السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إن الحياة، وظواهرها، تدرك في شعور المؤمن في سياق مركب شامل يضم اطراف
الوجود كله من حيث المبدأ والغاية، والسنن الجارية فيه وفي هذا المركب الشامل
الذي يضع المؤمن فيه اشياء الحياة، وظواهرها سوف يعطي كل شيء منها، قيمته
الحقيقية فلا (يحقر) ولا (يصمّ).
وقد نشأ في أطوار الحضارة المادية، وحتى في الحضارة المادية المعاصرة اتجاهان
مختلفان، يمثلان الانعكاس الطبيعي للنظرة المادية الى العالم.
(الاول) : الاتجاه القائم على تصنيم ظواهر الحياة وبالخصوص ما يتعلق منها
بالهوى، والشهوة ومن هنا اصبحت عبادة الدنيا البديل الطبيعي عن عبادة الله،
والتواجد الشعوري للدنيا في نفس الانسان بديلاً عن التواجد الشعوري لله،
وحقائق الوجود الكبرى.
وهكذا فان لدى المؤمن ثلاثة احساسات تجاه الحياة :
1 - الاحساس بهذه الحياة ك (نعمة الهية) وخير الهي يتفضل به الله على هذا
الكائن الفقير.
وهو احساس لا ينتهي الى (الشكر) فقط، وانما الى الانفتاح النفسي على الحياة،
والتجاوب الشعوري معها ايضاً وبعض الناس ينظرون الى النعم الالهية من مال
وبنين ونساء.. بنظر شؤم، وتطير.. لانها في اعتقاده هي مصائد الشيطان، وحبائل
مكره، وخدعه وهذا خطأ.. فان اشياء هذه الحياة نعم الله.. وخيره، وبركاته،
وتفضلاته على الناس.. وحبائل الشيطان، وخدعه ليست هذه الاشياء بذاتها.. وانما
هي اهواء النفس المرتبطة والمتعلقة بها.
2 - الاحساس بهذه الحياة كمرحلة عابرة في مسيرة الحياة تمهد الى حياة دائمة
خالدة، والاحساس بقصر مدتها وحركة احداثها، وعدم استقرارها لاحد.. وهي بهذا
تسمى (دنيا) لانها أدنى من ان تمتلك قلب المؤمن أو تكون محطاً لعبادته،
وهواه.
وتربية هذا الاحساس من أهم ما حاوله القرآن الكريم والهداة
باعتباره من قمم الاحساسات والمشاعر الايمانية التي بتميز بها الانسان
المؤمن..
(أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ؟ فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة الا
قليل)(
(انما مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما
يأكل الناس، والانعام، حتى اذا اخذت الارض زخرفها، وازينت، وظن اهلها انهم
قادرون عليها اتاها امرنا ليلاً، أو نهاراً، فجعلناها حصيداً كأن لم تغن
بالامس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون)
(وفرحوا بالحياة الدنيا، وما الحياة الدنيا في الآخرة الا متاع)
(واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض،
فاصبح هشيماً تذروه الرياح وكان اللّه على كل شيء مقتدراً، المال والبنون
زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير املا)(28)
(وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا
يعلمون)
وهناك آيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، وهناك عدد هائل من النصوص
الواردة في تصوير عرضية الحياة الدنيا وزوالها.. وكونها منطقة عبور، وممر
للآخرة، ومرحلة تمهيدية لها.. والغرض من هذا ليس (تفهيم) المسلمين هذه القضية
الواضحة لديهم، وانما (تحسيسهم) بذلك وتوعيتهم عليه حتى تكون لديهم (بصيرة)
من بصائرهم ورؤية فكرية واضحة لديهم تهديهم الطريق، وتدفعهم الى العمل.
ان وعي الحياة الدنيا على حقيقتها، والاحساس بنهايتها ومرحليتها هو الطريق
الطبيعي لانهاء حالة الركون الى الدنيا، ومعانيها، والركض وراءها والهم لها..
يضيع الانسان المؤمن احياناً في هذه الدنيا.. فتراه يبني له أحلاماً واسعة،
يستهدف بها الجاه، والمركز.. والمجد والذكر الحسن عند الناس، وينهمك في هذه
الحياة.. فيتصارع مع اخوته على معان زائفة فيها.. لماذا ؟ لانه يفتقد في هذه
اللحظات احاسيس المؤمنين، ومشاعرهم ولا يملك فعلاً وعياً كونياً عاماً يهديه
الطريق ويحدد له القيم الكبيرة لمعاني الايمان، والقيم الصغيرة لتوافه الحياة
الدنيا، ومعانيها المبتذلة.
