السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا ترفع السقف يا شيخنا .. فإن الواقع " عجيب"
د. ديمة طارق طهطوب, عن السبيل الاردنية
على اختلاف قرب أو بعد الكثيرين من الدين والتدين إلاّ أنّ الشيخ الدكتور عائض القرني نفذ بكتاباته إلى جميع الأطياف، فاقترب من المتدينيين وغير المتدينيين، والمؤمنين والمشككين، وأهل الزهد وأهل الدنيا، وأهل الهوى وأصحاب القلوب الحية، وقدّم في كتابه "لا تحزن"، الذي تُرجم إلى لغات عالمية وطبع منه آلاف النسخ، وصفات ونصائح واقعية للتعامل مع الحزن وتوابعه من هم وغم وخوف وقلق وقد أصبحت قرائن للإنسان في حياتنا المعاصرة التي تكتنفها الضغوط من جميع الجهات.
وقد تلقّيت رسالته الأخيرة التي كتبها عن الحياة الزوجية والتعامل مع الزوجة بكثير من الإكبار لشخصه وتجربته، ولكن بعدم قناعة بواقعيتها وإمكانية تعميمها حتى في حياة من يسمون أنفسهم "المتدينيين" من الأزواج!
يقول الدكتور القرني واصفا حياته الزوجية مستنكرا أن يكون الحال غير ذلك عند بعض الأزواج:
قبل أن أنام بلحظات وأنا على الفراش قبل كم ليلة التفت إلى زوجتي وتأملت شكلها وهي نائمة فقلت في نفسي..
المسكينة بعد أن عاشت بين أبويها وأهلها سنين جاءت لتنام بجانب رجل غريب عنها، وتركت بيت الوالدين وتركت الدلع على الوالدين وتركت التمتع في بيت أهلها وجاءت إلى رجل يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر وتخدمه في ما يرضي الله وكل ذلك بأمر الدين..
سبحان الله..
ومن ثم تساءلت بيني وبين نفسي:
كيف هان على بعض الرجال أن يضربوا زوجاتهم بكل قسوة بعد أن تركت بيت أهلها وأتت إليه؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يخرج مع الصحبة ويذهب إلى المطاعم ويأكل ولا يبالي بمن في بيته؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يجعل مدة جلوسه خارج البيت أكثر من جلوسه مع زوجته وأبنائه؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يجعل البيت سجنا لزوجته لا يخرجها ولا يأتنس معها؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يجعل زوجته تنام وفي قلبها قهر على شيء ما وفي عينها دمعة تخنقها؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يسافر ويترك زوجته وأولاده ولا يبالي بمصيرهم في مدة غيابه؟!
كيف هان على بعض الرجال أن ينام مع امرأة غريبة وزوجته الطاهرة في البيت تنتظره؟!
كيف هان على بعض الرجال التخلّي عن مسؤوليته التي سيسأل عنها كما أخبرنا الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يرى زوجته تعمل وتصرف عليه وهو في البيت يأكل ويشرب بدون مبالاة؟!
ومع أنّ قامة شيخنا الفاضل لا تُطاول علما ولا فهما ولا أدبا إلاّ أنّي أرى أنّ هناك صورة أخرى تقابل صورته الوردية، صورة أكثر انتشارا وأكثر عموما ينام فيها الزوج وزوجته ما زالت مستيقظة تعمل على ترتيب البيت وطبخ الطعام وتحضير ملابس وحاجيات المدرسة للأولاد لأنّها ستخرج في الصباح الباكر إلى العمل لتساعد في مصاريف البيت، وعندما تأوي منهكة إلى الفراش ستجد وسادة باردة لتحضنها وزوجها قد أدار لها ظهره واستغرق في سبات عميق وشخير يسمع الجيران، إلاّ أنّها ألفته مع السنين وصار الأهزوجة التي تنام عليها، فالمحبة في قلبها تٌنسي صوت الشخير، ألم يقل أخوتنا المصريون "اللي بيحبك يبلعلك الزلط واللي يكرهك يوقفلك على الغلط".
