قمت من نومي فزعاً قلقاً.. حزيناً كئيباً.. كأني قمت إلى المحشر.. ولم أعمل من الصالحات ولا حتى مثقال ذرة تذكر.. بعدما تراءى لي في المنام هاتف يقول لي :
يا أيها الراقد كم ترقد
قم يا حبيبي قد دنا الموعد
وكان سبب خوفي وفزعي.. وألمي وحزني.. وغمي وهمي.. تذكري الوعد الذي قطعته لصاحبي.. ورفيق دربي.. بأني سأوافيه على العنوان.. في المكان المحدد والزمان.. فلا يخاف مني خلف أو نقصان.. ولا إهمال أو سرحان.. لأني قرأت في القرآن.. آيات تحث على الوفاء بالعهد.. ومن ضمنها آيات ذكرت في سورة الإسراء والرعد.. حيث قال تعالى : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } ( الأسراء:34) وقال عز من قائل : { الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ } (الرعد : 20) .. فأولئك هم أصحاب الوفاق.. وقد نفي النبي العدنان.. عمن خلف الوعد الإيمان.. وعده من أهل الفسوق والعصيان..
إن الكريم إذا حباك بموعد
أعطاكه سلسلاً بغير مطال
ولكن تحدث أمور لا تكون في الحسبان.. ولا يقدر أن يدفعها الإنسان.. فقد تعيقه فلا يفي بالوعد.. وما قطعه من عهد.. ورغم أن نهوضي كان على مشارف الوقت المعد.. فنهضت من سريري.. ومن العجلة لم أذق طعم إفطاري.. وخرجت من البيت على عجل.. وأنا من الموقف خجل.. حاملاً فوق كتفي عمامتي ونعالي.. داعياً الله الرفق بحالي.. وعند عتبة الباب.. وقبل الخروج من السرداب.. تذكرت آية ذكرت في الكتاب :{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } (المعارج: 43).. فمن الهم والضيق كأني في يوم العذاب.. فراعني الموقف فاستعذت من الشيطان.. وأطلقت لرجلي العنان.. لتسابق الريح.. ومن الهم النفس تستريح.. وأعود بعد اللقاء بالفلاح.. واضعاً نصب عيني أن هذا هو عين الصلاح.. ولقوله تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } (المؤمنون :8 ، والمعارج :32 ) للحياة منهج ومفتاح.. مردداً قول أبو الفتح :
توق الخلاف إن سمحت بموعد
لتسلم من هجر الورى وتعافى
وبعد وصولي إلى المكان المضروب.. ورغم تأخري قليلاً بسبب كثرة الدروب.. حيث اكتشفت أني تأخرت بضع دقائق.. لأنها اعترضتني كثير من العوائق.. لكني تخلصت منها بأسلوب رائق.. وهناك لم أجد الخل المطلوب.. فخيل لي أن الشمس أحالت إلى الغروب.. فبكيت على إخلالي وضياع الأمر المرغوب.. مؤنباً نفسي ومردداً قول أبو تراب.. في نصح أولي الألباب :
ولا خير في وعد إذا كان كاذباً
ولا خير في قول إذا لم يكن فعل
وفي ذلك اليوم.. اعتصرني الندم.. وسيطر عليّ الهم والغم.. ولعنت الكسل وساعته.. ولو كان رجلاً لقاتلته.. لأني تخوفت أن يكون صاحبي قد أتى في الموعد المحدد.. وعندما لم يجدني ولى مدبراً وهو يتوعد.. واضعاً في مخيلته أني قد أخلفت الوعد.. وتخوفت أن يقتنع بذلك ثم يعقب على إخلافي.. ويسخر مني لعدم وفائي.. ولو تحججت له بالمعاذير.. وأخبرته عن سبب التأخير.. وأن هذا ليس من عادتي.. ولا من أسلوبي ولا يتماشى مع أخلاقي.. ولو قلت له بأن النوم سلطان.. لا يقدر أن يدفعه الإنسان.. متى أراد أو حاول ومهما أوتي من قوة أو سلطان.. وتيقنت بأنه لن يقبل أعذاري.. وما أبديه من اعتذاري.. وسوف يقول لي : إنها حجج ومعاذير.. ولكنك لم تكن تحذر من المحاذير.. مردداً أبيات من الشعر :
آفة أهل الفضل خلف الموعد
إن الكريم يمنع المطالا
ماذا على المخلف لو لم يعد
في وعده وينجز النوالا
ثم يقول بعد ذلك : وهذه المعاذير في نظري أوهى من بيت العنكبوت.. ويجب أن توفي بالعهد ولو كنت على مشارف الموت.. فجلست أندب حظي.. وأرثي نفسي.. فأضرب أخماس في أسداس.. وكلي فزع وخوف كأنه أصابني الإفلاس.. وفي الحقيقة.. منعني الحياء من رؤية وجه صاحبي مرة أخرى.. واستحياءاً وخجلاً بسبب إخلافي لوعدي.. ومخالفتي لمنهج دربي ..