إن مشكلة الانسان المسلم، وكل انسان أن يفهم اكثر بكثير مما يعي، ويعيش في
مداركه، ومشاعره، ويعي اكثر مما يطبق، وينسجم نفسياً مع ما يعيه، ويشعر به.
ان هذا الوعي بعرضية الحياة الدنيا، ومرحليتها لا يعطي قيمته في مقام العمل
الاعتيادي.. وانما ايضاً في مجال المواجهة، والتصدي لاضطهاد الجاهلية وسخرية
الناس واستهزائهم، ومن هنا أكد عليه القرآن الكريم في عملية إعداد الرسول (ص)
في موارد متعددة.
(واصبر على ما يقولون، واهجرهم هجراً جميلاً. وذرني والمكذبين اولي النعمة،
ومهلهم قليلاً. ان لدينا انكالاً، وجحيماً، وطعاماً ذا غصة، وعذاباً اليماً)
(لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم، وبئس
المهاد)
(فاصبر صبراً جميلاً.. انهم يرونه بعيداً. ونراه قريباً. يوم تكون السماء
كالمهل. وتكون الجبال كالعهن. ولا يسأل حميم حميماً)
ان تنمية الوعي الكوني، وتوسيع افق المؤمن، واطار تفكيره من اهم ما يعتني به
القرآن الكريم.. وذلك ان شخصية الانسان تنمو بمقدار توسع آفاقه، ونمو وعيه
الكوني الكلي الشامل، فانت اذ تتحسس الحياة بشمولها وتعي هذه الحياة مرحلة
عابرة. وتعيش هذا الوعي فسوف ترى كم يكون الطغيان تافهاً، وكم يكون الطغاة
صغاراً في الحساب التأريخي، وحساب الحياة في شمولها وسعتها.. وحساب الكون،
وخالق الكون.. وسوف تبصر بعينيك القيمة الصغيرة لكل جاهلية، وللجاهلية كلها
في حساب الحياة.
3 - الاحساس بالحياة الدنيا على انها دار فتنة واختبار، على انها مرحلة
لاختبار الفعالية البشرية، واخلاقية هذا الانسان في مقام عبوديته،
وتعامله مع الله، ودوره في هذه الحياة.
(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملاً، وهو العزيز الغفور)
(وان اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب، ولا عمل)
إن الحياة، وظواهرها، تدرك في شعور المؤمن في سياق مركب شامل يضم اطراف
الوجود كله من حيث المبدأ والغاية، والسنن الجارية فيه وفي هذا المركب الشامل
الذي يضع المؤمن فيه اشياء الحياة، وظواهرها سوف يعطي كل شيء منها، قيمته
الحقيقية فلا (يحقر) ولا (يصمّ).
وقد نشأ في أطوار الحضارة المادية، وحتى في الحضارة المادية المعاصرة اتجاهان
مختلفان، يمثلان الانعكاس الطبيعي للنظرة المادية الى العالم.
(الاول) : الاتجاه القائم على تصنيم ظواهر الحياة وبالخصوص ما يتعلق منها
بالهوى، والشهوة ومن هنا اصبحت عبادة الدنيا البديل الطبيعي عن عبادة الله،
والتواجد الشعوري للدنيا في نفس الانسان بديلاً عن التواجد الشعوري لله،
وحقائق الوجود الكبرى.
وهكذا فان لدى المؤمن ثلاثة احساسات تجاه الحياة :
1 - الاحساس بهذه الحياة ك (نعمة الهية) وخير الهي يتفضل به الله على هذا
الكائن الفقير.
وهو احساس لا ينتهي الى (الشكر) فقط، وانما الى الانفتاح النفسي على الحياة،
والتجاوب الشعوري معها ايضاً وبعض الناس ينظرون الى النعم الالهية من مال
وبنين ونساء.. بنظر شؤم، وتطير.. لانها في اعتقاده هي مصائد الشيطان، وحبائل
مكره، وخدعه وهذا خطأ.. فان اشياء هذه الحياة نعم الله.. وخيره، وبركاته،
وتفضلاته على الناس.. وحبائل الشيطان، وخدعه ليست هذه الاشياء بذاتها.. وانما
هي اهواء النفس المرتبطة والمتعلقة بها.
2 - الاحساس بهذه الحياة كمرحلة عابرة في مسيرة الحياة تمهد الى حياة دائمة
خالدة، والاحساس بقصر مدتها وحركة احداثها، وعدم استقرارها لاحد.. وهي بهذا
تسمى (دنيا) لانها أدنى من ان تمتلك قلب المؤمن أو تكون محطاً لعبادته،
وهواه.
