أوفاقا عددية وحرفية ومشتركة والحرفية على ضربين : الأول مقام الحروف مقام الأعداد والثاني تكسير تلك الحروف في الوفق ويسمى تكسيريا وسأذكر مثالات هنا تغنيك عن مراجعة علم في البسط وهوفن ذكره سقراط وسماه بالفن المؤلف وتقدم الكلام عليه تلويحا في فن البسط والتكسير فإن وضعت المربعات بأى الطرق اتفق فلها استنطاق معروف ذكرته الحكماء وفعلوا له ثلاث مثالات لفظية وصورية فالمتفق عليه من عهد ادريس عليه السلام الى يومنا هذا هو استنطاق زواياه الأربع ومركزه وأحد ضلوعه مساحته أعني جميع كمية الاعداد الواقعة فيه واختار بعض الحكماء ضرب هذه الكمية في ضلع الوفق واستنطاقها ونقله عن هرمس عليه السلام وهو غريب ورأيت بعض الأسباط نقل أن هذه المستنطقات تستكعب ثانيا وتوضع كل مستكعب بإزاء مااستكعب منه ونقله أيضا عن هرمس عليه السلام والتكرار في الأستكعاب جائز لأنه مقو لما وضع له وليس في معنى غريب إذ الأصل فيها واحد حتى أن بعض الحكماء وضع رسالة لولده ذكر في مقالة الاستنطاق أنه لانهاية للاستكعاب مبالغة في أنه يجوز استكعاب المستكعبات الى حيث شاء الطالب وقيده بعض الحكماء بأربع مراتب لايزاد عليها وهو الأصل المنقول عن هرمس عليه السلام نقله عن ستة أسباط ومائة حكيم من أهل الروم وقال سقراط:وأرى تكرير المستكعبات وتوليدها لتزداد قوة تأثيرها
وقال فيثاغورث :أوصلت الأسباط استكعاب الاعداد الى أثنتي عشرة مرة وقالوا هذا هو انتهاء البروج المرتبة على الأفلاك وانتهاء ساعات الليل وساعات النهار وأما ذو مقراطيس فوافق على أربع مراتب كما تقدم وكل مانقلوووه حق جار ذكرته الاسباط عن هرمس عليه السلام فإذا استنطق المربع أثبت ما استنطق بعد إضافة إييل له فزاوية الضلع الأول اليمنى يثبت استنطاقها بإزائها مقدما الاكثر على الاقل كما وضعته الحكماء وكذلك الزاوية المقابل لها والمركز في وسط الضلع الاخير العرضي والضلع مقابله في القطر الأول العرضي ومساحة الوفق أعلى ذلك ووضع بعض الحكماء كمية الضلع في جانب الوفق بين الزاوية العليا والسفلى فإذا ضربت مساحة الوفق في ضلعه واستنطقت بالأولى أن لايعلوه اسم لأن الأعداد لها فضل عظيم على بعضها في الأكثر خصوصا ما استنطق من الأوفاق ولأجل ذلك قدم الأكثر على الأقل في الاستنطاق والاستكعاب ولكن هنا تنبيه وهو أول بيت في المربع قد يبتدأ فيه بالواحد فلا يستنطق إذ لايمكن ذلك فلذلك طرق ذكرناها عند الكلام على حروف الأوفاق فلايحتاج الى أعادتها هنا وأما خواص الأوفاق فذلك متوقف على مايريد الطالب والخواص المطلقة في أوفاق الكواكب لاغير وأما ماتراه من الأوفاق التي لاتزيد على مربع أربعة في أربعة التي وضعناها في كتابنا المعروف بألواح الذهب فإنها ذات خواص تكلمنا على بعضها دون بعض نقلت من الفارسية الى العربية قياسيا لا تفسيرا وهي تالية وليس فيها عدد محض فقس عليها مايناسبها فلو استقصى على التناسب في كل فن لم تركتبا الا قليلا لأن مجال التأمل في استياق خواص الآيات العزيزة والاسماء الشريفة واسع لانهاية دون علم الله عز وجل وانظر الى قول الامام علي كرم الله وجهه لما سئل عن خواص بسم الله الرحمن الرحيم قال: اوشئت أإن أوقر منها بغير الفعل وكان رضي الله عنه يستطيع أن يوفر منها ماشاء ولكن ذكر على قدر وسع السائل في عقله وقد تكلمنا على بغض الخواص لهذا الاسم الشريف مربعا في الواح الذهب تأليفنا .