كلُّ مسلم مُطالَبٌ بكتابة وصيَّته دون تأخير . فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : ما حقُّ امرئ مسلم له شيءٌ يُوصي فيه ، يَبيتُ ليلتين إلاّ ووصيَّته مكتوبة عنده . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 3 - ص 1005 - رقم الحديث 2587) .
والوصيَّة لا تحتوي على تفصيل بالأموال والدُّيون فقط ، كما قد يتبادر إلى الذّهن ، وإنّما تتضمَّن عدّة أمور أخرى .
وهذا نموذج لِما يمكن أن تحتويه الوصيَّة :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
فإنّي أنا ... (الاسم الثّلاثي)، الممضي في آخر الوصيَّة، أشهد بأنّي قد كتبتُها مختارًا وأنا بكامل صحَّتي العقليَّة . وهي لأهل بيتي وأحبّائي ، تبرئة لذمّتي من كلّ قول أو فعل يُخالف شرعَ الله ، فأرجو أن يلتزموا بما فيها .
وصيَّتي العامّة :
1- أُشهِدُكم أنّي مسلم ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا رسول الله ، وأنّ السّاعة آتية لا ريب فيها وأنّ الله يبعث مَن في القبور ، وأنّ الجنّة حقّ والنّار حقّ .
2- أُوصيكم بتقوى الله ، والعيش للإسلام وبالإسلام ، والمحافظة على أركان الإسلام والالتزام بتشريعاته وأحكامه .
3- أُوصيكم بتلقيني الشّهادة عند احتضاري ، وبالصّبر والرّضا عند موتي ، وتغميض عينيّ . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه، أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال : لَقّنُوا مَوتَاكُم : لا إله إلاّ الله . (صحيح مسلم - الجزء 2 - ص 631 - رقم الحديث 917) .
4- أُوصيكم بالمسارعة في إعلام الأهل والأحباب ، والمسارعة بتجهيزي وتغسيلي ، والصّلاة عليّ في المسجد ودفني . لا تنتظروا حتّى يصل فلان أو فلان من السّفر .
5- أُوصيكم بأن يُغَسّلَني مَن لديه معرفة من أهل الثّقة والأمانة .
6- أُوصي مَن يَسير في جنازتي بالصّمت التّامّ وكأنّ على رأسه الطّير ، أو يقول في نفسه : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، اللّهمّ أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها .
ولا ينبغي أن تسير النّساء في جنازتي ، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ عطيّة رضي الله عنها أنّها قالتْ : نُهِينَا عن اتّباع الجنائز ، ولم يعزم علينا . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 1 - ص 429 - رقم الحديث 1219) .
7- أُوصي مَن يُنزِلُني في قبري أن يقول : بسم الله ، وعلى مِلَّة رسول الله . فقد روى الحاكم في مستدركه عن ابن عمر رضي الله عنه ، أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال : إذا وَضَعتُم مَوتاكُم في قُبُورهم ، فقولُوا : بسم الله ، وعلى مِلَّة رسول الله . (المستدرك على الصّحيحين - الجزء 1 - ص 520 - رقم الحديث 1353) .
ثمّ اجعلوني في القبر على جنبي الأيمن ، ووجهي إلى القبلة ، وخدّي على التّراب ، وخلف ظهري ما يَسنده من تراب .
8- لا تنصرفُوا مباشرة بعد دفني ، وإنّما انتظرُوا قليلا واستغفِروا لي ، وسَلُوا اللهَ أن يُثبّتَني عند السّؤال في القبر وألِحُّوا في ذلك . فقد روى أبو داود في سُنَنه عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، أنّه قال : كان النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إذا فرغَ من دَفْن الميّت ، وقفَ عليه فقال : اسْتَغْفِرُوا لأخيكُم وسَلُوا له التَّثبيت ، فإنّه الآن يُسْأل . (سنن أبي داود - الجزء 3 - ص 215 - رقم الحديث 3221) .
9- لا تُقيمُوا مكانًا ، لا في البيت ولا في غيره ، لا قبل الدّفن ولا بعده ، لقراءة القرآن عليَّ . فلَم يَرِدْ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو الصّحابة أو التّابعين أنّهم كانُوا يفعلُون ذلك .
