تفسير ذبح سيدنا إبراهيم لأبنه إسماعيل
يقولُ الله تعالى في القرءان العظيم:
{سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الصافات].
إن نبي الله إبراهيم عليه السلام ءاتاه الله الحجة على قومه وجعله نبيّا رسولا فكان عارفاً بالله يعبد الله تعالى وحدهُ ويؤمنُ ويعتقدُ أن الله خالقُ كُل شىء وهو الذي يستحقّ العبادة وحدهُ من غير شك ولا ريبٍ.
ثم إنه ذات يوم طلب من ربه أن يرزقه أولادًا صالحين قال فيما أخبر الله به في القرءان:
{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} فرزقهُ الله تعالى إسماعيل وإسحاق.
ولما كَبِرَ إسماعيلُ وصار يُرافقُ أباهُ ويمشي معه رأى ذات ليلةِ سيّدنا إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل.
قال تعالى إخبارًا عن إبراهيم: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} الآية [سورة الصافات].
ورُؤيا الأنبياءِ وحيٌ فأخبر بذلك ولده فقال لولده كما جاء في القرءان:
{فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} الآية [سورة الصافات]
لم يقصدْ إبراهيم أن يُشاور ولده في تنفيذ أمر الله ولا كان متُردّدًا إنما أراد أن يعرفَ مافي نفسيّة ولده تُجاهَ أمر الله.
فجاء جوابُ إسماعيل جَوابَ الوَلَدِ المحِبّ لله أكثَر منْ حُبهِ للحياةِ فقال:
{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [سورة الصافات]
وأما قوله: {إِن شَاء اللَّهُ} لأنه لا حركة ولا سكون إلابمشيئةِ الله تكونُ.
أخذ إبراهيم النبّيُ ابنه إسماعيل وابتعدَ بِه حتّى لا تشعُرَ الأمُ وأضجعهُ على جبينْهِ قال تعالى:
{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [سورة الصافات]
فقال إسماعيلُ: يا أبَتِ اشدُدْ رباطي حتى لا أضطربَ واكْفُفْ عني ثوبكَ حتى لا يتلطخ من دميْ فتراهُ أمي فتحزن،
وأسرع مَرّ السكّين على حلقي ليكون أهون للموت عليّ.فإذا أتيتَ أمّيَ فاقرأ عليها السّلام مني.
فأقبل عليه إبراهيم يقبّلُهُ ويبكي ويقول نِعْمَ العونُ أنت يابنيّ على أمر الله.
فأمرّ السكين على حلقه فلم يحْك شيئاًوقيل انقلبت. فقال له إسماعيل ما لك؟
قال انقلبت فقال لهُ أطعن بها طعنا فلماّطعن بها نبت ولم تقطع شيئاً وذلك لأنّ الله هو خالقُ كلّ شىءٍ
وهو الذي يخلقُ القطع بالسكين متى شاء.
وقد عَلِمَ الله تعالى بعلمِه الأزليّ الذي لا يزيدُ ولا ينقصُ ولا يتجدد الصدقَ في تسليمهما ونودى يا إبراهيم قد صدّقت الرّؤيا
هذا فداء ابنك فنظر إبراهيم فإذا جبريلُ معهُ كبشٌ من الجنة. قال تعالى:
{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.
أي أن الله تعالى خلّص إسماعيل من الذّبح بأن جعل فداء له كبشًا أقرن عظيم الحجمِ والبركةِ