الزوجة التي فارقت بيت والدها الحنون التي هي به معجبة، فارقته على أمل ودعاء أنّ هذا الرجل الذي أسميته غريبا سيكون لها أقرب من نفسها التي بين جنبيها، فقد عقد عليها باسم الله وسنة رسوله والعقود العظيمة لا يصلح لها إلاّ الوفاء العظيم، هذا الذي ظنّته قريبا كان قريبا ليومين أو شهر أو سنة، فلما جاء الأولاد وزادت الأعباء أصبح الحديث بينهما مقتصرا على افعل ولا تفعل، وأريد ولا أريد، وهات وخذ، ومشاجرات وقطيعة تستمر فوق ثلاثة أيام، وأصبح الأزواج يساكنون بعضهم في المنزل كالغرباء لا يجمع بينهما سوى عقد وأولاد، أمّا العقد الرباني بشروط المودة والرحمة فبنوده لا تطبق، ولو سألت الزوجة متى سمعت كلمة حب أو شكر أو ثناء من زوجها فلن تذكر!!! إنّها يا شيخنا حالة "الخرس الزوجي" عندما تتوقف المشاعر والقلوب والعيون عن الكلام ويحلّ محلّها الصوت العالي والأمر والنهي.
أستسمحك عذرا يا شيخنا إذا كنت أراك محلّقا وأنت تتساءل كيف هان على الزوج أن يضرب زوجته ومنهم من يحرّف باستخدام آيات الله سيفا مسلطا على رقبة الزوجة وهو يستشهد صباح مساء بقوله تعالى "واضربوهن"، ويراه حقا واجب الاستعمال بين الحين والآخر حتى تعرف المرأة من هو رجل البيت!
أرانا وإياك حالمين برومانسية ورفق وعطف لم تعد موجودة سوى في صفحات السيرة يوم دافع سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم عن السيدة عائشة أمام والدها الذي همّ بضربها غضبا للمصطفى، ولكن عائشة الزوجة تعرف من هو محمد الزوج، وتعرف أنّه الخيمة عند اشتداد الخطب، والسكن عند الفزع فتحتمي به عليه السلام هربا من أبيها على عكس ما يحدث لنساء اليوم اللواتي يهربن من جحيم الزوج إلى أب أنهكه العمر والمرض ولم يعد قادرا على الدفاع عن ابنته التي استودعها أمانة عند ذلك الزوج، ويخاف عليها إن أبقاها عنده من تصرفات الليالي والأيام.
أمّا الصحبة فمن من الرجال يرى في زوجته صديقة أو رفيقة يحادثها وتحادثه، يناقشها وتناقشه، يشتاق لها ويطمئن عليها؟! الزوجة عند أغلب الرجال قضاء للوطر وإقامة لحال البيت وتربية للولد، أمّا ما يهمه من أمور الحياة فلا مجال لنقاشها معها وهو يظن أنّ كل اهتماماتها محصورة في كتب الطبخ والتجميل والتنظيف، وحتى رأيها لا يثق به و يمشي بقول العامة "شاوروهن وخالفوهن".
أمّا الزوجة الطاهرة يا سيدي فلها مدة صلاحية فحتى لو لم يلجأ للحرام، فله أن يعدد، فعمره كرجل لا يزيد بل يسوّل له المجتمع أنّ حاجاته تتوقّد في الأربعين وما بعدها، بينما المرأة تكبر وتيأس ولا تستطيع أن تجاري فنون الحب كالشباب، فلا بأس من الزواج بأخرى أصغر عمرا وأكثر حيوية، وللزوجة الأولى حق النفقة والمبيت بظهر مقلوب إلى الناحية الأخرى كما وصفت سابقا!! هذا هو الوفاء الذي يبقى والمجتمع يشكر له لأنّه أبقى عليها و لم يطلّقها!! هذا هو الوفاء الذي يبقى، جيب يموّل وطلّة إثبات وجود بين يوم وآخر!! هذا هو العدل الذي يفهمه ويمارسه للأسف معظم المتدينيين فيشوّهون الدين والزواج والتعدد!!
لا ترفع السقف يا شيخنا، فالقاعدة و البناء البشري غير متين، و من يفرط أكثر ممن يطبق ويصون، غير إنّ سقوفنا للأسف مرفوعة من قبل ترنو بحسرة إلى رجال كمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يسع الغيور ويحترم الكبيرة ويلاعب الصغيرة ويرضي خاطر المغضبة ويحفظ ودّ المتوفاة..
ونبقى على أمل أن يعود الزمان الجميل برجال يستوصون بالقوارير خيرا.