أمّا ما رواه ابن حبّان في صحيحه عن معقل بن يسار رضي الله عنه ، أنّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : واقرَؤُوا على موتاكم يس (صحيح ابن حبّان - الجزء 7 - ص 269 - رقم الحديث 3002) ، فقد قال ابن حبّان بعد ذكر الحديث : أراد به مَن حَضَرتْهُ المنيَّة (أي عند الاحتضار) ، لا أنّ الميّتَ يُقرَأُ عليه . وكذلك قولُه صلّى الله عليه وسلّم : لَقّنُوا مَوتاكُم : لا إله إلاّ الله ، (أي عند الاحتضار) .
10- يُمنَعُ منعًا باتّا الاجتماع : بعد الدّفن ، ويوم الخميس ، وفي الأربعين . فكلّ ذلك بدعة ، والعزاءُ شرعًا ينتهي بتشييع الجنازة .
11- لا تبكُوا علَيَّ بصوت ولا تنوحُوا ولا تَضربُوا الخدود ولا تُعدّدوا محاسني .
12- أوصي أبنائي وبناتي ألاّ يزيد الحداد عليّ أكثر من ثلاثة أيّام . وأُوصي زوجتي أن تَحُدّ عليّ أربعة أشهر وعشرًا ، لا تلبس فيها الحرير ولا الملوّن ، ولا تكتحل ولا تتعطّر ولا تتزيّن .
13- أُوصي أولادي وأحبّائي بزيارة قبري والدّعاء والاستغفار لي ، والاعتبار والاتّعاظ بالموت . كما أُوصيهم بالدّعاء لي في كلّ وقت .
14- أُعْلمكم بأنّي قد سامحتُ كلّ إنسان عليه حقّ لي ، وأرجو أن يُسامحني مَن له حقّ عليّ .
15- أُوصيكم بتقسيم الميراث بحسب شرع الله .
16- أُوصيكم بتوزيع نُسَخ من هذه الوصيّة العامّة على الحاضرين للجنازة ، لِيقرؤوها ويُنفّذُوا ما فيها .
أستودعكم اللهَ الذي لا تضيع ودائعُه .
وصيّتي الخاصّة لأهل بيتي :
1- أُوصيكم في تقسيم الميراث ، بالالتزام بالأولويّات الشّرعيّة كما يلي :
- تبدأون بنفقات التّجهيز والتّكفين والدّفن .
- ثمّ تُسدّدون ديُوني التي سيرد ذكرها .
- ثمّ تَصرفون المبلغ التّالي ... لفائدة ... (العائلة الفلانيّة أو المسجد الفلاني أو المستشفى الفلاني) .
فالشّرعُ يُعطي الحقّ للمُوصِي أن يُوصي لِمَن يشاء ، في حدود ثُلث التّركة ، لا يتعدّاها . ومصاريف الدّفن وسداد الدّيون تُؤخذ من هذا الثُّلث .
- بعد ذلك ، يُقسَّم ما تبقَّى حسب الأنصبة الشّرعيّة .
2- أعلمكم بأنّي قد اخترتُ بالأولويّة ، لِيكون قيّمًا على التّركة، من وقت وفاتي إلى حين تمام قسمتها : ... (زوجتي مثلاً) ، فإن تعذّر لها ذلك بموتٍ أو مرض ، فابني فلان ، فإن تعذّر له ، ففلان .
3- أوصيكم بالمبادرة بقضاء دُيُوني على النّحو التّالي :
- إنّي مَدين للسّيّد (أو السّيّدة) : ...
العنوان : ...
بمبلغ قدره : ...
وذلك بسبب : ....
وإلى السّيّد (أو السّيّدة) : ...
4- أُوصيكم بعدم التّقصير في سداد ما علَيَّ من ديون . فقد روى التّرمذي في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : نَفْسُ المؤمن مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِه حتّى يُقْضَى عنه (أي يُؤَدّيه أحدُ أقاربه أو أحد المحسنين عنه) . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي - الجزء 3 - ص 389 - رقم الحديث 1079) .
هذه إذًا وصيّتي إليكم ، وأنا بريء من كلّ فعْل أو قول يُخالف شرع الله وسُنّة نبيّه .
أستودعكم اللهَ الذي لا تضيع ودائعه ..
وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله .
الاسم : ...
المكان والتّاريخ : ...
التّوقيع : ...
بعد كتابة وصيّتك ، أَعْطِها لأفراد عائلتك المعنيّين بها ، لكي يقرأوها ويعرفُوا ما يجبُ عليهم فعله عند الحاجة لذلك .