الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

كذبات أمي الثمانيــة

مملكة القصص الواقعية

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الطيرالمغدور
    كاتب الموضوع
    أعضاء نشطين
    • Jan 2013
    • 309 

    تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة ‏شديدة الفقر

    فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....

    وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد ‏جوعنا :

    كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من ‏طبقها إلى

    طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست ‏جائعة ..

    وكانت هذه كذبتها الأولى



    وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون ‏المنزل وتذهب

    للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان عندها أمل أن ‏أتناول سمكة قد

    تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من المرات ‏استطاعت بفضل

    الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ‏ووضعت

    السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ‏، وكانت أمي

    تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز ‏قلبي لذلك ،

    وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي ‏فورا وقالت :

    يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب ‏السمك ..

    وكانت هذه كذبتها الثانية




    وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن ‏معنا من المال

    ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق ‏واتفقت مع موظف بأحد

    محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور ‏على المنازل

    وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، ‏تأخرت أمي في

    العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في ‏الشوارع المجاورة ،

    ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : ‏أمي ، هيا نعود

    إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن ‏تواصلي العمل في الصباح ،

    فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..

    وكانت هذه كذبتها الثالثة




    وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي ‏على الذهاب معي ،

    ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس ‏المحرقة ،

    وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها ‏فاحتضنتني بقوة ودفء

    وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه ‏مشروب كانت

    قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة ‏العطش حتى ارتويت ،

    بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ، ‏وفجأة نظرت

    إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب ‏على الفور وقلت لها :

    اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست ‏عطشانة ..

    وكانت هذه كذبتها الرابعة



    وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة ‏الوحيدة ، وأصبحت

    مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب عليها أن توفر ‏جميع الاحتياجات ،

    فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان ‏عمي رجلا طيبا

    وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما ‏رأى الجيران

    حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج ‏رجلا ينفق

    علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج ‏قائلة :

    أنا لست بحاجة إلى الحب ..

    وكانت هذه كذبتها الخامسة



    وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، ‏حصلت على وظيفة

    إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي ‏تستريح أمي

    وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك ‏الوقت لم يعد

    لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، ‏فكانت تفرش فرشا

    في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن ‏تترك العمل

    خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة :

    يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..

    وكانت هذه كذبتها السادسة



    وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة ‏الماجيستير ،

    وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية ‏التي أعمل بها

    الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت ‏بسعادة بالغة ،

    وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت ‏وهيأت الظروف ،

    اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم ‏تحب أن تضايقني

    وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على المعيشة المترفة ‏‏...

    وكانت هذه كذبتها السابعة


    ‏ كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض ‏السرطان اللعين ،

    وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن ماذا أفعل ‏فبيني وبين

    أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في ‏منزلنا ، فوجدتها

    طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت ‏أمي أن تبتسم لي

    ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ‏ليست أمي

    التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت ‏أن تواسيني

    فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...

    وكانت هذه كذبتها الثامنة


    وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها ‏أبدا ....




    ‏ إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :

    حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ...

    وإلى كل من فقد أمه الحبيبة :

    تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، وادع الله تعالى لها ‏بالرحمة والمغفرة
    مواضيع ذات صلة
يتصفح هذا الموضوع الآن
تقليص

المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

يعمل...
X