موضوع اعجبني
ام سراااج
لا ترفع السقف يا شيخنا .. فإن الواقع " عجيب"
د. ديمة طارق طهطوب, عن السبيل الاردنية
على اختلاف قرب أو بعد الكثيرين من الدين والتدين إلاّ أنّ الشيخ الدكتور عائض القرني نفذ بكتاباته إلى جميع الأطياف، فاقترب من المتدينيين وغير المتدينيين، والمؤمنين والمشككين، وأهل الزهد وأهل الدنيا، وأهل الهوى وأصحاب القلوب الحية، وقدّم في كتابه "لا تحزن"، الذي تُرجم إلى لغات عالمية وطبع منه آلاف النسخ، وصفات ونصائح واقعية للتعامل مع الحزن وتوابعه من هم وغم وخوف وقلق وقد أصبحت قرائن للإنسان في حياتنا المعاصرة التي تكتنفها الضغوط من جميع الجهات.
وقد تلقّيت رسالته الأخيرة التي كتبها عن الحياة الزوجية والتعامل مع الزوجة بكثير من الإكبار لشخصه وتجربته، ولكن بعدم قناعة بواقعيتها وإمكانية تعميمها حتى في حياة من يسمون أنفسهم "المتدينيين" من الأزواج!
يقول الدكتور القرني واصفا حياته الزوجية مستنكرا أن يكون الحال غير ذلك عند بعض الأزواج:
قبل أن أنام بلحظات وأنا على الفراش قبل كم ليلة التفت إلى زوجتي وتأملت شكلها وهي نائمة فقلت في نفسي..
المسكينة بعد أن عاشت بين أبويها وأهلها سنين جاءت لتنام بجانب رجل غريب عنها، وتركت بيت الوالدين وتركت الدلع على الوالدين وتركت التمتع في بيت أهلها وجاءت إلى رجل يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر وتخدمه في ما يرضي الله وكل ذلك بأمر الدين..
سبحان الله..
ومن ثم تساءلت بيني وبين نفسي:
كيف هان على بعض الرجال أن يضربوا زوجاتهم بكل قسوة بعد أن تركت بيت أهلها وأتت إليه؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يخرج مع الصحبة ويذهب إلى المطاعم ويأكل ولا يبالي بمن في بيته؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يجعل مدة جلوسه خارج البيت أكثر من جلوسه مع زوجته وأبنائه؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يجعل البيت سجنا لزوجته لا يخرجها ولا يأتنس معها؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يجعل زوجته تنام وفي قلبها قهر على شيء ما وفي عينها دمعة تخنقها؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يسافر ويترك زوجته وأولاده ولا يبالي بمصيرهم في مدة غيابه؟!
كيف هان على بعض الرجال أن ينام مع امرأة غريبة وزوجته الطاهرة في البيت تنتظره؟!
كيف هان على بعض الرجال التخلّي عن مسؤوليته التي سيسأل عنها كما أخبرنا الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟!
كيف هان على بعض الرجال أن يرى زوجته تعمل وتصرف عليه وهو في البيت يأكل ويشرب بدون مبالاة؟!
ومع أنّ قامة شيخنا الفاضل لا تُطاول علما ولا فهما ولا أدبا إلاّ أنّي أرى أنّ هناك صورة أخرى تقابل صورته الوردية، صورة أكثر انتشارا وأكثر عموما ينام فيها الزوج وزوجته ما زالت مستيقظة تعمل على ترتيب البيت وطبخ الطعام وتحضير ملابس وحاجيات المدرسة للأولاد لأنّها ستخرج في الصباح الباكر إلى العمل لتساعد في مصاريف البيت، وعندما تأوي منهكة إلى الفراش ستجد وسادة باردة لتحضنها وزوجها قد أدار لها ظهره واستغرق في سبات عميق وشخير يسمع الجيران، إلاّ أنّها ألفته مع السنين وصار الأهزوجة التي تنام عليها، فالمحبة في قلبها تٌنسي صوت الشخير، ألم يقل أخوتنا المصريون "اللي بيحبك يبلعلك الزلط واللي يكرهك يوقفلك على الغلط".
