الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

الاعجاز في قوله {وتلك الايام نداولها بين الناس}

مملكة القران الكريم

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة






    وتلك الأيام نداولها

    تتعاقب الأيام والسنون، وتتقلب مع تعاقبها أحوال الناس وتتغير وتتبدل، ففي كل يوم
    شأن وفي كل سنة أمر. ‏‏كل ذلك بسبب سعي الناس وكسبهم، وبحسب اجتهادهم
    وفلاحهم أو عجزهم وخيبتهم. وهنا تثور بعض ‏‏الاسئلة الكبرى. كيف تتداول الأيام
    ولماذا تتداول وما موقف المسلم من كل ذلك التداول؟
    ونتلمس الإجابة على ذلك فيما يلى وباختصار.‏
    مفتاح النظر في تداول الإيام قول الله تعالى:
    (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا ‏‏بَيْنَ ٱلنَّاسِ
    وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِين *
    وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ‏‏وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ)
    سورة آل عمران الآيات 140-141.‏




    هذه الآية تبين أن الأيام يداولها الله تعالى بين الناس. والمداولة معناها في اللغة - كما
    ذكر المفسرون - نقل ‏‏الشيء من واحد إلى آخر، يقال: تداولته الأيدي إذا تناقلته، ومنه
    قوله تعالى في سورة الحشر: آية 7:
    (كَى لاَ ‏‏يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَاء مِنكُمْ)
    أي الأموال تتداولونها ولا تجعلون للفقراء منها نصيباً. والآية تشير إلى حدث ‏‏بعينه
    كمثال لتنقل الإيام بين الناس لتجعله قاعدة عامة وهو ما أصاب المسلمين في
    غزوة أحد من قرح وهو ‏‏القتل والجراحات والهزيمة، فإذا كان ذلك قد وقع
    بالمسلمين فقد وقعت بأعدائهم هزيمة وقتل وجراحات سابقة ‏‏في بدر، وكذلك
    يداول الله تعالى الأيام بين الناس، يعني يداول ما يصيب الناس فيها من منافع
    ومضار، فيوم ‏‏يحصل فيه السرور للمسلمين ويحصل فيه الغم للأعداء، ويوم آخر
    بالعكس من ذلك.‏



    ومع أن الآية لا تكشف في هذا الموضع كيف يداول الله تعالى أحوال الناس بين
    الأيام ويبدلها ويغيرها، إلا أن ‏‏القرآن في مواضع أخرى يوضح أن ذلك التغيير في
    حياة المرء أو في مجتمعة من رخاء وشدة أو نصر ‏‏وهزيمة أو عز أو ذل، إنما يحدث
    بكسب الناس وبأسباب ووسائل يأخذ بها الناس، وفقا لسنن ثابتة ونواميس
    ‏‏محددة.
    ومن هذه المواضع قول الله تعالى في سورة الرعد آية 11:
    (إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا ‏‏بِأَنْفُسِهِمْ)
    وفي سورة الأنفال آية 53:
    (ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا
    عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا ‏‏بِأَنْفُسِهِمْ).‏




    وتمضي الآية إلى بيان قاعدة تداول الأيام ليكشف للناس ما في هذا التداول من
    مصالح وحكم بالإشارة إلى ‏‏مثال التداول الذي حدث في غزوة أحد وغزوة بدر،
    فتؤكد أن هزيمة المسلمين في أحد وانتصار أعدائهم، ‏‏عكس ما حدث في غزوة
    بدر، ليست امرا عابرا وحدثا وقع جزافا، إنما وراءه حكم ومصالح، منها تمحيص ‏‏
    الناس بالهزيمة والنصر واختبار استعداداتهم النفسية والمادية، وتمييز صفوفهم
    بيان وجوه الضعف ووجوه ‏‏القوة، ومنها اتخاذ شهداء يموتون من أجل عقيدتهم
    ويبذلون أنفسهم ومهجهم في سبيل انتصار الإسلام ‏‏وإعلائه في الأرض، ومنها
    أن تتهيأ الفئة المسلمة وتحسن إعداد قوتها المادية والإيمانية فتكون النتيجة
    ‏‏النهائية محق الكفر ومحو هيمنته وجبروته واستبداده.‏ ‏كل تلك وغيرها هي بعض
    المصالح والحكم من تداول الأيام، وهي تؤكد ان ما يصيب المسلمين في فترة
    من ‏‏فترات تاريخهم من ضعف واضطهاد وهوان، ليس إلا طرفا من تحقق قاعدة
    تداول الإيام بين الناس، التي إن ‏‏وعاها الناس وفهموها حق فهمها انفتح لهم
    الأمل في أن ما هم فيه من حال ليس أمرا مستقرا ثابتا، ولكنه ‏‏أمر مؤقت
    وطارئ يمكن تغييره وتبديله إن درسوا أسبابه ونظروا في مكوناته، واستخرجوا
    من وقائعه ‏‏الدروس ومن الهزيمة ما يحولها إلى نصر، ومن الضعف ما يبدله إلى
    قوة، والله غالب على أمره ولكن أكثر ‏‏الناس لا يعلمون.‏



    وإذا جاء النصر والفتح وتبدل الاستضعاف إلى قوة وإمامة للناس ووراثة للأرض
    وتمكين للدين وتبديل من ‏الخوف إلى الأمن، فهو ايضا ابتلاء واختبار، يحتاج
    إلى صبر وثبات قد يكون أصعب وأثقل من الصبر في ‏وقت الضعف والهوان، ذلك
    أن القوة والسلطة مظنة الطغيان ومظنة الغرور والتكبر. وفي سورة كاملة يبين
    ‏الله تعالى مشاعر المسلم في وقت النصر والفرج فيقول:
    { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } *
    { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ ‏يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } *
    { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }‏



    يقول سيد قطب تعليقا على هذه السورة:‏
    هذه السورة الصغيرة.. تحمل البشرى لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنصر
    الله والفتح ودخول الناس في ‏دين الله أفواجاً؛ وتوجهه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
    حين يتحقق نصر الله وفتحه واجتماع الناس على دينه إلى ‏التوجه إلى ربه
    بالتسبيح والحمد والاستغفار .

    .
    .
    مواضيع ذات صلة

    #2
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
    تعليق

      #3
      جزاكم الله خيرا
      تعليق
      يتصفح هذا الموضوع الآن
      تقليص

      المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

      يعمل...
      X