فلسفة الحياة بمنظار تربوي
وقف أستاذ الفلسفة أمام تلاميذه، وعلى غير عادته، فلقد أحضر معه هذه المرة بعض الأواني
والأكياس.. أحضر معه وعاء زجاجيا كبيرا، كالذي يستخدم في حفظ المخللات، وكرات الجولف،
وأكياس أخرى.. وكوبا كبيرا من القهوة الساخنة، احتسى منه بضع جرعات.
وعندما حان وقت الدرس، لم يتفوه الأستاذ بكلمة.. بل بدأ بالعمل في صمت.. أخذ كرات الجولف، وملأ
بها الوعاء الزجاجي، وسأل تلاميذه الذين كانوا ينظرون إليه بدهشة واستغراب : " هل الزجاجة
مملؤة الآن "؟..
فأجابوا جميعا : " نعم، وعلى الآخر ".
ثم أخذ كيسا آخر، به قطع صغيرة من الحصى، وأفرغه في الوعاء الزجاجي، مع رجة حتى يجد
الحصى مكانا له بين كرات الجولف.
وسأل تلاميذه مجددا : " هل الزجاجة مملؤة الآن "؟..
فأجابوا جميعا : " نعم، هي مملؤة ".
ثم أخذ كيسا آخر به رمل ناعم، وأفرغه في الوعاء الزجاجي، مع رجة خفيفة حتى امتلأت جميع
الفراغات بالرمل الناعم.
وسأل تلاميذه مرة أخرى : " هل الزجاجة مملؤة الآن "؟..
فأجابوا جميعا بلهفة : " نعم، نعم "!..
التقط بعدها الاستاذ كوب القهوة، وسكب ما بقى به، داخل الوعاء الزجاجي.. فتغلغل السائل في الرمل..
فضحك التلاميذ مندهشين.
انتظر الاستاذ حتى توقف الضحك، وحل الصمت، ثم أردف قائلا :
" أريدكم أن تعرفوا، أن هذا الوعاء الزجاجي، يمثل الحياة.. حياة كل واحد منكم.. كرات الجولف،
تمثل الأشياء الرئيسة في حياتنا : كالدين، والأسرة، والأطفال، والمجتمع، والأخلاق، والصحة.. هذه
الأشياء التي لو ضاع كل شيء آخر غيرها، لاستمر الإنسان في الحياة.
أما قطع الحصى، فهي تمثل الأشياء الأخرى المهمة مثل : الوظيفة، والسيارة، والبيت.
وأما الرمل، فهو يمثل كل الأشياء الصغيرة في حياتنا، والتي لا حصر لها.
فلو أنكم تملؤون الوعاء الزجاجي بالرمل، قبل وضع كرات الجولف، فلن يكون هناك مجال لكرات
الجولف.. ولن يجد الحصى مجالا له بعد امتلاء الوعاء بالرمل.
ونفس الشيء بالنسبة للحصى.. فلو أننا وضعناه في الوعاء قبل كرات الجولف، فلن نجد مجالا لها.
وهذا ينطبق تماما على حياتنا، فلو أننا شغلنا أنفسنا فقط بالأشياء الصغيرة.. فلن نجد طاقة للأمور
الكبيرة والمهمة في حياتنا : كالدين، والأسرة، والمجتمع، والصحة.
فعليكم بالاهتمام بصحتكم أولا، والقيام بواجباتكم الدينية، واهتموا بأسركم وأولادكم.. ثم اهتموا بالأمور
الأخرى المهمة : كالبيت، والسيارة.
وبعدها فقط، يأتي دور الأشياء الصغيرة في حياتنا : كالزيارات، والنظر إلى يحل النظر إليه ".
وكان الاستاذ على وشك أن يلملم حاجياته، عندما رفعت إحدى التلميذات يدها لتسأل :
" وماذا عن القهوة يا أستاذ "؟..
" سعيد جدا بهذا السؤال "!.. أجاب الاستاذ
" فمهما كانت حياتك حافلة ومليئة بالأحداث، فلا بد أن يكون فيها متسع لفنجان من القهوة مع صديق أو حبيب