وإذا وعدت فعد بما تقوى على
إنجازه وإذا صنعت فتمم
وبعد أيام معدودة.. كأنه مضى من عمري دهور عديدة.. اتصل بي صاحبي.. ليخبرني بأنه قد نسى الموعد المضروب.. وأنه يأسف لعدم الحضور في الموعد المطلوب.. وقال لي : قاتل الله النسيان.. فإنه لم يبقَ للإنسان.. ما يدخـره لكوارث الزمان.. وجلـس يتكلم أكثر من ساعة.. يذكر فيها أعذاره.. وأنا منصت لكلامه.. ولم أغضب على إخلافه.. لأني متعود على أمثاله.. لأنهم أصبحوا لا يهتمون بالوعود.. ولو قطعوا على أنفسهم العهود.. وكأن هذا لابد أن يكون وهو المعهود.. وكنت في تلك الساعة كأني جالس على جمرة من نار.. أو تحت شمس القيظ في يوم صيف حار.. ولكن والحمد لله كظمت غيظي.. وأسكت غضبي.. وحمدت ربي.. لأني لم أخلف وعدي.. وتذكرت قول كعب بن زهير:
لشتان بين من يدعو فيوفي بوعده
ومن هو للعهد المؤكد خالع
فهذا الذي جعل الغرب ينظر إلى المسلمين نظرة تهكم وسخرية.. وعلى أننا أصحاب الوعود الكاذبة.. فمتى يا ترى يستقيم وضعنا ونكون أهلاً لتلك الخيرية؟!.. أم يا ترى زماننا ولى وأتى دور أهل الوثنية.. يتربعون على عرش الحضارة وينظروا إلينا من علية؟!.. رغم أن كتابنا فيه الترياق لكل بلية.. وفيه الشفاء واللمسة السحرية.. فمتى تكون العودة إليه عودة حقيقية؟!.. لعادت إلينا عزتنا وكرامتنا المنسية..
وما فتئ الزمان يدور حتى
مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي
وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر
سؤال الدهر أين المسلمونا؟!!
ترى هل يرجع الماضي فإني
أذوب لذلك الماضي حنينا
وما يعقلها الا العالمون ******** ومن عاهد وفى
يا أيها الراقد كم ترقد
قم يا حبيبي قد دنا الموعد
وكان سبب خوفي وفزعي.. وألمي وحزني.. وغمي وهمي.. تذكري الوعد الذي قطعته لصاحبي.. ورفيق دربي.. بأني سأوافيه على العنوان.. في المكان المحدد والزمان.. فلا يخاف مني خلف أو نقصان.. ولا إهمال أو سرحان.. لأني قرأت في القرآن.. آيات تحث على الوفاء بالعهد.. ومن ضمنها آيات ذكرت في سورة الإسراء والرعد.. حيث قال تعالى : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } ( الأسراء:34) وقال عز من قائل : { الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ } (الرعد : 20) .. فأولئك هم أصحاب الوفاق.. وقد نفي النبي العدنان.. عمن خلف الوعد الإيمان.. وعده من أهل الفسوق والعصيان..
