الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

دموع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

مملكة الصلاة على الحبيب محمد (ص)

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله – صلى الله عليه

    وسلم – ، حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ، فتهتزّ لأجلها مشاعره ،

    وتفيض منها عيناه ، ويخفق معها فؤاده الطاهر .

    ودموع النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن سببها الحزن والألم فحسب

    ، ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة على الآخرين ، والشوق

    والمحبّة ، وفوق ذلك كلّه : الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .

    فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي – صلى الله عليه وسلم - شاهدةً

    بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ، وهيبته من جلاله ، عندما كان يقف بين يديهي

    ناجيه ويبكي ، ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول : " رأيت رسول الله

    صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء – وهو

    الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليانه - " رواه النسائي .

    وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفاً آخر فتقول : " قام رسول

    الله – صلى الله عليه وسلم - ليلةً من الليالي فقال : ( يا عائشة ذريني أتعبد

    لربي ) ، فتطهّر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ، ثم بكى فلم يزل

    يبكي حتى بلّ لحيته ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ، وجاء بلال

    رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ، تبكي وقد

    غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال له : ( أفلا أكون عبداً

    شكوراً ) رواه ابن حبّان

    وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه إذا سمع القرآن ، روى لنا ذلك

    عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : " قال لي النبي - صلى الله عليه

    وسلم - : ( اقرأ عليّ ) ، قلت : يا رسول الله ، أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ،

    فقال : ( نعم ) ، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية :

    (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)

    ( النساء : 41 ) فقال : ( حسبك الآن ) ، فالتفتّ إليه ، فإذا عيناه تذرفان " ، رواه البخاري .

    كما بكى النبي – صلى الله عليه وسلم – اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ،

    فعن البراء بن عازب ضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله - صلى الله

    عليه وسلم - في جنازة ، فجلس على شفير القبر – أي طرفه - ، فبكى حتى

    بلّ الثرى ، ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا ) رواه ابن ماجة ، وإنما

    كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور

    وشدّتها ، ولذلك قال في موضعٍ آخر : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ،

    ولبكيتم كثيراً ) متفق عليه

    وبكى النبي – صلى الله عليه وسلم – رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب

    الله ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، يوم قرأ قول الله عز

    وجل : { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (

    المائدة : 118 ) ، ثم رفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى .

    وفي غزوة بدر دمعت عينه - صلى الله عليه وسلم – خوفاً من أن يكون ذلك

    اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم على يد أعدائهم ، كما جاء عن

    علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : " ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا

    رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح )

    رواه أحمد .

    ولم تخلُ حياته – صلى الله عليه وسلم – من فراق قريبٍ أو حبيب ، كمثل

    أمه آمنة بنت وهب ، وزوجته خديجة رضي الله عنها ، وعمّه حمزة بن

    عبدالمطلب رضي الله عنه ، وولده إبراهيم عليه السلام ، أوفراق غيرهم

    من أصحابه ، فكانت عبراته شاهدة على مدى حزنه ولوعة قلبه .

    فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم – بكى وقال : ( إن

    العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا

    إبراهيم لمحزونون ) متفق عليه.

    ولما أراد النبي – صلى الله عليه وسلم - زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً

    حتى أبكى من حوله ، ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ) رواه

    مسلم .

    ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره أن صبياً لها يوشك أن يموت ، لم يكن

    موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر أو تقدّم العزاء ، ولكنها مشاعر إنسانية

    حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ، خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها

    النبي – صلى الله عليه وسلم - الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكان جوابه

    عن سرّ بكائه : ( هذه رحمة جعلها الله ، وإنما يرحم الله من عباده

    الرحماء ) رواه مسلم .

    ويذكر أنس رضي الله عنه نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد وجعفر

    وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه يوم مؤتة ، حيث قال عليه الصلاة

    والسلام : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن

    رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله )

    رواه البخاري .

    ومن تلك المواقف النبوية نفهم أن البكاء ليس بالضرورة أن يكون مظهراً

    من مظاهر النقص ، ولا دليلاً على الضعف ، بل قد يكون علامةً على صدق

    الإحساس ويقظة القلب وقوّة العاطفة ، بشرط أن يكون هذا البكاء منضبطاً

    بالصبر ، وغير مصحوبٍ بالنياحة ، أو قول ما لا يرضاه الله تعالى .
    مواضيع ذات صلة

    #2
    ماشاء الله عن الموضوع الجميل شكرا لكي يا اختي
    تعليق

      #3
      كل الشكر لكـِ اختى جمانه ولهذا المرور الجميل

      الله يعطيكـِ العافيه يارب
      خالص مودتى لكـِ
      تعليق
      يتصفح هذا الموضوع الآن
      تقليص

      المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

      يعمل...
      X