الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

حكمة تفاو ت الناس في العقل ..

مملكة الاسلامية العامة

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Dudu
    كاتب الموضوع
    Banned
    • May 2015
    • 27 

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    اختلف الناس فيه و الحق أن التفاوت يتطرق إلى القسم الأول و الثالث و الرابع ..

    أما الثاني فهو العلم بوجوب الضروريات و جواز الجائزات و استحالة المستحيلات و هو غير قابل للتفاوت ..

    القســـــم الأول ..

    و هو الغريزة .. فالتفاوت فيه لا سبيل إلى جحده .. فإنه مثل نور يشرق على النفس و مبادئ اشراقه عند سن التمييز
    ثم لا يزال ينمو إلى تمام الأربعين ..

    و قد شاهدنا في ذلك مختلفين في فهم العلوم و انقسامهم إلى ذكي و بليد و مغفل و يقظ .

    و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث طويل آخره : " قال الله تعالى : إني خلقت العقل من أصناف شتى كعدد الرمل .. فمن الناس من أعطي حبة و منهم
    من أعطي حبتين و منهم الثلاث و الأربع و مهم من أعطي فرقا و منهم من أعطي وسقاو منهم من أعطي أكثر من ذلك ".

    و من الحكايات الكثيرة عن تفاوت العقل أذكر هنا ما حكي عن بعض الأطباء انه دخل على مريض فجس نبضه و شاهد تفسرته فقال له :

    لعلك تناولت شيئا من الفواكه ؟

    قال المريض : نعم .

    فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكلها فإنها تضرك .

    ثم دخل عليه اليوم الثاني و رأى النبض و التفسرة فقال : لعلك أكلت لحم الفروج ؟

    قال المريض : نعم .

    فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكله فإنه يضرك .

    فتعجب الناس من حذق الطبيب .. و كان للطبيب ابن فقال له : ياأبت

    كيف عرفت تناوله للفاكهة و الفروج ؟
    قال : يا بني ما عرفت ذلك بالطب وحده بل بالطب و الفراسة .

    فقال له كيف عرفت بالفراسة ؟؟

    فقال : إني لما دخلت دار المريض رأيت على سطح الدار سقاطات الفواكه ثم رأيت في وجهه انتفاخا و في النبض لينا و في التفسرة غلظا و فجاجة ,

    و علمت أن الفاكهة إذا أحضرت عند المريض فإنه لا يصبر عنها فظهر لي ما ظهر من الشواهد أنه تناول الفاكهة

    و ما جزمت بها بل قلت : لعلك أكلت ..

    و في اليوم الثاني رأيت على باب الدار ريش الفروج و لا حظت في نبضه امتلاءا و في الرسوب غلظة , فعرفت أن الفروج لا يأكله إلا المريض غالبا .. فظهر بهذه الشواهد

    و ما جزمت به بل قلت له : لعلك فعلت هذا .

    فسمع ابنه هذا الكلام فأحب أن يسلك مسلك أبيه ..

    فدخل على مريض و جس نبضه و شاهد تفسرته

    فقال له : لعلك أكلت لحم حمار

    فقال المريض : حاشا و كلا كيف يؤكل لحم الحمار أيها الطبيب ؟؟؟

    فخجل ابن الطبيب و خرج , و انتهى ذلك إلى أبيه فسأله : كيف عرفت أنه أكل لحم الحمار ؟

    فقال : لأني رأيت في دارهم برذعة فعلمت أنها لا تكون إلا للحمار ثم قلت في نفسي .. لو كان الحمار حيا لكانت برذعته عليه و إذا لم يكن حيا فإنهم ذبحوه و أكلوه .

    فقال أبوه : لو كان شيء من هذه المقدمات صحيحا لرجوت فيك النجابة و الذكاء , و لكن المقدمات كلها فاسدة و طمع النجابة فيك محال .. و نعم من قال :

    فلا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع

    و حكي أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان جالسا يذكر الدروس , فدخل عليه شخص ذو هيئة فلما بدا قال أبو حنيفة لأصحابه : تثبتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..

    فلما جلس و أبو حنيفة يذكر أوقات الصلاة , قال أبو حنيفة : أما الصبح فوقته من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس .. فإذا طلعت الشمس زال وقته ..