إن الكريم إذا حباك بموعد
أعطاكه سلسلاً بغير مطال
ولكن تحدث أمور لا تكون في الحسبان.. ولا يقدر أن يدفعها الإنسان.. فقد تعيقه فلا يفي بالوعد.. وما قطعه من عهد.. ورغم أن نهوضي كان على مشارف الوقت المعد.. فنهضت من سريري.. ومن العجلة لم أذق طعم إفطاري.. وخرجت من البيت على عجل.. وأنا من الموقف خجل.. حاملاً فوق كتفي عمامتي ونعالي.. داعياً الله الرفق بحالي.. وعند عتبة الباب.. وقبل الخروج من السرداب.. تذكرت آية ذكرت في الكتاب :{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } (المعارج: 43).. فمن الهم والضيق كأني في يوم العذاب.. فراعني الموقف فاستعذت من الشيطان.. وأطلقت لرجلي العنان.. لتسابق الريح.. ومن الهم النفس تستريح.. وأعود بعد اللقاء بالفلاح.. واضعاً نصب عيني أن هذا هو عين الصلاح.. ولقوله تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } (المؤمنون :8 ، والمعارج :32 ) للحياة منهج ومفتاح.. مردداً قول أبو الفتح :
توق الخلاف إن سمحت بموعد
لتسلم من هجر الورى وتعافى
وبعد وصولي إلى المكان المضروب.. ورغم تأخري قليلاً بسبب كثرة الدروب.. حيث اكتشفت أني تأخرت بضع دقائق.. لأنها اعترضتني كثير من العوائق.. لكني تخلصت منها بأسلوب رائق.. وهناك لم أجد الخل المطلوب.. فخيل لي أن الشمس أحالت إلى الغروب.. فبكيت على إخلالي وضياع الأمر المرغوب.. مؤنباً نفسي ومردداً قول أبو تراب.. في نصح أولي الألباب :
ولا خير في وعد إذا كان كاذباً
ولا خير في قول إذا لم يكن فعل
وفي ذلك اليوم.. اعتصرني الندم.. وسيطر عليّ الهم والغم.. ولعنت الكسل وساعته.. ولو كان رجلاً لقاتلته.. لأني تخوفت أن يكون صاحبي قد أتى في الموعد المحدد.. وعندما لم يجدني ولى مدبراً وهو يتوعد.. واضعاً في مخيلته أني قد أخلفت الوعد.. وتخوفت أن يقتنع بذلك ثم يعقب على إخلافي.. ويسخر مني لعدم وفائي.. ولو تحججت له بالمعاذير.. وأخبرته عن سبب التأخير.. وأن هذا ليس من عادتي.. ولا من أسلوبي ولا يتماشى مع أخلاقي.. ولو قلت له بأن النوم سلطان.. لا يقدر أن يدفعه الإنسان.. متى أراد أو حاول ومهما أوتي من قوة أو سلطان.. وتيقنت بأنه لن يقبل أعذاري.. وما أبديه من اعتذاري.. وسوف يقول لي : إنها حجج ومعاذير.. ولكنك لم تكن تحذر من المحاذير.. مردداً أبيات من الشعر :
آفة أهل الفضل خلف الموعد
إن الكريم يمنع المطالا
ماذا على المخلف لو لم يعد
في وعده وينجز النوالا
ثم يقول بعد ذلك : وهذه المعاذير في نظري أوهى من بيت العنكبوت.. ويجب أن توفي بالعهد ولو كنت على مشارف الموت.. فجلست أندب حظي.. وأرثي نفسي.. فأضرب أخماس في أسداس.. وكلي فزع وخوف كأنه أصابني الإفلاس.. وفي الحقيقة.. منعني الحياء من رؤية وجه صاحبي مرة أخرى.. واستحياءاً وخجلاً بسبب إخلافي لوعدي.. ومخالفتي لمنهج دربي ..
وإذا وعدت فعد بما تقوى على
إنجازه وإذا صنعت فتمم
وبعد أيام معدودة.. كأنه مضى من عمري دهور عديدة.. اتصل بي صاحبي.. ليخبرني بأنه قد نسى الموعد المضروب.. وأنه يأسف لعدم الحضور في الموعد المطلوب.. وقال لي : قاتل الله النسيان.. فإنه لم يبقَ للإنسان.. ما يدخـره لكوارث الزمان.. وجلـس يتكلم أكثر من ساعة.. يذكر فيها أعذاره.. وأنا منصت لكلامه.. ولم أغضب على إخلافه.. لأني متعود على أمثاله.. لأنهم أصبحوا لا يهتمون بالوعود.. ولو قطعوا على أنفسهم العهود.. وكأن هذا لابد أن يكون وهو المعهود.. وكنت في تلك الساعة كأني جالس على جمرة من نار.. أو تحت شمس القيظ في يوم صيف حار.. ولكن والحمد لله كظمت غيظي.. وأسكت غضبي.. وحمدت ربي.. لأني لم أخلف وعدي.. وتذكرت قول كعب بن زهير:
لشتان بين من يدعو فيوفي بوعده
ومن هو للعهد المؤكد خالع
فهذا الذي جعل الغرب ينظر إلى المسلمين نظرة تهكم وسخرية.. وعلى أننا أصحاب الوعود الكاذبة.. فمتى يا ترى يستقيم وضعنا ونكون أهلاً لتلك الخيرية؟!.. أم يا ترى زماننا ولى وأتى دور أهل الوثنية.. يتربعون على عرش الحضارة وينظروا إلينا من علية؟!.. رغم أن كتابنا فيه الترياق لكل بلية.. وفيه الشفاء واللمسة السحرية.. فمتى تكون العودة إليه عودة حقيقية؟!.. لعادت إلينا عزتنا وكرامتنا المنسية..
وما فتئ الزمان يدور حتى
مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي
وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر
سؤال الدهر أين المسلمونا؟!!
ترى هل يرجع الماضي فإني
أذوب لذلك الماضي حنينا
وما يعقلها الا العالمون ******** ومن عاهد وفى