وذكر الحسن البصري رحمه الله تعالى أن حروف هذا الاسم الشريف عشرة أحرف إذا وضعت وكسرت بالحرفى والعددى خلفه وأخذت أعداد حروف الاسم الاعظم ونزلت ذلك في مربع كان ذلك يوم الجمعة وقت الصلاة فإن حامله لايرى مكروها مدة عمره ميسرا له رزقه ويملكه الله نفسه وهو آه وانقادت له نفسه الى أفعال الخير وذكر هذا الاسم الشريف عند ابتداء الاكل والشرب والجماع والركوب وجميع الاشياء لم يكتب عليه ذنب وإن كتب عليه غفرة الله يوم القيامة وكان موقرا عند اهل الدول والملوك محبا لافعال الخير كارها لافعال الشر فقول الحسن البصري رضي الله عنه إنه عشرة احرف اعني غير المكررفإنه يمكرره تسعة عشر حرفا فاقتبس المتأخرون ممن ذلك أن الاسماء الحسنى إذا كانت جميلة فلا يؤخذ منها في البسط الا مالم يكن مكررا ويسقط المكرر وفي تنزيل الاعداد يؤخذ اعداد حروفها بمكررها وهل يضاف الى أعدادها اعداد أسماء الذات المقدمة عليها في الذكر؟قال الحسن البصري رحمه الله تعالى ورضى عنه :إن كانت اسماء بالذات ثابتة فيها كأول الاسماء الحسنى فلا بد من اخذ أعدادها وإن كانت مضافة فلا تؤخذ أعدادها وهذا هو الحق الذي لامراء فيه وإنما يتلفظ بها في الذكر وكذلك إن كتبت الاسماء المنزلة اعدادها حول الوفق تكتب بأسماء الذات وهي :هو الله الذي لا إله الا هو ولم نجد احد تكلم فيها من علماء الإسلام اولا الا الحسن البصري رضي الله عنه .واعلم أن الغرض المطلوب من هذا العلم الشريف هو جلب نفع أو دفع (طرد) ضر و ذلك وجود في اسماء الله الحسنى الا ترى إلى اسمه تعالى الكريم الوهاب ذى الطول لايستديم على ذكرها من قر عليه ورزقه ومسنه حاجة الايسر الله عليه من حيث لايحتسب فانظر الى مشتقات هذه الاسماء الشريفة والى هذه الخاصية تر لها مناسبة مطابقة لها في الفعل والطلب والمراد من الاسماء الحسنى إيجاد مشتقاتها فهذه الاسماء الشريفة جمعت بين الجلب والطرد في خاصية واحدة أما ترى أنها طردت الفاقة والحاجة وجلبت الرزق ويسرته وكذلك بقية الاسماء تقاس على ذلك والهام الذكر بها النعمة من الله عز وجل على العبد بل تعمة متعددة قال الله تعالى (فاذكروني أذكركم )وقال تعالى في بعض كتبه المنزلة (أنا جليس من ذكرني )والذاكر الغافل : وقال تعالى لزكريا عليه السلام واذكر ربك كثيرا وسبح بالغشى والابكار،فاذكر الله تعالى غارق في أبحر النعم مشاهد للطائف الممن ممتثل أمر الله عزوجل فيسمى ذاكرا ولايسمى غافلا ويذكره الله تعالى فيمن عنده ويكون جليس رب العالمين وتحفه الملائكة وتغشاه الرحمة وتظهر عليه مظاهر تلك الاسماء الشريفة ويعطى بكل حرف عشر حسنات كما قال الله تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها )فكيف إذا جمع بين الذكر والجمل فتجتمع الاسرار المكنونة في علم الله تعالى وتنشر على ذلك العبد بعد أن كانت منطوية في بواطن الاسماء الشريفة والذكر بالاسماء الحسنى على طرق أحسنها ماذكرناه في كتابنا المعروف ب(قبس الاقتداء الى مراقى السعادة ونجم الأهتداء )وهو ان يقدم الذاكر اسماء الذات على مايذكروه ولو