    فقال ذلك الرجل : فإن طلعت الشمس قبل الفجر كيف يكون حكمها ؟؟

    فالتفت أبو حنيفة إلى أصحابه و قال : كونوا كما شئتم فإن الأمر عل خلاف ما حسبنا ..

    و المقصود هنا أنه لما دخل عليهم الرجل حسبه أبو حنيفة من العقلاء و اغتر في هيئته و منظره المهيب و لذلك نبه أصحابه بقوله : تثيتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..

    و لكن عندما سأله الرجل السؤال الذي ينم عن قلة عقله و قلة نجابته , علم منه ماعلم فالتفت لأصحابه و قال لهم ماقال .

    و حكي أن معاوية بن مروان ضاع له باز فقال : أغلقوا باب المدينة كيلا يخرج ..

    أما القســـم الثالث ..

    و هو علم التجارب و الرسوم و العادات ..

    فتفاوت الناس فيه ظاهر و يدل عليه ما حكي عن أبا النجم عندما دخل على هشام بن عبد الملك و أنشد أرجوزته التي أولها :

    الحمــد لله الواهب المجزل

    و هي من أجود شعره و كان هشام مصغي له إلى أن أنتهى إلى قوله :

    و الشمس في الجو كعين الأحول

    فغضب هشام و كان أحول و أمر بصفعه و إخراجه .

    و حكي أن بعض الملوك قال لصاحب خيله : قدم الفرس الأبيض ..

    فقال له الوزير : لا تقل الفرس الأبيض فإنه عيب يخل بهيبة الملوك و لكن قل الأشهب ..

    فلما أحضر السماط قال الملك لصاحب سماطه .. قدم الصحن الأشهب .

    فقال له الوزير : قل ما شئت فما في تقويمك حيلة .

    و حكي أن عتاب بن ورقاء دخل على عمرو بن هداب و كان قد كف بصره فقال له :

    يا سيدي لا يسؤك فقدهما " يقصد هنا عينيه لأنه رآه أعمى " فإنك لو رأيت ثوابهما .. لتمنيت أن الله تعالى يقطع يديك و رجليك و يدق عنقك .

    القســـــم الرابع ..

    وهو إنتهاء القوة الغريزية إلى حد يعرف به عواقب الأمور و يقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة لأجل سلامة العاقبة .

    و لا يخفى اختلاف الناس فيه فإن إقدام الشبان على المعاصي أكثر من إقدام المشايخ و كذلك إقدامالعلماء أقل من إقدام العوام و ذلك لقوة علمهم بضرر المعاصي ..

    كما ترى ان الأطباء أقدر على الإحتمال من غيرهم ..

    و أحب أن أذكره هنا حكاية جميلة جدا مثلا على ما ذكرت ..

    و هي أنه كان هناك بعض الملوك كان يتخذ كل سنة وزيرا فإذا تمت السنة عزله و بعثه إلى جزيرة .. و استوزر غيره

    إلى ان اتخذ وزيرا عاقلا , فلما تولى الوزير منصبه الجديد بعث إلى تلك الجزيرة و بنى بها دارا لنفسه و نقل إليها ما كان من الأموال و كل مايلزمه ليعيش هناك ..

    فلما تمت السنة لم يعزله الملك بل أقره على حاله ..

    فسئل الملك عن ذلك فقال : اعلموا أني كنت محتاجا إلى وير عاقل ينظر في عواقب الامور ..

    فما وجدت إلا من يراعي الحال و لا ينظر في العواقب فكرهت أن أعجل عزلهم فصبرت على سوء تدبيرهم سنة , فلما عزلتهم كرهت اختلاطهم بالناس و هم مطلعين على اسرار ملكي فبعثتهم كما تعلمون إلى الجزيرة..

    و أما هذا الرجل فوجدته مراعيا للعواقب في جميع أموره , فلست أستبدل به أحدا ما دام هذا تدبيره ..

    و الله الموفق للصواب بمنه و كرمه
    مواضيع ذات صلة
يتصفح هذا الموضوع الآن
تقليص

المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

يعمل...
X