فلا تـكـثر به فرحــا، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا !!!!!!
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قال الامام علي عليه السلام في كتاب له لعبد الله بن العباس :
"أما بعد، فإن المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته و يسوءه فوت ما لم يكن
ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما نلت
من دنياك فلا تكثر به فرحا، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا، وليكن همك فيما
بعد الموت".
(فإنّ المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته) فهو يفرح بأمر مقدّر له في علم
الله تعالى وهو يصله ولولم يطلبه، وقد رأينا في هذه الدنيا أناسا حصلوا على ثروات طائلة بدون سعي ولا جهد، ومن طريق لم يفكروا به أبدا.
(ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه) فهو يأسف ويحزن ويتألم على ما لم يقدر له.
فلا داعي للفرح بأمر هو حاصل حتما، ولا معنى للحزن على أمر لم يكن ليحصل ولو
اجتمع له الإنس والجن.
(وليكن سرورك بما نلت من آخرتك ) فإنك تفرح إذا وفقت لأداء فريضة، أو عمل
مستحب تتقرب به إلى الله سبحانه لأن ذلك مدخر لك، ينفعك في يوم لا ينفع فيه
مال ولا بنون، ويكون سببا لنجاتك من النار.
(وليكن أسفك على ما فاتك منها) فقد يفوتك الحج وقد كان بإمكانك الذهاب فتأسف
لذلك، وتفوتك العمرة وزيارة الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) والأئمة (عليهم السلام) فتأسف لذلك،
وتفوتك أعمال البر الأخرى وكان يمكنك الإتيان بها فتأسف لذلك.
ينبغي للعبد أن يفرح بالعمل الصالح لا بالدنيا و زخارفها وأن لايحزن و يجزع
على ما يفوته من أمور الدنيا وعليه أن يتيقن أن الله تعالى فوت عليه بعض أمور
الدنيا لمصلحة خاصة، لعلمه سبحانه بما يصلح به عباده.
(وليكن همك فيما بعد الموت): أي فرغ فكرك وذهنك لما تصير إليه وما ينجيك في
ذلك الموقف الذي يصفه جل جلاله:
"يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