كان اسما واحدا ليعظم بذلك قدره عند الله تعالى وعند الملائكة الكووبيين والمسبحيين فيدخل حينئذ على كل اسم آلة التعريف إذا لايشرع الذكر بعد أسماء الذات الا بالألف واللام كما قال تعالى في آخر سورة الحشر (هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم )ثم ذكر أسماء الذات فقال (هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون )ثم كرر الاسم الشريف ثالثا فقال (هو الله الخالق البارئ المصور )الى آخر السورة فبين تعالى ان بين كل جملة وجملة اسماء الذات فإذا قدم الذاكر اسماء الذات على الذكر كان تابعا لنظم القرأن العظيم ممتثلا لامر الله العزيز الحكيم مكتوبا في زمرة الذاكرين ملطوفا به في الدارين وكل ذلك من سر أسماء الله الشريفة وللذكر طرق كما تقدم فذكر في الخلوة وذكر يكون خارج الخلوة وهو على قسمين مايذكر في وقت مخصوص وماليس له وقت مخصوص وتفصيل ذلك يأتي في التحفة التاسعة ان شاء الله تعالى : ولنرجع الى ذكر بقية الاستنطاق للمربعات فاعلم ان الحسن البصري رضي الله عنه تكلم على ذلك كلاما ماأخذه عن خزانة العلوم وكهف التقوى من ولد في حجر رسول الله (ص)ونشأ بين التحريم والتحليل ورباه جبريل وميكائيل االحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما وهو ان الوفق اذا كان مشحونا بأعداد ذو كمية جملة من اسماء الله تعالى أو عمل خير فتستنطق تلك الاعداد على توالي البيوت حروفا وتسقط مكررها وتثبت غير المكرر وتنظم من تلك الحروف اسماء من اسماء الله تعالى والمراد بالنظم أن ينظر في تلك الحروف وينظر في الاسماء فما كانت حروفه وجودة في تلك الحروف أثبت واستوعب تلك الحروف جميعها حين ينظم ففي الاسماء وأما من أخذ اشتقاق الحروف كالجلالة الشريفة من حرف الالف واسمه تعالى البارئ من الباء الى غير ذلك فأخذه الحسن ايضا عن محمد بن الحنيفة بن علي بن ابي طالب رضي الله عنه واما استنطاقه الحكماء فهو ماتقدم ولا التفات الى من يريد على الاحاد التي لايمكن استنطاقها دورا ثم تستنطق فان الادوار لاتزداد الا على قواعد في حساب مطالع الفلك لافي استنطاق الأوفاق وإنما ذكر ذلك بعض المتأخرين من حكماء الهند والرجوع في ذلك الى الحكماء الافاضل كأفلاطون وأرسطو طاليس وصاحب المنثور وسقراط من تابعهم فهم لايزيدون ولاينقصون لافي استنطاق المربعات ولافي استكعابالعناصر وغيرها مما يستكعب وإنما يزيدون لفظة أييل وهي عندهم للسر الأكبر إذ هي اسم الله تعالى كما تقدم وهي زيادة حسنة لأن بها يكمل أفعال الاقسام والأعمال الوفقية وغيرها كأنك تسأل الله سبحانه وتعالى ونضيف العبودية على الاملاك والربوبية اليه جل وعلا ولم ينقل عن أحد الحكماء المذكورين ولا عن من بعدهم أنهم زادوا حرفا ولا نقصوا حرفا بل يستنطقوا على القاعدة المذكورة ويضيفون الىذلك لفظة اييل ويثبتون ذلك حول الوفق كل في موضعه وهم متبعون في ذلك لأنهم لم يأخذوه الا عن هرمس عليه السلام هم أصول معتمدة في هذا الفن وغيره من فنون الحكمة فافهم وقس على ذلك جميع الاستنطاقات والمستكعبات وامعن النظر في كلامهم وتدبر اطلاقهم وتقييدهم ونفيهم وإثباتهم تدرك الحق في مقالتهم إن شاء الله تعالى والله يقول الحق وهويهدي السبيل .