الذكر: ضد الغفلة والنسيان ، والغفلة : ترك الذكر عمداً ، وأما النسيان : فتركه عن غير عمد .
ولذا فالغفلة مذكورة في القرآن الكريم في معرض النهي والتحذير كما في قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَتَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّوَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف:20]
وكقوله جل وعلا : (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ( الكهف/28 )
وكقوله جل وعلا : (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ( الكهف/28 )
والذكر يشمل معنيين :
الأول : بمعنى التذكر واستحضار الشيء في الذهن كقولك ذكرت حادثة كذا وكذا إذا استحضرتها في ذهنك ، ومرت دقائقها بمخيلتك ، وهذا المعنى ضد النسيان ، ومنه قوله تعالى
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ( آل عمران/135)
فأصل الذكر : التنبه بالقلب للمذكور والتيقظ له ومنه قوله تعالى :
{َ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ِ} [ البقرة/40]
أي تذكروها [ المفهم7/6 ] .
والثاني: هو النطق باللسان ، وهو استعمال غالب ، فإذا قلت : فلان يواظب على الأذكار ، أي يتلفظ بها ومنه قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} ( الأحزاب/41 )
والذكر عندنا هنا يشتمل على المعنيين ، فالذكر بمعنى التذكر مقصود به تذكر الله واستحضار عظمته وخشيته ، ومراقبته ونعمته حتى يكون القلب له معظماً ، ومنه خائفاً وله مراقباً، ولنعمته شاكراً .
وكذلك الذكر اللساني إذ هو ثمرة ذلك ، وشاهد عليه ، ومترجم عنه ، فمن عظّم الله في قلبه سبّح وهلّل وكبّر بلسانه ، ومن خافه تضرع ودعا " وسمي القول باللسان ذكراً ؛ لأنه دلالة على الذكر القلبي ، غير أنه قد كثر اسم الذكر على القول اللساني حتى صار هو السابق إلى الفهم " [ المفهم7/6 ] .
وذكر الله هو أعظم ما فتق عنه لسان وتدبره جنان .
ولا بد من اجتماع اللسانوالجنان حتى يؤتي الذكر ثماره ويُحَقِّقُ آثاره .
فقد وصف الله تعالىأولي الألباب بأنهمالَّذِينَيَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْوَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَاخَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[ آل عمران /191 ]
فهم جمعوا بين ذكر الله تعالى في كل أحوالهم ودعائه، والتفكر في خلق السماوات والأرض .