رؤيا الأنبياء صلوات الله عليهم أحد شيئين: إما بشارة أو إنذار.
ثم هي ضربان : أحدهما : أن يرى نبيا على حالته و هيئته فذلك دليل على صلاح صاحب الرؤيا و عزه و كمال جاهه و ظفره بمن عاداه و الثاني : يراه متغير الحال عابس الوجه فذلك يدل على سوء حاله و شدة مصبيته ثم يفرج الله عنه أخيرا فأن رأى كأنه قتل نبيا دل على انه يخون في الأمانة و ينقض العهد لقوله تعالى : ( فبما نقضهم ميثاقهم و كفرهم بآيات و كفرهم بآيات الله و قتلهم الأنبياء بغير حق ) سورة النساء 155
هذا على الجملة و أما التفصيل:
فأن رأى آدم عليه السلام:
على هيئته نال ولاية عظيمة أن كان أهلا لها. لقوله تعالى( إني جاعل في الأرض خليفة ) البقرة 30
فأن رأى أنه كلمه نال علما لقوله تعالى: ( و علم آدم الأسماء كلها ) البقرة 31
و قيل: إن رأى آدم اغتم بقول بعض أعدائه ثم فرج عنه بعد مدة. فأن رؤى
متغير اللون و الحال دل ذلك على انتقال من مكان إلى آخر ثم على العود إلى المكان الأول أخيرا
ومن رأى شيثا عليه السلام :
نال أموالا و أولادا و عيشة راضية
و من رأى إدريس عليه السلام:
أكرم بالورع و ختم له بخير
ومن رأى نوحا عليه السلام:
طال عمره و كثر بلاؤه ممن أعدائه ثم رزق الظفر بهم و أكثر شكر الله
لقوله تعالى: (إنه كان عبدا شكورا ) الإسراء 3
و تزوج امرأة دنية فولدت له أولادا.
و من رأى هودا عليه السلام و صالحا عليه السلام:
تسفه عليه أعداؤه و تسلطوا على ظلمه ثم رزق الظفر بهم .
و من رأى إبراهيم عليه السلام:
رزق الحج إن شاء الله و قيل : انه يصيبه أذى شديد من سلطان ظالم ثم ينصره الله
عليه و على أعدائه و يكثر الله له النعمة و يرزقه زوجة صالحة .
و قيل : إن رؤيا إبراهيم عليه السلام عقوق الأب
و من رأى إسحاق عليه السلام:
أصابه شدة في بعض الكبراء أو الأقرباء ثم يفرج الله عنه و يرزق عزا و شرفا و بشارة
و يكثر الملوك و الرؤساء و الصالحون من نسله هذا إذا رآه على جماله و كمال حاله
فأن رآه متغير الحال ذهب بصره نعوذ بالله .
و من رأى إسماعيل عليه السلام :
رزق السياسة و الفصاحة
وقيل : أنه يتخذ مسجدا أو يعين عليه قوله تعالى : ( و إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت و إسماعيل ) البقرة 127
و قيل : إن رآه أصابه جهد من جهة أبيه ثم يسهل الله ذلك عليه .
و من رأى يعقوب عليه السلام :
أصابه حزن عظيم من جهة بعض أولاده ثم يكشف الله تعالى ذلك عنه و يؤتيه محبوبة .
و من رأى يوسف عليه السلام:
فأنه يصيبه ظلم و حبس و جفاء من أقربائه و يرمى بالبهتان ثم يؤتى ملكا
و تخضع له الأعداء فقد قيل في التعبير: إن الأخ عدو و هذه دليل على كثرة صدقة صاحبها
لقوله تعالى: ( وتصدق علينا ) يوسف 88
و قد حكي إن إبراهيم بن عبدا لله الكرماني رأى يوسف عليه السلام كلمه فقال له
علمني مما علمك الله فكساه قميص نفسه فاستيقظ و هو احد المعبرين
و من رأى يونس عليه السلام:
فأنه يستعجل في أمر يورثه ذلك حبسا و ضيقا ثم ينجيه الله تعالى.
و هذه الرؤيا تدل صاحبها يسرع الغضب و الرضا و يكون بينه و بين قوم خائنين معاملة
و من رأى شعيباً عليه السلام :
مقشعرا فأنه يذهب بصره فأن رآه على غير تلك الحالة فأنه يبخسه
قوم حقه عليهم و يظلمونه ثم يقهرهم و ربما دلت هذه الرؤيا على أن صاحبها له بنات
من رأى موسى و هارون عليهم السلام :
أو أحدهما فأنه يهلك على يديه جبار ظالم و أن رآهما و هو قاصد حربا رزق الظفر
و من رأى أيوب عليه السلام :
ابتلي في نفسه و ماله و أهله وولده ثم يعوضه الله من كل ذلك
و يضاعف له لقوله تعالى ( ووهبنا له أهله و مثلهم معهم ) سورة ص 43
من رأى داود عليه السلام :
على حالته أصاب سلطانا و قوة و ملكا .
و من رأى سليمان عليه السلام:
: رزق الملك و العلم و الفقه فأن رآه ميتا على منبر أو سرير فأنه
يموت خليفة أو أمير أو رئيس لا يعلم إلا بعد مدة
و قيل : من رأى سليمان انقاد له الولي و العدو كثرت أسفاره
من رأى زكريا عليه السلام :
وفق للعفة التقوى و العصمة حتى يصير في ذلك واحد عصره .
و من رأى عيسى عليه السلام :
دلت رؤياه على أنه رجل نافع مبارك كثير الخير كثير السفر و يكرم
بعلم الطب و بغير ذلك من العلوم و قيل أن رأت امرأة
عيسى بن مريم عليه السلام و هي حامل ولدت ابنا حكميا
و من رأى مريم بنت عمران :
فأنه ينال جاها و رتبة من الناس و يظفر بجميع حوائجه و أن رأت امرأة
هذه الرؤيا و هي حامل و ولدت أيضا ابنا حكميا و أن أفترى عليها برئت
من ذلك و أظهر الله براءتها و من رأى أنه يسجد لمريم فأنه يكلم الملك و يجلس معه .
ومن رأى دانيال الحكيم رزق حظا وافرا و علم الرؤيا و ظفر بجبار بعد أن تصبيه منه شدة
و قيل : أنه يصير أميرا
و من رأى الخضر عليه السلام :
دل على ظهور الخصب و السعة بعد الجدوبة و الأمن بعد الخوف
و قال بعضهم : من رأى كأن بعض الأنبياء ضربه نال مناه في الدنيا دينا و دنيا
و من رأى كأنه بنفسه تحول نبيا معروفا نالته الشدائد بقدر مرتبة ذلك النبي في البلاء
و يكون آخر أمره الظفر و يصير داعيا إلى الله سبحانه و تعالى