفاتك لم يكن بنفسك وإنما كان من ذات القديم تعالى فاذكره عند ذكرك نفسك فقد جعلك بصفة الرحمة خاصة دليلا عليه ولهذا قال إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فنطقت بالثناء على موجدها فقالت لام ياء هاء حاء طاء فأظهرت نطقا ما خفي خطا لأن الألف التي في طه وحم وطس موجودة نطقا خفيت خطا لدلالة الصفة عليها وهي الفتحة صفة افتتاح الوجود فإن قال وكذلك نجد المد في الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها فهي أيضا ثلاث ذوات
فكيف يكون هذا وما ثم الا ذات واحدة فنقول نعم أما المد الموجود في الواو المضموم ما قبلها في مثل ن والقلم والياء المكسور ما قبلها مثل الياء من طس وياء الميم من حم فمن حيث أن الله تعالى جعلهما حرفي علة وكل علة تستدعي معلولها بحقيقتها وإذا استدعت ذلك فلابد من سر بينهما يقع به الاستمداد والإمداد فلهذا أعطيت المد وذلك لما أودع الرسول الملكي الوحي لو لم يكن بينه وبين الملقى إليه نسبة ما ما قبل شيأ لكنه خفي عنه ذلك فلما حصل له الوحي ومقامه الواو لأنه روحاني علوي والرفع يعطي العلو وهو باب الواو المعتلة فعبرنا عنه بالرسول الملكي الروحاني جبريل كان أو غيره من الملائكة ولما أودع الرسول البشري ما أودع من أسرار التوحيد والشرائع أعطى من الاستمداد والإمداد الذي يمد به عالم التركيب وخفي عنه سر الاستمداد ولذلك قال ما أدري ما يفعل بي ولا بكم وقال إنما أنا بشر مثلكم ولما كان موجودا في العالم السفلي عالم الجسم والتركيب أعطيناه الياء المكسور ما قبلها المعتلة وهي من حروف الخفض فلما كانا علتين لوجود الأسرار الإلهية من توحيد وشرع وهبا سر الاستمداد فلذلك مدتا وأما الفرق الذي بينهما وبين الألف فإن الواو والياء قد يسلبان عن هذا المقام فيحركان بجميع الحركات كقوله ووجدك وتؤوي وولوا الأدبار ينأون يغنيه إنك ميت
وقد يسكنان بالسكون الحي كقوله وما هو بميت وينأون وشبههما والألف لا تحرك أبدا ولا يوجد ما قبلها أبدا إلا مفتوحا فإذن فلا نسبة بين الألف وبين الواو والياء فمهما حركت الواو والياء فإن ذلك مقامها ومن صفاتها ومهما ألحقتا بالألف في العلية فذلك ليس من ذاتها وإنما ذلك من جانب القديم سبحانه لا يحتمل الحركة ولا يقبلها ولكن ذلك من صفة المقام وحقيقته الذي نزلت به الواو والياء فمدلول الألف قديم والواو والياء محركتان كانتا أولا محركتان فهما حادثان فإذا ثبت هذا فكل ألف أو واو أو ياء ارتقمت أو حصل النطق بها فإنما هي دليل وكل دليل محدث يستدعي محدثا والمحدث لا يحصره الرقم ولا النطق إنما هو غيب ظاهر وكذلك يس ون فنجده نطقا وهو ظهوره ولا نجده رقما وهو غيبه وهذا سبب حصول العلم بوجود الخالق لا بذاته وبوجود ليس كمثله شيء لا بذاته واعلم أيها المتلقي أنه كل ما دخل تحت الحصر فهو مبدع أو مخلوق وهو محلك فلا تطلب الحق لا من داخل ولا من خارج إذ الدخول من صفات الحدوث والخروج فانظر الكل في الكل تجد الكل فالعرش مجموع والكرسي مفروق
علي ما كان عليه وفاندرج في الحديث ما لم يقله صلى الله عليه ووسلم ومقصودهم اى الصفة التي وجبت لة قبل وجود العالم هو موجود عليها والعالم وهكذا هي الحقائق عند من أراد أن يقف عليها فالتذكير في الأصل وهو آدم قوله ذلك والتأنيث في الفرع وهو حواء قوله تلك وقد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتاب الجمع والتفصيل الذي صنفناه في معرفة أسرار التنزيل فآدم لجميع الصفات وحواء لتفريق الذوات أذهى محل الفعل والبذر وكذلك الآيات محل الأحكام والقضايا وقد جمع الله تعالى معنى ذلك وتلك في قوله تعالى "وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب" فحروف الم رقما ثلاثة وهو جماع عالمها فإن فيها الهمزة وهي من العالم الأعلى واللام وهي من العالم الوسط والميم وهي من العالم الأسفل فقد جمع الم البرزخ والدارين والرابط والحقيقتين وهي على النصف من حروف لفظه من غير تكرار وعلى الثلاث بغير تكرار وكل واحد منهما ثلث كل ثلاث وهذه كلها أسرار تتبعناها في كتاب المبادي والغايات وفي كتاب الجمع والتفصيل فليكف هذا القدر من الكلام على الم البقرة في هذا الباب بعد ما رغبنا في ترك تقييد ما تجلى لنا في الكتاب والكاتب فلقد تجلت لنا فيه امور جسام مهولة رمينا الكراسة من أيدينا عند تجليها وفررنا آلي العالم حتى خف عنا ذلك وحينئذ رجعنا آلي التقييد في محافظات عدد اليوم الثانى من ذلك التجلي وقبلت الرغبة فيه وأمسك علينا ورجعنا آلي الكلام علي الحروف حرفا حرفا كما شرطناه في هذا الباب اولا رغبة في الإيجاز والله والاختصار يقول الحق وهو يهدي السبيل