1- إذا أردت أن تكون سعيداً فما عليك إلا أن تتمنى السعادة للآخرين:
هذه القاعدة يؤكدها العلماء اليوم، فقد وجدوا بنتيجة أبحاثهم أن السعادة لا
تتحقق بمجرد تحقيق رغبات الإنسان لنفسه، بل لابد أن يسعى في تحقيق رغبات غيره
بما يحبه الآخرون، وأن الذي يسعد الآخرين يكون أكثر سعادة من الذي يهتم بنفسه
فقط.
ويؤكد الباحثون على قاعدة ذهبية من أجل سعادة أكبر وعمر مديد، وهي أن تحب
الخير للآخرين! فقد وجدوا بعد سؤال العديد من الناس أن الإنسان الذي يتمنى
الخير لغيره هو أكثر سعادة من أولئك الذين تمنوا زوال النعمة عن غيرهم.
وقد لا نعجب عندما نعلم أن النبي الأعظم صلى الله عليه واله قد دعا إلى ذلك
قبل قرون طويلة بل اعتبر إيمان المؤمن لا يكتمل إلا بتحقيق هذه القاعدة،
عندما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
2- الرحمة تنشط نظام عمل الدماغ:
يؤكد العلماء الذين اهتموا بهذا البحث أن ممارسة رياضة "الرحمة" تفيد الدماغ
وتنشط خلاياه بل وتحدث تغييراً في عدد الخلايا وشكل الدماغ والعمليات التي
تتم فيه. وهذا يساعد على الشفاء من العديد من الأمراض، بمجرد أن تتعلم كيف
ترحم الآخرين!
أليس هذا بالضبط هو ما أمرنا به النبي الأعظم صلى الله عليه واله عندما قال: (من لا يرحم لا يُرحم)؟! فبقدر ما ترحم الآخرين
وتعطف عليهم وتعفو عنهم بقدر ما يرحمك الله ويذهب عنك من الأمراض والشر ما لا يعلمه أحد إلا الله.
3- تعلم "الرحمة" يفيد في تقوية العلاقات الاجتماعية ويجعلك أكثر انسجاماً مع
الآخرين:
أكدت الدراسة الجديدة التي أجريت مؤخراً أن ممارسة "الرحمة" تقوي النظام
المناعي لدى الإنسان. فقد وجدوا أن الإنسان الرحيم يتمتع بنظام مناعي قوي
ومقاومة أعلى للأمراض. فمن خلال إجراء التجربة على عدد كبير من المتبرعين
تبين أن الإنسان الرحيم والذي يحب الخير لغيره ويعطف عليهم، فإن نسبة إصابته
بالأمراض أقل من غيره.
وقد ربط العلماء هذه النتيجة بأبحاث أخرى تؤكد على ترابط السعادة مع طول
العمر مع الرحمة، فكان الإنسان الأكثر سعادة هو الأكثر رحمة للآخرين، وهو
الأكثر بعداً عن الأمراض وبخاصة أمراض القلب. وذلك لأن هذه الرحمة تجعلك أقرب
من مجتمعك وأكثر ترابطاً وانسجاماً معه، وبالتالي فإن هذا ينعكس على استقرار
عمل القلب.
وهذا ما نادى به نبي الرحمة عندما قال: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)
4- ممارسة "الرحمة" يعالج الكآبة:
في هذه الدراسة وجد الباحثون أن الناس الرحماء هم أكثر الناس بعداً عن
الاكتئاب والإحباط واليأس. ومن هنا ندرك أهمية قوله تعالى عن القرآن: (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ
لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ
اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا
يَجْمَعُونَ) [يونس: 57-58]. وانظروا كيف تكررت الرحمة مرتين، لتؤكد لنا أن
الذي يرضى بالقرآن شفاء فإن رحمة الله ستكون وسيلة لسعادته وفرحه، فلا يحزن
بعدها أبداً.
5- علماء الغرب: ينبغي علينا أن نعلم أطفالنا الرحمة:
بعد هذه التجارب دعا الباحثون إلى ضرورة أن نعلم الطفل الشفقة والرحمة
والعطف، وقالوا بأن هذه الأشياء من السهل تعلمها وسوف تعطي فوائد كبيرة
للمجتمع. ويقول الباحثون: إن تعليم الطفل الرحمة سيساهم بشكل كبير في تخفيف
الجريمة والعدوانية التي أصبحت مرضاً لا سبيل لعلاجه. وملخص هذا البحث كما
يقول الباحث ديفيدسون من جامعة Wisconsin-Madison إن هذه الوسيلة أي تعلم
الرحمة، مهمة جداً لعلاج الأطفال وبخاصة أولئك الذين هم على أبواب الانحراف.
يؤكد العلماء أن الرحمة ينبغي أن يتعلمها الإنسان منذ أن يكون طفلاً لتقيه شر
الانحرافات وسوف تساهم في بناء شخصية أكثر اعتدالاً، هذا ما وصلوا إليه بعد
معاناة ومرارة وتجارب طويلة، ولكن الإسلام وفر علينا عناء البحث وأعطانا
المعلومة جاهزة، ولكن للأسف نجد من يجحد ويستكبر ويعرض!
الرحمة هي أول صفة لله في كتابه
وربما ندرك بعد هذه الحقائق لماذا بدأ الله أول صفة له في كتابه باسمين هما
(الرحمن الرحيم)، حتى إننا لا نقرأ القرآن إلا ونبدأ بهذه الآية العظيمة ولا
نصلي ركعة إلا ونبدأ بها، ولا نأكل أو نشرب أو نفعل أي عمل إلا ونبدأ بـ (بسم
الله الرحمن الرحيم).
لتبقى الرحمة في أذهاننا ليل نهار، فتصبح جزءاً من حياتنا،
ووردت صفة الرحمة في القرآن في أكثر من مئة آية، وكل هذا ليعلمنا الله تعالى
"الرحمة" وليؤثر على نفوسنا بهذه التعاليم الرائعة.
ولذلك قال المؤرخون: لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من المسلمين!! فكانت الرحمة
تتجلى في معاملاتهم وفي أخلاقهم وفي فتوحاتهم وفي رفقهم بالحيوان وفي كل حركة
وفعل، والسبب يعود لتعاليم القرآن القوية. هذه التعاليم هي ما ينادي به الغرب
اليوم!