الزوجة التي فارقت بيت والدها الحنون التي هي به معجبة، فارقته على أمل ودعاء أنّ هذا الرجل الذي أسميته غريبا سيكون لها أقرب من نفسها التي بين جنبيها، فقد عقد عليها باسم الله وسنة رسوله والعقود العظيمة لا يصلح لها إلاّ الوفاء العظيم، هذا الذي ظنّته قريبا كان قريبا ليومين أو شهر أو سنة، فلما جاء الأولاد وزادت الأعباء أصبح الحديث بينهما مقتصرا على افعل ولا تفعل، وأريد ولا أريد، وهات وخذ، ومشاجرات وقطيعة تستمر فوق ثلاثة أيام، وأصبح الأزواج يساكنون بعضهم في المنزل كالغرباء لا يجمع بينهما سوى عقد وأولاد، أمّا العقد الرباني بشروط المودة والرحمة فبنوده لا تطبق، ولو سألت الزوجة متى سمعت كلمة حب أو شكر أو ثناء من زوجها فلن تذكر!!! إنّها يا شيخنا حالة "الخرس الزوجي" عندما تتوقف المشاعر والقلوب والعيون عن الكلام ويحلّ محلّها الصوت العالي والأمر والنهي.
أستسمحك عذرا يا شيخنا إذا كنت أراك محلّقا وأنت تتساءل كيف هان على الزوج أن يضرب زوجته ومنهم من يحرّف باستخدام آيات الله سيفا مسلطا على رقبة الزوجة وهو يستشهد صباح مساء بقوله تعالى "واضربوهن"، ويراه حقا واجب الاستعمال بين الحين والآخر حتى تعرف المرأة من هو رجل البيت!
أرانا وإياك حالمين برومانسية ورفق وعطف لم تعد موجودة سوى في صفحات السيرة يوم دافع سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم عن السيدة عائشة أمام والدها الذي همّ بضربها غضبا للمصطفى، ولكن عائشة الزوجة تعرف من هو محمد الزوج، وتعرف أنّه الخيمة عند اشتداد الخطب، والسكن عند الفزع فتحتمي به عليه السلام هربا من أبيها على عكس ما يحدث لنساء اليوم اللواتي يهربن من جحيم الزوج إلى أب أنهكه العمر والمرض ولم يعد قادرا على الدفاع عن ابنته التي استودعها أمانة عند ذلك الزوج، ويخاف عليها إن أبقاها عنده من تصرفات الليالي والأيام.
أمّا الصحبة فمن من الرجال يرى في زوجته صديقة أو رفيقة يحادثها وتحادثه، يناقشها وتناقشه، يشتاق لها ويطمئن عليها؟! الزوجة عند أغلب الرجال قضاء للوطر وإقامة لحال البيت وتربية للولد، أمّا ما يهمه من أمور الحياة فلا مجال لنقاشها معها وهو يظن أنّ كل اهتماماتها محصورة في كتب الطبخ والتجميل والتنظيف، وحتى رأيها لا يثق به و يمشي بقول العامة "شاوروهن وخالفوهن".
أمّا الزوجة الطاهرة يا سيدي فلها مدة صلاحية فحتى لو لم يلجأ للحرام، فله أن يعدد، فعمره كرجل لا يزيد بل يسوّل له المجتمع أنّ حاجاته تتوقّد في الأربعين وما بعدها، بينما المرأة تكبر وتيأس ولا تستطيع أن تجاري فنون الحب كالشباب، فلا بأس من الزواج بأخرى أصغر عمرا وأكثر حيوية، وللزوجة الأولى حق النفقة والمبيت بظهر مقلوب إلى الناحية الأخرى كما وصفت سابقا!! هذا هو الوفاء الذي يبقى والمجتمع يشكر له لأنّه أبقى عليها و لم يطلّقها!! هذا هو الوفاء الذي يبقى، جيب يموّل وطلّة إثبات وجود بين يوم وآخر!! هذا هو العدل الذي يفهمه ويمارسه للأسف معظم المتدينيين فيشوّهون الدين والزواج والتعدد!!
لا ترفع السقف يا شيخنا، فالقاعدة و البناء البشري غير متين، و من يفرط أكثر ممن يطبق ويصون، غير إنّ سقوفنا للأسف مرفوعة من قبل ترنو بحسرة إلى رجال كمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يسع الغيور ويحترم الكبيرة ويلاعب الصغيرة ويرضي خاطر المغضبة ويحفظ ودّ المتوفاة..
ونبقى على أمل أن يعود الزمان الجميل برجال يستوصون بالقوارير خيرا.
موضوع اعجبني
ام سراااج