وتربية هذا الاحساس من أهم ما حاوله القرآن الكريم والهداة
باعتباره من قمم الاحساسات والمشاعر الايمانية التي بتميز بها الانسان
المؤمن..
(أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ؟ فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة الا
قليل)(
(انما مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما
يأكل الناس، والانعام، حتى اذا اخذت الارض زخرفها، وازينت، وظن اهلها انهم
قادرون عليها اتاها امرنا ليلاً، أو نهاراً، فجعلناها حصيداً كأن لم تغن
بالامس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون)
(وفرحوا بالحياة الدنيا، وما الحياة الدنيا في الآخرة الا متاع)
(واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض،
فاصبح هشيماً تذروه الرياح وكان اللّه على كل شيء مقتدراً، المال والبنون
زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير املا)(28)
(وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا
يعلمون)
وهناك آيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، وهناك عدد هائل من النصوص
الواردة في تصوير عرضية الحياة الدنيا وزوالها.. وكونها منطقة عبور، وممر
للآخرة، ومرحلة تمهيدية لها.. والغرض من هذا ليس (تفهيم) المسلمين هذه القضية
الواضحة لديهم، وانما (تحسيسهم) بذلك وتوعيتهم عليه حتى تكون لديهم (بصيرة)
من بصائرهم ورؤية فكرية واضحة لديهم تهديهم الطريق، وتدفعهم الى العمل.
ان وعي الحياة الدنيا على حقيقتها، والاحساس بنهايتها ومرحليتها هو الطريق
الطبيعي لانهاء حالة الركون الى الدنيا، ومعانيها، والركض وراءها والهم لها..
يضيع الانسان المؤمن احياناً في هذه الدنيا.. فتراه يبني له أحلاماً واسعة،
يستهدف بها الجاه، والمركز.. والمجد والذكر الحسن عند الناس، وينهمك في هذه
الحياة.. فيتصارع مع اخوته على معان زائفة فيها.. لماذا ؟ لانه يفتقد في هذه
اللحظات احاسيس المؤمنين، ومشاعرهم ولا يملك فعلاً وعياً كونياً عاماً يهديه
الطريق ويحدد له القيم الكبيرة لمعاني الايمان، والقيم الصغيرة لتوافه الحياة
الدنيا، ومعانيها المبتذلة.
إن مشكلة الانسان المسلم، وكل انسان أن يفهم اكثر بكثير مما يعي، ويعيش في
مداركه، ومشاعره، ويعي اكثر مما يطبق، وينسجم نفسياً مع ما يعيه، ويشعر به.
ان هذا الوعي بعرضية الحياة الدنيا، ومرحليتها لا يعطي قيمته في مقام العمل
الاعتيادي.. وانما ايضاً في مجال المواجهة، والتصدي لاضطهاد الجاهلية وسخرية
الناس واستهزائهم، ومن هنا أكد عليه القرآن الكريم في عملية إعداد الرسول (ص)
في موارد متعددة.
(واصبر على ما يقولون، واهجرهم هجراً جميلاً. وذرني والمكذبين اولي النعمة،
ومهلهم قليلاً. ان لدينا انكالاً، وجحيماً، وطعاماً ذا غصة، وعذاباً اليماً)
(لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم، وبئس
المهاد)
(فاصبر صبراً جميلاً.. انهم يرونه بعيداً. ونراه قريباً. يوم تكون السماء
كالمهل. وتكون الجبال كالعهن. ولا يسأل حميم حميماً)
ان تنمية الوعي الكوني، وتوسيع افق المؤمن، واطار تفكيره من اهم ما يعتني به
القرآن الكريم.. وذلك ان شخصية الانسان تنمو بمقدار توسع آفاقه، ونمو وعيه
الكوني الكلي الشامل، فانت اذ تتحسس الحياة بشمولها وتعي هذه الحياة مرحلة
عابرة. وتعيش هذا الوعي فسوف ترى كم يكون الطغيان تافهاً، وكم يكون الطغاة
صغاراً في الحساب التأريخي، وحساب الحياة في شمولها وسعتها.. وحساب الكون،
وخالق الكون.. وسوف تبصر بعينيك القيمة الصغيرة لكل جاهلية، وللجاهلية كلها
في حساب الحياة.
3 - الاحساس بالحياة الدنيا على انها دار فتنة واختبار، على انها مرحلة
لاختبار الفعالية البشرية، واخلاقية هذا الانسان في مقام عبوديته،
وتعامله مع الله، ودوره في هذه الحياة.
(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملاً، وهو العزيز الغفور)
(وان اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب، ولا عمل)