جاء في كتب السير، ان رجلا قدم على الرسول (صلى الله عليه وآله ) وقال إن لديه ما يسأل عنه.فقال
له الرسول: أتريد أن تسمع الجواب أم تريد أن تسأل؟فقال اريد الجواب. فقال
الرسول:لقد جئت تسأل عن البر والخير، وعن الإثم والشر. فقال الرجل هو ذاك.
فضم الرسول ثلاثة اصابع وضرب بها صدر الرجل بلطف وقال: استفت قلبك، ثم قال:
لقد صنع قلب المرء بحيث يكون متصلا بالخير، فهو يهدأ بالخير، ويضطرب بالشر.
مثل ذلك مثل الجسم، إن دخله ما لا يتجانس معه، اختل نظامه وتوازن اعضائه.
كذلك روح الإنسان، يختل بالأعمال القبيحة. إن ما يسمى عندنا بعذاب الضمير،
ينشأ من عدم انسجام الروح مع الآثام والأعمال الشائنة.
(استفت قلبك وان أفتاك المفتون)
هنا يضع الرسول إصبعه على أمر مهم، وهو أنه إذا كان الإنسان باحثا عن الحقيقة
بتجرد، وخلوص نية، فإن قلبه لن يخونه أبدا، وإنما يهديه إلى الطريق الصحيح.في
الحقيقة إن الإنسان مادام باحثا عن الحق والحقيقة، ويتقدم على طريق الحق، فإن
كل ما يصادفه هو الحق والحقيقة.إلا أن ثمة نقطة ظريفة تبعث على سوء الفهم،
وهي أنه إذا ضل الإنسان طريقه، فالسبب هو إنه كان منذ البداية متوجها وجهة
خاصة، بعيدة عن البحث عن الحقيقة بخلوص نية.
لقد أجاب الرسول (صلى الله عليه واله ) الشخص الذي سأله عن "البر" قائلا له إنك إن كنت حقا
تبحثعنه، فاعلم إنك إن وجدت ضميرك قد استراح إلى أمر، فذاك هو البر، ولكنك إن
رغبت في شيء لم يرتح له قلبك، فاعلم أن ذاك هو الإثم.
ويسألون النبي عن معنى الإيمان فيقول: إن من إذا ارتكب القبيح قلق وندم، وإذا
عمل صالحا سر وفرح، فهذا له نصيبه من الإيمان.
__________________